دراساتصحيفة البعث

الناقلات الإيرانية و عصر الحظر

ترجمة: سمر سامي السمارة

عن موقع كونسيرتيوم نيوز 24/6/2020

 

وصلت مؤخراً سفينة شحن إيرانية سادسة إلى المياه الفنزويلية، وكانت إيران قد أرسلت خمس ناقلات نفطية محمّلة بالبنزين لتزويد المصافي الفنزويلية، وبحسب السفارة الإيرانية في كاراكاس فإن الشحن هذه المرة هو مساعدات إنسانية تحتوي على مواد غذائية.

على الرغم من تحمّل إيران عبء الحصار المفروض عليها، إلا أنها استطاعت تحدي العقوبات الأمريكية ضد فنزويلا بشكل علني، ويبدو أن الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الذي أعلن مؤخراً أن المكسيك ستبيع البنزين إلى فنزويلا لأسباب إنسانية في حال طلبت كاراكاس المساعدة، هو الآخر يسير على خطا طهران فيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية، بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركات المكسيكية التي توفر المياه لفنزويلا بموجب اتفاق النفط مقابل الغذاء المتفق عليه مسبقاً.

 

العقوبات منذ 11 أيلول

بطبيعة الحال، ليس بجديد فرض الولايات المتحدة عقوبات على من تعتبرهم خصوماً لها، ورغم عدم وجود أساس في القانون الدولي، فقد اعتمدت واشنطن منذ هجمات 11 أيلول 2001 أكثر من أي وقت مضى على العقوبات، إلى جانب عمليات النشر العسكرية، والانقلابات التي تصر على تسميتها “تغييرات النظام”، وشتى أشكال العمليات السرية، لذا فقد أصبحت العقوبات هي الآلية الأساسية التي تتبعها الولايات المتحدة في سياساتها الخارجية في القرن الحادي والعشرين.

هنا لابد من الإشارة إلى أن عشرات الدول أصبحت خاضعة لشكل من أشكال العقوبات الأمريكية، إذ فرضت وزارة الخزانة عقوبات على أكثر من 14000 شخصية، وشركات ومؤسسات متنوعة في فترة ما بعد عام 2001، كما فرضت مؤخراً عقوبات جديدة على فنزويلا، وسورية، وعلى عشرات الشركات الصينية، ويناقش الكونغرس الآن مشروع قانون من شأنه فرض قيود على أنشطة الشركات الصينية في الولايات المتحدة، وفرض المزيد من العقوبات على المسؤولين الصينيين.

أعلنت إدارة ترامب في الآونة الأخيرة أنها ستفرض عقوبات على المسؤولين والقضاة في المحكمة الجنائية الدولية الذين يحققون في جرائم الحرب في أفغانستان خلال 19 عاماً، أي منذ الغزو الأمريكي، الأمر الذي يعتبر بالتأكيد من بين أكثر استخدامات واشنطن وقاحة للعقوبات، حيث إن 123 دولة هم أطراف في القانون الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002.

ولكن في المقابل، يرى البعض أن التغييرات التي تحدثها العقوبات ذات أثر ضئيل، إذ إنها لا تؤدي إلى تغيير هياكل السلطة وسياستها في البلدان المستهدفة، وبناء عليه تعتبر أنظمة العقوبات فاشلة، لكنها في الواقع تدمر اقتصاديات بأكملها، وتنتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان، لأنها تصل إلى درجة العقوبة الجماعية،  وهي جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949.

 

السياسة الخارجية الضعيفة

يظهر الضعف الأساسي للسياسة الخارجية التي تعتمد بشكل مفرط على العقوبات، أنها تقترب من نقطة المردودات المتضائلة، فالعقوبات التي تهدف إلى عزل الدول الأخرى هي في الواقع تزيد من عزلة الولايات المتحدة، وقد ظهر ذلك جلياً مؤخراً، إذ إن إيران وفنزويلا ملتزمتان ببناء علاقات ثنائية دون الرجوع إلى العقوبات الأمريكية، ولعل عرض المكسيك على كاراكاس هو تعبير واضح عن ازدراء المحظورات الأمريكية.

كان على الولايات المتحدة أن تلحظ رياح التغيير هذه، فلا أحد ينضم إلى الولايات المتحدة في التهديد بالانتقام في هذه الحالات،  فاللجوء إلى العقوبات خطوة غبية حوّل من خلالها الدوائر السياسية في واشنطن- الولايات المتحدة- إلى البلد الأكثر عزلة على وجه الأرض.