اقتصادصحيفة البعث

“السورية للتأمين” تحمي محفظة العاملين في الدولة من سوء الاستخدام والخزينة تتكفل بـ 8 مليارات سنوياً

دمشق – محمد زكريا

بما أن موجة ارتفاع الأسعار هائجة بشكل جنونيّ هذه الأيام، حيث لم تعد الأسعار كما كانت، فلا ضير في أن يواكب هذه الموجة ارتفاع سقوف التأمين الصحي للعاملين بالدولة في القطاع الإداري لتصبح 500 ليرة سورية شهرياً بدلاً من 250 ليرة، شريطة تحسين مستوى وجودة الخدمات المقدّمة للمؤمن عليه لجهة المشافي والصيدليات ودور الأشعة إلى جانب تغطية كافة مطالبات المؤمّن التي يتقدّم بها.

جدل..

وللتوضيح، فإن ما يتعلّق بهذا الجانب خلال السنوات الماضية هو كثرة الجدل حول النسب التي يتمّ اقتطاعها من العاملين في القطاع الإداري لمصلحة التأمين الصحي، على اعتبار أن هذه النسب قليلة جداً، حيث يتمّ اقتطاع 3 آلاف ليرة فقط من كل مؤمّن ضمن هذا القطاع، في حين تتكفل الدولة بتسديد 500 ألف ليرة لكل مؤمّن، وبالتالي تصل فاتورة التسديد لجهة التأمين الصحي لهذا القطاع سنوياً إلى نحو 8.627 مليارات ليرة تتحمّلها الخزينة العامة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذه المحفظة التأمينية تعرّضت لسوء استخدام وضعف عمليات التدقيق فيها الناجمة عن مشكلات إدارية تتعلّق بعزل بعض المناطق نتيجة ظروف الحرب، إلى جانب انقطاع الاتصالات والتيار الكهربائي وتغيّر أسعار الصرف.

وأمام هذا الواقع لجأت وزارة المالية إلى إصدار تعميم ينصّ على تعديل سقف التغطية الطبية للعاملين المؤمّنين في القطاعين العام والخاص داخل المشافي ليصبح 650 ألف ليرة سورية سنوياً بدلاً من 500 ألف ليرة متضمنة 150 ألفاً للبدائل الصناعية بدلاً من 100 ألف ليرة سابقاً، وذلك بدءاً من الأول من تموز القادم بناء على موافقة رئاسة مجلس الوزراء.

خروج

مدير عام المؤسسة السورية للتأمين إياد زهرة أشار إلى خروج عدد كبير من مقدّمي الخدمات عن خدمة المؤمّنين لعدم كفاية الأجور والأسعار المتفق عليها، وأن المؤسّسة سعت خلال الفترة الماضية للتواصل مع العديد من النقابات الطبية والروابط والهيئات المشرفة، وتمّ عقد اجتماعات ولقاءات عدة معهم  للوصول إلى صيغة توافقية مقبولة تتلاءم مع القوة الشرائية المنخفضة والقدرة على التمويل الإجمالي للمحفظة التأمينية للقطاعين الخاص والعام بشقيه الإداري والاقتصادي، حيث تمّ اعتماد دراسة خاصة بذلك قدّم من خلالها تعديل الأسعار، وذلك بما يُسمّى التعرفة التأمينية الطبية لتكون منطلقاً لتسعير عقود التأمين في كل الشركات العاملة في القطر.

أسباب موجبة

وأوضح زهرة لـ “البعث” أن من الأسباب الموجبة لتعميم رفع سقف التأمين الصحي للعاملين في القطاع الإداري في الدولة هو وجود نمو حقيقي بأرقام عدد المنضوين تحت ظل المحفظة التأمينية الخاصة بموظفي القطاع الإداري في الدولة بمختلف القطاعات، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى ضعف الخدمة الطبية لشريحة كبيرة من المؤمّنين في ظل ارتفاع الأسعار وتقلّب سعر الصرف، يقابل ذلك أن وجود هذه التعرفة الجديدة سيمكّن هذا القطاع من خلق منتجات تأمينية مختلفة تتناسب مع القدرة الشرائية لشريحة جيدة يمكن خدمتها بأسعار مقبولة مبنية على مبدأ قانون الأعداد الكبيرة، والذي يمكن من خلاله تحمّل نفقات عالية لبعض المنضوين من خلال شرائح جديدة تكون أقل إنفاقاً للخدمة الطبية بما يتناسب مع الحالة العمرية، وهنا التركيز سيتمّ على التجمعات البشرية سواء في مكان العمل أو مكان التعلم أو في أماكن أخرى مشابهة.

وأشار زهرة إلى قيام المؤسسة بدراسة احتياجات العاملين خلال السنوات السابقة، حيث أظهرت هذه الدراسة وجود 90% من حالات الدخول إلى المشافي تقع ضمن حدود التغطية المعدلة حالياً والبالغة 650 ألفاً، كما أن القرار اعتمد مبلغ 150 ألفاً للبدائل الصناعية بدلاً من 100 ألف، إضافة لتحرير عدد المطالبات المسموح بها لتصبح مفتوحة بدلاً مما كانت عليه به سابقاً والمقيّدة بـ12 حركة خلال السنة العقدية، وذلك ضمن سقوف التغطية المحدّدة سابقاً بـ50 ألف ليرة.

رصد

وبيّن زهرة أن قرار الزيادة سيتمّ تطبيقه من بداية الشهر القادم ويسري على جميع العقود الجديدة والمحدّدة والسارية المفعول بواقع 28 ألف ليرة مقتطعة سنوياً من العامل المؤمّن، على أن ترصد النتائج من قبل المؤسسة بعد فترة لا تتجاوز ستة أشهر من التطبيق، وستتمّ عملية الرصد من خلال قياس أداء تطور سوق الاستخدام ورصد تطور المرافق الطبية المستمرة في العمل، والتي ترتبط بدرجة التصنيف لهذه المرافق من خلال زيادة وتحسّن طبيعة الأجهزة المستخدمة في العلاجات الطبية. كما ذكر زهرة أن المؤسسة أبدت استعدادها لتوسيع التغطيات التأمينية ورفع السقوف المحدّدة مقابل قسط إضافي يمكن لصاحب الطلب تسديده مقابل منافع إضافية، أو قبول حالات عمرية أعلى من الحدود المعمول مثل رجال الدين وأساتذة الجامعات وغيرهم من بقية الشرائح الأخرى.

يُشار إلى أن نسبة العاملين في القطاع الإداري العاملين في الدولة تصل إلى 69.4% من إجمالي عدد المؤمّنين في القطاع الحكومي ككل، حيث تتوزع هذه النسبة ما بين شركات إدارة النفقات الطبية، ففي شركة ميدكسا بنسبة 86.7% من إجمالي مؤمّنيها وشركة إيمبا بنسبة 73.4% من إجمالي مؤمّنيها، في حين تصل نسبة شركة غلوب مد إلى 46% من إجمالي مؤمّنيها، وشركة الخدمات المميزة بنسبة 76.8% من إجمالي مؤمّنيها وشركة ميد سير بنسبة 99.9% من إجمالي مؤمّنيها وشركة كير كارد بنسبة 98.5% من إجمالي مؤمّنيها وشركة الرعاية الطبية بنسبة 55% من إجمالي مؤمّنيها.