دراساتصحيفة البعث

آثار تغير المناخ على إمدادات الطاقة

إعداد: عناية ناصر

يعد قطاع الطاقة أكبر مصدر لانبعاث غازات الاحتباس الحراري، وبالتالي فهو المسؤول الرئيسي عن التغيرات الملحوظة التي يسببها الإنسان في نظام المناخ، ولكنه أيضاً سيكون عرضة للتغير المناخي.

لفهم تأثيرات المناخ المستقبلية على أنظمة الطاقة، قام فريق من العلماء شمل باحثين من مؤسسة “المركز الأوروبي المتوسطي المعني بتغير المناخ  “CMCC”  بمراجعة الأدبيات حول هذا الموضوع. تتضمن الورقة المعنونة “تأثيرات تغير المناخ على أنظمة الطاقة في السيناريوهات العالمية والإقليمية”، المنشورة في مجلة “Nature Energy”، ملخصاً لـ 220 ورقة من الأدبيات العالمية حول الآثار المتوقعة لتغير المناخ على إمدادات الطاقة والطلب عليها، على الصعيدين العالمي، والنطاقات الإقليمية.

تكشف الدراسة أنه على المستوى العالمي، من المتوقّع أن يؤثر تغيّر المناخ على الطلب على الطاقة من خلال التأثير على مدة وحجم متطلبات التدفئة والتبريد النهارية والموسمية. وبسبب ارتفاع درجات الحرارة، من المتوقّع زيادة الطلب على التبريد وانخفاض الطلب على التدفئة في المستقبل.

مع تزايد الطلب على التبريد، خاصة في الموسم الحار، تعمل أنظمة الطاقة بكامل طاقتها، ولكن في نفس الوقت، فإن ذروة الطلب على الطاقة في الصيف تتزامن مع انخفاض قدرة النقل والتوزيع، لأن درجات الحرارة المرتفعة وظواهر الحرارة الشديدة ستؤثّر على البنى التحتية للطاقة، وخاصة شبكات الكهرباء وخطوط النقل مما يقلل من كفاءتها وبالتالي موثوقية الطاقة.

علاوة على ذلك، إذا كان توليد الكهرباء الحرارية يتحمّل معظم مخاطر موجات الحر والجفاف، فإن تقنيات النقل والتكنولوجيات المتجددة تكون حساسة للغاية للمخاطر للعديد من الأحداث المناخية الشديدة الأخرى، مثل الموجات الباردة وحرائق الغابات والفيضانات والثلوج الكثيفة والعواصف الجليدية والعواصف الهوائية. قد يؤدي التغيير المتوقّع في تواتر وقوة مثل هذه الأحداث إلى مزيد من الانقطاعات في شبكة الطاقة وخطوط النقل، مما يؤثّر على تكاليف الطاقة وإمداداتها.

إن فهم تأثيرات تغيّر المناخ على أنظمة الطاقة على المستوى العالمي هو مدخل مهم لتقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) ولتنفيذ اتفاق باريس. علاوة على ذلك، يمكن استخدام نتائج هذا العمل للاستفادة منه في الدراسات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة SDGs، ولا سيما لتوضيح أوجه التآزر والمفاضلات بين الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة (الطاقة المعقولة والنظيفة) والهدف 13 (العمل المناخي)، كما يقول واضعو الدراسة. لكن الدراسات العميقة على المستويين الإقليمي والوطني مهمة أيضاً، لأنها تسمح لنا أيضاً بمواجهة المشكلات السلوكية، لأن سلوك الناس مهم للغاية عندما يتعلّق الأمر بطلبنا على الطاقة في المستقبل.

على المستوى الإقليمي، تكون النتائج مختلطة وغير مؤكدة، فقد لاحظ المؤلفون اختلافات إقليمية كبيرة، ليس فقط بسبب الخصائص الجغرافية، ولكن أيضاً بسبب الاختلافات المنهجية بين الدراسات. على الرغم من أوجه عدم اليقين، التي تسلّط الضوء على الحاجة إلى مزيد من البحث لا سيما في سياق الطاقة المتجددة، فإن هناك نتائج إقليمية تستحق الدراسة. على سبيل المثال، من المتوقّع حدوث أقوى تأثيرات تغيّر المناخ على قطاع الطاقة في جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية، وهما اقتصادان ناشئان يشتركان في كثافة سكانية عالية، هذه المعلومات مهمة عندما يتعلّق الأمر بتخطيط استراتيجيات التكيّف مع تغيّر المناخ.

لذلك يحد التنوع الواسع للمنهجيات ومجموعات البيانات المستخدمة حالياً من نطاق تقييم تأثيرات تغير المناخ على قطاع الطاقة، مما يؤدي إلى اختلافات كبيرة في النتائج في مختلف الدراسات. لهذا السبب، يوصي الباحثون بإطار عمل تقييمي متسق متعدد النماذج لدعم تخطيط الطاقة على النطاق الإقليمي إلى العالمي.