دراساتصحيفة البعث

الدور الخفي لموقع Bellingcat في العدوان على سورية؟

الدراسات

مع نهاية شهر آذار الماضي، تمّ حجب عمل موقع Bellingcat بعد قيامه بنشر مقالات مزيفة وكاذبة حول لجنة الكيميائي في سورية، فمن هو الموقع وما هي المهام المرسومة له؟.

يقوم Bellingcat -موقع بريطاني للصحافة الاستقصائية متخصّص في التحقق من الحقائق والاستخبارات مفتوحة المصدر- بنشر نتائج تحقيقات الصحافيين والمواطنين في مناطق الحرب. بدأ الموقع بجذب الانتباه الدولي بعد نشره تقارير عن الحرب في دونباس، بما في ذلك إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية 17، وغارة El Junquito، والحرب على سورية، والحرب على اليمن، وتسميم سكريبال، والقتل الجماعي من قبل الجيش الكاميروني.

يروّج الموقع لنفسه على أنه مجموعة من المحققين الرقميين الذين “يتعهدون بالولاء للحقيقة والأدلة، ويلتزمون بمبادئ الشفافية والمساءلة”، ولكن عندما بدأ الموقع ينشر أخباراً كاذبة تستهدف روسيا وسورية، تلقى على الفور الدعم من وسائل الإعلام الغربية، واستحوذ أيضاً على منح من الصندوق الوطني للديمقراطية، وهو قطاع تموّله وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتمويل من الحكومة الأمريكية. كشفت الوثائق المسربة التي نشرتها The Grayzone قبل أيام أن الموقع تعاون مع إحدى غرف عمليات وزارة الخارجية البريطانية التي تهدف إلى “إضعاف روسيا”، وأنه كان أيضاً مصدراً منتظماً للمواد المفبركة حول سورية، والتي ساعدت في تلك الحرب بالوكالة والتي استمرت لعقد من الزمن، وبلغت تكلفتها عدة مليارات من الدولارات شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاؤهما. إضافة إلى ذلك شارك الموقع في حملة مدتها ما يقرب من عامين لتبييض فضيحة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) وهي واحدة من أكثر عمليات الخداع المؤيدة للحرب إثارة للصدمة والموثقة جيداً منذ الفترة التي سبقت غزو العراق عام 2003.

كشفت سلسلة التسريبات التي نشرتها The Grayzone كيف قام كبار مسؤولي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بمراقبة النتائج التي كذبت المزاعم التي تقودها الولايات المتحدة بشأن هجوم بالأسلحة الكيماوية للدولة السورية في مدينة دوما في نيسان 2018، حيث عمل الموقع وبالتعاون مع الدول الراعية لحلف شمال الأطلسي بالتستر على تلك الفضائح، وتشويه سمعة اثنين من المبلّغين عن مخالفات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من داخل المنظمة. أدّت المعلومات الكاذبة للموقع إلى كارثة محرجة في أواخر العام الماضي، عندما تمّ اكتشاف أن هذا الموقع أو “المنفذ” ينشر مواد كاذبة حول أحد علماء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المعارضين لسياسات المنظمة.

الآن، كشفت رسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها The Grayzone أن الموقع انخرط في حيل أكثر مما كان معروفاً في السابق، حيث تظهر الرسائل التي تمّ إرسالها قبل أشهر من إصدار  ما يسمّى “فريق تحقيقات الموقع” مقالها المزيف أن الموقع لم يكن المؤلف الوحيد للمقال الذي تمّ نشره باسمه!. وتُظهر الاتصالات أن شخصاً ما خارج الموقع قام بصياغة أجزاء من المواد الكاذبة التي ظهرت في النهاية على الموقع على الويب، ويبدو أن مؤلفاً خارجياً صاغ الأسئلة، وبدوره أرسله إلى الموقع وتلقاه عدة مستلمين، وقد حدث سلوك الموقع هذا بالتنسيق بين “هف بوست يو كي” و”بي بي سي”، وهما منفذان يتمتّعان أيضاً بعلاقات وثيقة مع الدولة البريطانية.

كان هدف حملة التشهير التي يقودها الموقع هو الدكتور بريندان ويلان، وهو عضو مخضرم في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منذ 16 عاماً، وعضو في البعثة التي تمّ نشرها في سورية في نيسان 2018 للتحقيق في الهجوم الكيميائي المزعوم في دوما، حيث كشف ويلان فشل فريق دوما في العثور على أي دليل على استخدام الأسلحة الكيميائية، مما أدى إلى نفي ذريعة العدوان الثلاثي الأمريكي، والمملكة المتحدة، والفرنسي على سورية في الشهر نفسه، وأن التقرير الأصلي للمحققين تمّ التلاعب به وتغييره، وهو عمل من أعمال الرقابة التي اعترض عليها ويلان في رسالة بريد إلكتروني تمّ تسريبها لاحقاً إلى جانب وثائق داخلية أخرى لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

في تشرين الأول الماضي، بعد أكثر من عام من الإعلان عن التستّر، ادّعى الموقع أنه حصل على “نسخة مسودة” لرسالة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أُرسلت إلى ويلان والتي دحضت جميع مخاوفه. لكن عندما حصلت The Grayzone على رسالة OPCW الحقيقية المرسلة إلى ويلان، تبيّن أنها لم تتضمن أياً من نص  الموقع المحّرف. وحينها رفض الموقع شرح عملية الاحتيال التي ارتكبها، لكن قام نيك ووترز، أحد العاملين في الموقع والذي كان متورطاً بشكل مباشر في إنتاج القصة المرسلة من مجهول بحذف التغريدات المحرجة المزيفة.

كما تُظهر رسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها The Grayzone أنه قبل ثمانية أشهر على الأقل من نشر الموقع المقال الاحتيالي الذي يطعن بالمبلغين عن مخالفات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، تابع أحد موظفي “هف بوست يو كي” القصة نفسها، ويدعى كريس يورك. في إحدى هذه الرسائل الإلكترونية، زعم يورك أنه على وشك النشر، ثم، لسبب ما، تراجع!.