ثقافةصحيفة البعث

نصوص أدبية متنوعة في الملتقى الأدبي الثقافي الشبابي

أقام فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب ملتقاه الأدبي الثقافي الشبابي الشهري الذي شارك فيه عدد من الأدباء في نصوص مختلفة والذي أداره الشاعر قحطان بيرقدار.
كانت مواجع الشاعر أغيد أبو فاعور أكبر مما يتحمل القلب الغض، حيث جاءت نبرة الحزن والأنين غالبة على مجمل مفردات القصيدة مما يوحي بمقدار الألم الذي نزل على قلب هذا الشاعر، فكان متشائماً في بعض اللحظات ويرى أن الحلول متباعدة وعصية على بعض اللقاء فيقول في قصيدته “عشق -بلدي”:
“بلغت الهمَّ من عمري دهوراً/شهدت الشوق مسروق الحنين/كفانا نكتب الآهات شعراً/خذيني او تعالي كي تريني/حبيبي كم تباعدنا وصرنا/قليل ما يقربنا قليل/قرأت الشوق في عين أهيم/بدمعتها أيا ويحي تسيلُ/رنين الحب في صدري عذابٌ/يراقصني على جمرٍ يطيل/بنهدات ورعشات أصلي/لآلهتي فأسمعها تقولُ لكم كوني ملائكةٌ وقربٌ/بكم تمسي بكم تعلو تزيلُ/كفانا نكتب الآهات شعراً/فتاة الروح ساكنها جميل”
,يبدو أن مسرح الحزن مفتوح على مصراعيه، فها هو الشاعر الآخر منصور سلمان ينوع على أحزان أبو فاعور مقاطع مملوءة باليأس، ولكنه صاخب عليه يصرخ ملء حنجرته ليهزم حالة القنوط بشيء من العتاب المر فيقول:
“كاليأس ينزف في حقيبة راحل/كالصمت يصدح.. في رصاصة قاتل/كالصدمة الأولى.. لأول موعد/للموت… في قلبٍ رقيق ذابل
ماذا انطقي قولي فإنَّ تمزقي/من صمتكِ المشبوه والمتخاذل/شكراً لهدرك في القصيدة صورتي/ودمي.. وكل تبعثري وتجاهلي
شكراً لإطفائي على شفةِ الهوى/فجراً .. يماهي ليلَ حزنٍ هازل/شكراً بكل بساطتي طي الجوى/كالنص ..يولد في هدير الكامل
متفاعل في ذبحتي متفاعل/في غربتي حد اختمار تفاعلي/شكراً وإني لا سأكتم سرها/فامضي إلى منفاكِ دون تساؤل”
أما الشاعرة هبة جمعة tلم تبتعد كثيراً عما بدأه زميلاها الآخران فاستعارت سوداوية الماغوط وطرافة مقولاته، لكنها عدلت من رسالة الماغوط التاريخية إلى الله التي حمّلها آهات المحرومين وآنات المتألمين والتي خشي في آخر قصيدته أن يكون الله لا يجيد القراءة، فعدلت شاعرتنا الموقف وجعلته يخاطبه وجهاً لوجه يقدم معروضه شفاهاً حتى لا يتسرب أي ألم وأي وجع ويُبنى على الشيء مقتضاه:
“بين الله والماغوط دار حديثٌ طويل قال فيه: بلادنا يا إلهي عاهرة/تزني طوال اليوم/مع شرطة الحدود/مع حراسة الموانئ/مع السفن والشواطئ/مع محطَّات الوقود/مع عامل الكهرباء والمقسم/مع مدير المدرسة والميتم/تزني مع القلم/أكتب لها أحبك
فتقول لي: تعال لنلتقي ليلاً/أخاف أن أخبرها/ثيابي الداخليَّة ممزَّقة/ورائحة الصابون على جلدي مقرفة/والتبغ العربي في فمي
لوَّن أسنانيَ الهرمة/وحينَ يمضغ الفقير لقمته الأخيرة/طالباً منها ليلةً واحدة/ترتدي ثيابها/وتقول بعفَّة/طلبت من الله المغفرة”
وتبتعد آية أحمد الخطيب بقصتها الطريفة عن جو الكآبة لتقدم مشاعر طفولية تستعيرها من زمن المراهقة مشفوعة بغطاء فيروزي جميل:
“ماذا لو كان بالإمكان أن يُبنى لنا منزلان يحيطهما زهرُ الرمان، أحدهما لكَ والآخر لي، بهما نافذتان صغيرتان كاللؤلؤِ والمَرجان، تضعُ الحُجج لتقرع بابَ منزلنا، تقول لأمي: خالتي قد أرسلتني والدتي هل لديكم بعضَ الملح؟ بمكرٍ ودهاء تَردفُ السؤال بِـ أظنُ أن النملَ هذه الفترة يزوركم بشدة خففوا له من السُكر أو أرسلوهُ لنا تُطالعني بغمزةٍ سريعة؛ فيذوبُ الفؤاد وتسكنُ الصبابةَ الوريد. يكونُ حينها للقاءِ متعةً واستلذاذ، علينا إخفاءُ الولهِ الذي يعتلي المُقل، كُنا تبادلنا الأغاني والفُكاهات، لأطربتني بالوسوف ودندنتُ لكَ أشعارَ القباني بصوتِ الساهرِ الساحر، لكانَ للاستيقاظِ مذاق خاص قهوتي ممزوجةً ببيّن عينيك، لرميتَ لي أُقحوانةً صفراء ورفعتُ بدوري صوتَ المذياع؛ فأجعلُ الحيَّ بأسرهِ يسمعُ فيروزتي الجميلة، لعلمناهم كيفية الحُّبِ في الصباح تماماً كما الأساطير والروايات”.
أما الشاعرة أسماء كيلاني فقدمت نصاً بعنوان “دمت لي” أرادات أن تهمس لبطل قصيدتها كلمات تعبر من خلالها عن مدى الشوق والهيام، عن تراكم المشاعر ومحاولاتها العديدة لتمكينها في الوجدان:
“أنت من ألهمت شعري/أنت لي أشهى القصائد/فلتنازلني بكدٍّ/في سبيلي فلتكابد/يوسفيَّ الوجه إني/تُهتُ في قُدَّاسِ حاصدْ
للشذى في أرضِ خدٍّ/باسم قبلانٍ تراوِد/كلَّ نفسي عن سكوتي/في مجونِ الهمسِ صامد/فاستكانت في رماحي/قوتي، فالحبُّ رائد/ذاك ضعفي فخرُ أنثى/أدمنت قلباً لزاهد/في الهنا في كل شيءٍ/ما عدا أسماءَ واحد”.

عُلا أحمد