أخبارصحيفة البعث

المبادئ السامية للدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط.. لا نسعى لملئ “الفراغ” والمنافسة مع أحد  

حظيت زيارة مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى الشرق الأوسط باهتمام إعلامي صيني وعربي غير مسبوق تابع فيه بدقة مجريات المباحثات التي أجرها الوزير الصيني في عواصم الشرق الأوسط  التي زارها والمبادرات التي أطلقتها بكين لإيجاد حلول عادلة لهذه المشاكل العالقة، والقائمة على ثوابت راسخة في السياسة الصينية وفي مقدمتها احترام سيادة الدول واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ودفع النظام الدولي والحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدالة ومعقولة.

وفي مقال تم نشره على موقع وزارة الخارجية الصينية بهذه الزيارة تم التأكيد فيه على المبادئ السامية للدبلوماسية الصينية في المنطقة والعالم وأن الصين لا تنوي التنافس مع أي أحد في الشرق الأوسط، ولا تنوي حل محل أي أحد، ناهيك عن ملء ما يسمى بـ”الفراغ”.

وأضاف المقال أن الصين ستظل تعمل على صيانة سلام العالم وتساهم في التنمية العالمية وتدافع عن النظام الدولي. وستواصل المضي قدما يدا بيد مع دول المنطقة وشعوبها كالمعتاد، والدفع بإحلال السلم والأمن والتنمية في الشرق الأوسط في يوم مبكر، بما يمكّن المزيد من الناس أن يعيشوا حياة سعيدة، ومن ثم تقديم مساهمات أكبر في تعزيز السلام والتنمية في العالم وإقامة مجتمع مستقبل مشترك للبشرية.

وتابع المقال ما تتطلبه الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط هو الوقوف بثبات إلى جانب الدول النامية الغفيرة بما فيها دول الشرق الأوسط ودفع النظام الدولي والحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدالة ومعقولة.

وأكد المقال أن “القضية العادلة تلقى دعما واسعا والقضية الظالمة لا تلقى إلا الدعم الضئيل”، وإن السياسة الصينية المسؤولة تجاه الشرق الأوسط حظيت بالشعبية وكسبت الدعم. حيث تعدّ الدول الثلاث (سورية – مصر- الجزائر) التي شملتها هذه الجولة أصدقاء قدامى وإخوة أعزاء للصين، ولم تكن غائبة في دعم المصالح الجوهرية الصينية.

فقال الرئيس السوري بشار الأسد خلال لقائه مع مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي إن الجانب السوري يدعم الصين بدون شروط في القضايا المتعلقة بتايوان وشينجيانغ وهونغ كونغ وغيرها، وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الجانب المصري سيقوم بكل ثبات وغير متأثر بالتشويشات بتطوير التعاون بين الجانبين في كافة المجالات، سيتمسك دون أي تزعزع بسياسة الصين الواحدة، ويدعم بثبات جهود الصين لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني،  وشدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على أن الجزائر منذ استقلالها لم تغير سياستها تجاه الصين، فإنها كانت وما زالت تدعم الصين، وستدعم الصين أكثر في المستقبل. وسجّل أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط تقديرا عاليا للإنجازات التاريخية التي حققها الشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، وأعرب عن دعمه للمبادرات الصينية بشأن الأوضاع الإقليمية والقضايا الساخنة، مؤكدا على استعداده للتواصل مع الجانب الصيني بشكل وثيق لضمان نجاح القمة العربية الصينية الأولى.

وتابع المقال يظل الدعم الثابت لمساعي دول المنطقة لصيانة سيادتها واستقلالها وكرامتها الوطنية ورفض التدخل الخارجي المبادئ الراسخة تقوم عليها الدبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط، ففي سورية التي تعد المحطة الأولى في هذه الجولة، كانت هذه الكلمات ذات الثقل لمستشار الدولة وانغ يي مليئة بالتقدير والدعم للشعب السوري العصي، الذي صمد ودافع بحزم عن سيادته واستقلاله ووحدته على الرغم من كل ما تعرض له خلال السنوات العشر الماضية

