ثقافةصحيفة البعث

اتحاد الكتّاب العرب بين مرحلتي الحلم والواقع المتاح

بين الإرادة والفعل الحقيقيّ تنضوي الكثيرُ من المفارقات المهمّة واللحظات المفصلية في حياة اتحاد الكتّاب العرب، على عتبة انتظار مؤتمره، حيث يطيب للحالمين باتحاد أفضل أن يشرعوا لريح الخيال أشرعة الأمل، ويتمنون على قدر الأماني بأن تكون الدورة العاشرة دورة استعادة الألق وتطوير العمل وسماع الصوت الهادر للأقلام الشابة الواعدة، فقد آن لاتحاد الكتّاب العرب أن يرجع قبلة تلمّ وتجمع وتدعم وترفع وتعطي المجد لمن يتعب على مشروعه الأدبي. وفي رحاب المؤتمر وحول هذا كلّه كان لـ”لبعث” هذا الحوار مع الفنان رامز حاج حسين عضو جمعية أدب الأطفال الذي قال:

ككل كاتب شغوف مسكون بحلم الكتابة وتطوير ذاته وقلمه، انتسبت إلى اتحاد الكتّاب العرب في جمعية أدب الأطفال، لأمارس طقوساً كانت في بالي ووجداني، وكان كل رجائي في هذا الدرب عن الكتابة للطفل وتطويرها ضمن قناة صحيحة ستفضي بي لا محال إلى مطارح أفضل، أو هكذا كنت أظن للأسف الشديد، حتى وجدت أن هناك -للأمانة- بوناً شاسعاً بين الحلم والتطبيق العملي لما يُسمّى نواة وتكتلاً لكتّاب مختصين في أدب الطفل، فلاحظت أن الذي يُنشر للطفل سنوياً يكاد يكون نادراً، آليات العمل ضمن الجمعية والاتحاد في هذا المضمار أقل بكثير من الحدّ الأدنى للمأمول من هكذا اتحادات، وكان هذا لسان حال معظم الزملاء في الجمعية نفسها، ورأيت أن الكل له همٌّ شخصي بعيد عن العمل المشترك الذي ينضوي تحت تعريف كلمة (اتحاد)، فلا الطباعة للكتاب تليق بفن الطفل الخاص، ولا الترويج لهكذا منتج تحقق الغاية ولا حتى القيمة المادية والمعنوية للمبدع تستحق العناء في الكتابة للأسف.

في الدورة السابقة -التي تمضي أيامها الأخيرة في هذا التوقيت- كان شعار المرحلة ثقافة التنوير، وكنت أنادي في كل اجتماع لجمعية أدب الطفل أن الطفل له الأهمية القصوى في هذه الظروف وهذه الأوقات التي تمرّ على بلدنا سورية، لأن المأمول دائماً كان –حسب النظريات المقدمة لنا- أن يكون الاتحاد منبراً تنويرياً لثقافة رشيدة، وأنا برأيي أفضل لبناتها كان ثقافة الطفل واليافع وأدبه، فضاعت الأحلام تباعاً، اجتماع إثر اجتماع، ومع مرور الوقت اضمحلت الآمال وبات الهمّ أكبر فأكبر، حتى جاءت الشعرة التي قصمت ظهر البعير في رأيي وهي مناداتنا التي ذهبت أدراج الرياح في تطوير الملحق الخاص بالطفل المرفق بمجلة (الموقف الأدبي) الصادرة عن اتحادنا، حيث تمّ عمل عدة إصدارات من المجلة “شام الطفولة” التي ناشدناها بهوية سورية خاصة، لأفاجأ ومعي كل المشتغلين في ثقافة الطفل (أدبه وفنه) أنها بهوية بصرية مأخوذة نسخاً ولصقاً من الانترنت ومن مصادر أجنبية غريبة من دون الرجوع لما يُسمّى حقوق الملكية الفكرية لأصحاب اللوحات المأخوذة، ولا وجود لأي رسوم سورية من فنانين سوريين للأطفال فيها، فكانت شبه القطيعة مع المجلة كمحتوى بصري -ناديت ولم أجد صدى لندائي- بأن هذا الأمر يسيء لسمعة الاتحاد ولنا جميعاً في جمعية أدب الأطفال.

المأمول الآن والمرتجى أن تمضي هذه المرحلة بكل ما فيها من أحلام متكسرة وآمال تحقّق بعضها ولم يتحقق الجلّ الثمين، بأن نرى ممثلين لنا من شباب وهم كثر في الوطن وفي الاتحاد نفسه يدركون أهمية الثقافة والأدب للمرحلة القادمة، على أن يكون لنا بوصلة كبرى حقيقية موجهة إلى أدب الطفل لإصدار مجلة دورية شهرية تليق بطفلنا وتليق باسم مصدرها “اتحاد الكتّاب العرب”.

نأمل أيضاً أن يكون للاتحاد دور أكبر وأعلى أسوة باتحادات الكتّاب في باقي البلدان من تحصين الكاتب السوري، وحماية حقوقه المادية والمعنوية، وتحصيل الأجر المناسب من المكافآت المقدّمة لبديل الإبداع الفكري كي لا يكون الكاتب السوري -وللأسف أقولها- الأدنى أجراً من باقي الكتّاب والأقران في البلدان الأخرى رغم أنه الأعلى كعباً في إبداعه وفي أفكاره وتقنياته الفنية في النص، ولا يكون هناك مبررات لهجرة الأقلام والعقول التي بين ظهرانينا للخارج، فلا نجد مثلاً أن أهم النصوص والأفكار التي يبدعها كتّابنا ومثقفونا تنتظر دورها على عتبات المسابقات الخارجية ودور النشر في البلدان الأخرى. وبالنسبة لاختصاص أدب الطفل أقولها دائماً إن معظم كتّابنا يبدعون أفضل النصوص وأفضل اللوحات لأطفال الغير، ويبقى أطفالنا محرومين من هذا الإبداع على صفحات كتبهم وقصصهم ومجلاتهم المحلية.

جمان بركات