دراساتصحيفة البعث

“قيصر” وجه جديد للإرهاب

ترجمة: سمر سامي السمارة

عن موقع نيو ايسترن اوتلوك 20/6/2020

تسعى واشنطن من خلال العقوبات البربرية الجديدة الشاملة لفرض حصار تام على سورية ومنع الدولة السورية من إعادة الإعمار، وتطبيع العلاقات الدولية بعد معاناة ما يقرب من عقد من الزمن بسبب الحرب. وتعمل جاهدة لجعل تغيير “الحكم” في دمشق أمراً حتمياً من خلال تضييق الخناق على الشعب السوري بجعل ظروفه الاجتماعية أكثر تعقيداً وصعوبة.

مع المفارقة أن العقوبات الأمريكية التي تم تنفيذها مؤخراً تحمل عبارة “قانون حماية المدنيين السوريين”. في العام الماضي مرر أعضاء كلا الحزبين في الكونغرس التشريع الأمريكي، ووقع عليه ترامب، كانت سورية فعلياً مستهدفة بالعقوبات الأمريكية، لكن الجولة الأخيرة من القيود تهدف إلى خنق كافة الاستثمارات الدولية والتبادل التجاري مع الدولة.

وهنا تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الاتحاد الأوروبي جدد الشهر الماضي، عقوباته على سورية، ما يؤكد مجدداً أن مثل هذه الشراكة مع الولايات المتحدة ما هي إلا مؤشر على إفلاس سياسي وأخلاقي للاتحاد الأوروبي. أبلغت سفيرة الولايات المتحدة  لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت، مجلس الأمن بأن العقوبات ستمنع الحكومة السورية من “ضمان تحقيق نصر عسكري”، فيما نددت روسيا والصين وإيران بهذه الخطوة ووصفتها بأنها “غير إنسانية”، كما قال مبعوث سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري بأن الخطة الأمريكية للعقوبات أظهرت “وجهاً جديداً للإرهاب”. اعترفت واشنطن أن القيود تهدف إلى منع تحقيق انتصار عسكري، ما يؤكد غضب الولايات المتحدة من فشل حملتها لتغيير الحكم على مدى العقد الماضي، حيث قامت واشنطن وقوى حلف شمال الأطلسي الأخرى برعاية العدوان الخارجي ضد سورية علانية، إلا أن صمود وقوة الشعب السوري والجيش السوري إلى جانب دعم  الحلفاء على رأسهم روسيا وإيران أحبطوا هذه المؤامرة الدنيئة، وبعد فشلها في ساحة المعركة، تتابع واشنطن الآن هدفها الإجرامي المتمثل في تغيير الحكم من خلال العدوان الاقتصادي. من الجدير بالذكر أن كل هذا، هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، إذ يرقى سلوك الولايات المتحدة إلى مستوى جرائم الحرب التي حددتها محكمة نورنيبرغ. وبالتالي فإن العقوبات التي كشف النقاب عنها مؤخراً ليست سوى فتح جبهة جديدة للهجوم على سورية، حيث صرح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: “إننا نتوقع المزيد من العقوبات، ولن نتوقف إلى أن توافق الحكومة السورية على حل سياسي للصراع”، لكن ما هو “الحل السياسي” الذي يشير إليه بومبيو؟ إنه هو الذي تمليه واشنطن وهو ما يعني تنحي الرئيس الشرعي، ليحل محله نظام دمية أمريكي. يظهر مثل هذا الهجوم الشخصي على رئيس شرعي لدولة ذات سيادة تراجعاً جديداً في تكتيك واشنطن، ما يدل على وجود مؤشر على حجم الإحباط والانتقام الذي تغرق فيه الامبراطورية الأمريكية المتضائلة بإقدامها على مثل هذا التلاعب الخسيس. العقوبات الأمريكية الأخيرة ما هي إلا عمل وحشي من قبل واشنطن. وإذا كان هناك أي عدالة سائدة، فيجب على واشنطن دفع تعويضات ضخمة لسورية لتعويضها عن الخسائر التي لحقت بها بسبب العدوان السافر. وليست الولايات المتحدة فقط، بل كل المتواطئين في الجريمة: بريطانيا وفرنسا وتركيا والسعودية وقطر وإسرائيل. أصبح الانحطاط المدمر الذي تشهده قوة الولايات المتحدة وامتيازاتها المالية المتمثلة بعملتها “الدولار” كعملة احتياطي دولية أصبح حقيقة راسخة. وأن محاولات منع إعادة إعمار سورية لن تؤدي إلا إلى تحفيز الدول الأخرى على مضاعفة جهودها لترسيخ بديل للنظام المالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. وقد تعهدت إيران وروسيا والصين وفنزويلا وغيرها من الدول بتجاهل العقوبات الأمريكية على سورية. قد تصل تكلفة إعادة الإعمار إلى تريليونات الدولارات، والتضامن الدولي مع سورية سوف يفشل المرحلة الجديدة من العدوان الاقتصادي الأمريكي أيضاً، وأكثر من ذلك قد لا تجد لها موطئ قدم في إعادة إعمار ما دمرته بنفسها.