كما وظلت الصين تدعم بثبات مساعي سورية لصيانة سيادة البلاد واستقلالها وكرامتها الوطنية واستخدمت حق النقض لـ10 مرات ضد القرارات المتعلقة بسورية داخل مجلس الأمن الدولي لرفض تدخل القوى الخارجية وفرض العقوبات على سورية. وخلال الزيارة إلى سورية، طرح مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي المبادرة ذات النقاط الأربع لإيجاد حل شامل للمسألة السورية التي تؤكد على عدم انتهاك مبدأ السيادة والاستقلال وعدم التقصير في تخفيف حدة الأزمة الإنسانية وعدم التراخي في مكافحة الإرهاب وعدم الانحراف عن مسار التسامح والمصالحة، مما لاقى تفهما ودعما من سورية والدول الأخرى في المنطقة.

“لن يتحقق السلام الدائم بدون أساس من العدالة”.

وأكد المقال أن الدعم الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني ودفع تحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل على أساس “حل الدولتين” يعتبر التزاما لا يتزعزع للدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط. وإن القضية الفلسطينية قضية جذرية في الشرق الأوسط، وهي أطول قضية إقليمية ساخنة التي دامت بعد الحرب العالمية الثانية. كان أحد الأسباب الرئيسية لتأخّر إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية هو مخالفة دولة كبيرة بعينها قرارات الأمم المتحدة وتخليها عن التوافق الدولي والعدالة والضمير.

وقد أثبت التاريخ والحقائق بشكل كاف أن “حل الدولتين” هو الطريق الواقعي الوحيد لحل القضية الفلسطينية. وخلال زيارته إلى مصر، طرح مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي الأفكار ذات النقاط الثلاث لتنفيذ “حل الدولتين”، وهي “ممارسة السيادة – المصالحة الداخلية – استئناف المفاوضات”. كما أعلنت الصين ومصر تقديم 500 ألف جرعة من اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد كمساعدة مشتركة إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. إن “الأفكار ذات النقاط الثلاث” والمساعدة الإنسانية يتكامل بعضهما البعض وتشكلان كائنا عضويا، الأمر الذي يعكس التفكير العميق للجانب الصيني حول تنفيذ “حل الدولتين” ودفع عملية السلام بين فلسطين و”إسرائيل”، ويجسد النوايا الصادقة للصين وجديتها للمشاركة في الشؤون الإقليمية بشكل بناء.

كما و”يدعم الجانب الصيني الدول العربية في إتباع طريق يؤدي إلى تقوية نفسها عبر التضامن، وأخذ زمام مصيرها في أيديها، ويدعم جامعة الدول العربية للقيام بدور أكبر سواء في تدعيم السلام والاستقرار في المنطقة أو إيجاد تسوية سياسية للقضايا الساخنة.”

حيث طرح مستشار الدولة وزير الخارجية وانغ يي خلال جولته الشرق الأوسطية المبادرة ذات النقاط الخمس حول تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، مما قدم الحكمة الصينية لحل عجز المنطقة في الحوكمة والأمن والتنمية.

كما أصدر الجانب الصيني مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بيانا مشتركا تم إشادة فيه عاليا بالجهود المهمة التي بذلتها جامعة الدول العربية في سبيل صيانة السلام في الشرق الأوسط وتعزيز التنمية في المنطقة ودفع العالم العربي لتقوية نفسه عبر التضامن، والتأكيد على ضرورة الالتزام بالمبدأ الدولي المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية، والحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار. إن تقوية النفس عبر التضامن وتحقيق السلام والتنمية موضع تطلعات دول المنطقة وشعوبها.

وختم المقال أن الصين على الاستعداد لمواصلة لعب دورها كدولة مسؤولة كبيرة ومساعدة دول المنطقة على إيجاد “المفتاح الذهبي” لحل القضايا في المنطقة. سيدعم الجانب الصيني بقوة دول الشرق الأوسط للتخلص من العطالة التاريخية المتمثلة في التنافس الجيوسياسي وتعزيز الاستقلال الاستراتيجي وتكريس التوافق حول عدم التدخل في الشؤون الداخلية واستكشاف الطرق التنموية المتسمة بالخصائص الشرق أوسطية بإرادتها المستقلة وتعزيز الوحدة الداخلية وحل الخلافات والنزاعات عبر التسامح والمصالحة.