دراساتصحيفة البعث

رسالة مؤتمر استقرار ليبيا

ريا خوري

 

انتهت أعمال مؤتمر “دعم استقرار ليبيا”- امتداد لمؤتمر برلين- الذي انعقد في طرابلس قبل أيام بمشاركة عربية وإقليمية ودولية، حيث أكد عدد من كبار المسؤولين الليبيين على الأهمية والدلالة الكبيرة التي يحملها انعقاد المؤتمر في مدينة طرابلس التي كانت تشهد في السابق نزاعات عسكرية وأمنية حادة.

لقد شهدت أعمال المؤتمر أوسع مشاركة من نوعها بحضور ممثّلين عن الولايات المتحدة الأمريكية، وهيئة الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وفرنسا، وايطاليا، إضافة إلى عدد من وزراء خارجية عشر دول عربية، ما يعني أن حجم هذه المشاركة يؤشر إلى وصول جهود الحل السياسي إلى ذروة النضج والتفهم لما تعانيه وتحتاجه ليبيا، وسيكون من أهمها تأهل البيئة الوطنية لتجاوز مراحل الفترات الانتقالية الطويلة التي اتسمت بالفوضى والقلق وعدم الاستقرار، والدخول في مشروع الشرعية الانتخابية العامة والرئاسية .

في هذا الإطار، أكد عبد الحميد دبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا على أن استقرار ليبيا هو السبيل الوحيد لبناء المؤسسات الليبية السياسية والعسكرية والأمنية، معرباً عن تقديره العميق لدعم المجتمع الدولي لحل الأزمة القائمة في ليبيا، وإعادة الاستقرار إليها، كما أن عقد مؤتمر استقرار ليبيا في العاصمة طرابلس دليل قوي على إمكانية استعادة عافيتها ورمزيتها كعاصمة لكل الليبيين، خاصة عندما تخلو ليبيا من المرتزقة والإرهابيين.

الجدير بالذكر أن المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا أكدت على دعمها لإجراء الاستحقاقات في موعدها المقرر دون تأخير، حيث ورد في تصريح لوكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روز ماري دي كارلو بأن منظمة الأمم المتحدة تدعم بقوة فكرة مغادرة الإرهابيين والمرتزقة من ليبيا من أجل التحضير لانتخابات ناجحة، والتي عليها أن تعمل على توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية في ليبيا.

إن انعقاد المؤتمر كان رسالة سياسية لجميع الأطراف المتناحرة على الأرض الليبية، فقد أكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي على عبور الخلافات المتعلقة بإجراء الاستحقاق الانتخابي على أسس ديمقراطية،  وأن إجراء الانتخابات العامة والرئاسية بشكل متزامن سيكون في الموعد المحدد.

على الصعيد الدولي، عبّر عدد كبير من القادة السياسيين الغربيين عن ضرورة تنفيذ ما ورد في البيان الختامي للمؤتمر، فقد أكد جان لودريان وزير الخارجية الفرنسي بقوله: إن الانتخابات الرئاسية والتشريعية ستكون قريبة جداً بعد تبني القانون اللازم لتنظيمها وتصنيفها، لأن تطلعات الشعب الليبي إلى تحقيق السيادة تلتقي مع المصالح الأمنية لمجموع دول المنطقة من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، مروراً بشمال أفريقيا.

وفي السياق ذاته، أوضحت السيدة نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية أن ليبيا كانت ومازالت تعاني من الفوضى والانقسام والتهجير والتشريد والتدمير وعدم الاستقرار لمدة عشر سنوات، واعتبرت أن يوم انعقاد المؤتمر في العاصمة الليبية طرابلس هو يوم تاريخي، حيث يبدأ فيه التأسيس لتاريخ ليبي جديد، وهو بداية لبناء دولة العدل والحرية والمساواة، واعتبرت المنقوش أن المؤتمر يهدف إلى حشد موقف عربي وإقليمي ودولي موحّد داعم ومتناسق يسهم في وضع الأسس والآليات الضرورية لضمان الاستقرار في ليبيا.