اقتصادصحيفة البعث

لا بد من تصحيحه..!!

قسيم دحدل

ثمة ظلم وخلل كبيران يتحملهما الفاعلون الحقيقيون المنتجون، سواء كان في الزراعة أو الصناعة، بينما يستفيد منه أقصى الاستفادة “الريعيون” من تجار وأمثالهم، ناهيك عن كم وحجم التكلفة والضريبة والجهد الذي تتحمله الفئة المنتجة فعلياً، مقارنة بالفئة الثانية التي نعتبرها “طفيلية” تتربح على حساب الأولى دون أي عناء يذكر ولا حتى التزامات مالية وغير مالية تعتبر..، ما يضعهم في خانة “العالة” على الدخل القومي.

وللبيان نقول: لما كان النشاط الاقتصادي للمجتمع هو محصلة أنشطة مختلف الوحدات الاقتصادية التي يتكون منها، فإن التسعير يشارك في تحديد هيكل ومستوى النشاط الاقتصادي للمجتمع، في ظل ظروف فنية واجتماعية معينة…

وتتحدد مقدرة كل فرد أو جهة، في المجتمع على الاستفادة من ثمار النشاط الاقتصادي (الناتج القومي )، بمقدار نصيبه من الدخل القومي، وهذا النصيب يتوقف بدوره على مقدار مساهمة كل منهما في النشاط الاقتصادي في المجتمع لبيعه لخدمات عناصر الإنتاج المملوكة لهما.

استنادا لذلك، فإن أسعار خدمات عناصر الإنتاج تحدد نصيب كل فرد وجهة من الدخل القومي، ولا يقتصر الأمر على أسعار عناصر الإنتاج فقط، على توزيع الدخل القومي، لكن وأيضاً على أسعار السلع الاستهلاكية التي تمارس دوراً مؤثراً في هذا الصدد، إذ وفي ظل نمط معين لتوزيع الدخل القومي يتأثر نصيب كل فرد من الدخل القومي بهيكل أسعار السلع الاستهلاكية.

ويمكن القول إن السعر – سواء تعلق الأمر بعناصر الإنتاج أو بالسلع الاستهلاكية – يحدد بشكل أساسي نمط توزيع الدخل القومي، كما أن تطابق السعر مع القيمة الحقيقية للسلعة (وهو ما نرمي إليه)، من الأهمية بمكان لتحديد نمط وتوزيع الدخل القومي.

فمن المعروف أن الأفراد أو الجهات (مؤسسات وشركات) يحصلون على دخل نظير مشاركتهم في النشاط الاقتصادي بعناصر الإنتاج المملوكة لهم، لذلك فإن تطابق أسعار عناصر الإنتاج مع قيمتها، يجعل عملية التوزيع تتم حسب مقياس حقيقي، ويتمكن كل عنصر إنتاجي من الحصول على مقابل عادل لمساهمته في النشاط الاقتصادي دون أن تتعرض فئة لظلم فئة أخرى.

فعلي سبيل المثال: لو انخفض سعر سلعة أو منتج عن قيمته الحقيقة، فسيؤدي ذلك إلي حرمان ملاك هذا العنصر من جزء من الدخل المستحق لهم ( الفلاح مثلاً) وتستحوذ عليه فئة أخرى دون مشاركة فعلية في النشاط الاقتصادي (تجار سوق الهال مثلاً).

كذلك ارتفاع الأسعار للسلع الاستهلاكية عن القيمة الحقيقية حيث المستهلكون يدفعون جزءاً أكبر من دخلهم مقابل حصولهم على نفس القدر من السلع، وهذا يعني أن جزءاً من دخول المستهلكين ينتقل إلى فئة أخرى دون مشارك فعلية في النشاط الاقتصادي في المجتمع ( بائعي الجملة والمفرق مثلاً).

وأيضا حين تنتج شركة قطاع عام مادة الكحول الطبي، وتبيعها لشركات خاصة بسعر التكلفة، وهذه بدورها تبعها بأغلى الأسعار، بعد أن تقوم فقط بتعبئتها، أي بتكلفة لا تذكر، أليس هذا تشوهاً وخللاً وظلماً في توزيع الدخل.؟!

على ذلك فإن تطابق السعر مع القيمة الحقيقية، سواء تعلق الأمر بعناصر الإنتاج أو بالسلع الاستهلاكية، سيضمن حصول كل فرد في المجتمع على مقابل عادل لمساهمته في النشاط الاقتصادي ويساهم ذلك في تحقيق التوزيع العادل للدخل القومي على أفراد المجتمع.

وعليه نرى ضرورة تدخل الدولة في تحديد هامش الربح بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20% من إجمالي التكلفة الفعلية للسلعة، هامش حقيقي لا صوري، وإنشاء جهاز لترشيد الأسعار بعمل قائمة أسعار للسلع الاستهلاكية تسمي قائمة ترشيد الأسعار وهذا الجهاز يكون تابعا للرقابة الإدارية أو لجهاز حماية المستهلك بوزارة التجارة الداخلية..، حتى لا يُترك الحبل على الغارب لارتفاع الأسعار بسبب وبدون سبب.

  Qassim1965@gmail.com