دراساتصحيفة البعث

هل تدخل أمريكا حقبة جديدة؟

ترجمة: عائدة أسعد

أكدت نتائج استطلاع حديث أجرته “واشنطن بوست”، وجامعة “ماريلاند” أن 34 في المائة من الأمريكيين يعتقدون أن العنف ضد الحكومة له ما يبرّره في بعض الأحيان، وهذه علامة مقلقة للغاية بالنسبة للشؤون الداخلية لواشنطن، وقد تكون أعمال الشغب في الكابيتول التي مرّ عليها عام مجرد مقدمة لحقبة جديدة لأمريكا.

في نهاية حزيران من العام الماضي، تمّ تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الحقائق والظروف والأسباب لأعمال الشغب في الكابيتول، ومضى أكثر من نصف عام دون أن تظهر أي نتيجة وسط الخلافات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

لقد كان الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي، وما تلاه، يعكس انقساماً متزايداً في الولايات المتحدة، وهناك أيضاً وجهات نظر متباينة حول أعمال الشغب وسط الحزبين، فعلى سبيل المثال انتقدت نيكي هايلي عضو في الحزب الجمهوري علانية أعمال الشغب في الكابيتول، محذرةً من أنه يُخشى أن يكون هناك المزيد من الجمهوريين الذين يدعمون أعمال الشغب في الكابيتول في قلوبهم.

ووفقاً لاستطلاع أجرته جامعة “ماساتشوستس”، يشكّك ما يقرب من ثلث الأمريكيين في أن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 كان شرعياً، ومع اقتراب الانتخابات النصفية في أواخر عام 2022 من المرجح أن تعاود الاتهامات بالاحتيال الانتخابي والعنف في كل ولاية، وخاصة في بعض الولايات الواقعة في الغرب الأوسط، وجنوب الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يزداد العنف في حال كانت نتائج الانتخابات موضع خلاف.

ومن قبيل المصادفة نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” وصحيفة “ذا هيل” على التوالي مقالات تبدأ عناوينها “لإنقاذ أمريكا: على الحزب الجمهوري أولاً أن ينقذ نفسه”، والآخر “لإنقاذ أمريكا: نحتاج إلى مجلس رؤساء”.

إن مثل هذه العناوين تشير إلى أن هناك انقساماً حاداً داخل الولايات المتحدة، حيث يعتقد الكثير من المواطنين أن الاستقطاب السياسي لا يمكن حلّه ولا يمكن السيطرة عليه وليس لدى الولايات المتحدة تدابير فعّالة للسيطرة على الإطلاق، وأكبر مثال على ذلك مكافحة الوباء، فقد كذبت الحكومة الفيدرالية ولم تفعل شيئاً لوقف الانتشار، حتى أن بايدن نفسه أخبر حكام البلاد مؤخراً أنه لا يوجد حلّ فيدرالي للوباء، وأنه يجب اتخاذ الخطوات في مكافحة الجائحة على مستوى الولاية، لكن في الواقع لا تزال هناك أشياء كثيرة يتعيّن القيام بها تحت قيادة الحكومة الفيدرالية التي تبدو حالياً مرهقة جداً وعاجزة عن تحقيق أهدافها.

إن تقاعس الولايات المتحدة عن العمل في كلّ من الشؤون الداخلية والدبلوماسية أمرٌ مروّع للغاية، والسبب الجذري للمشكلات المختلفة في الولايات المتحدة هو التناقض بين الطبقات الاجتماعية المختلفة الذي تحول مع تدخل السياسيين الأمريكيين إلى خلافات أخرى بين الحزبين لا يمكن تفسيرها!.

من هنا، لم تعد الولايات المتحدة الآن قادرة على السيطرة على العالم، بسبب قوتها النظامية الداخلية فقد مرّت فترة من الزمن بعد الحرب الباردة شعرت فيها وكأنها لا تُقهر، وكان لديها القدرة على محاربة أي شخص تريده في ذلك الوقت، لكن حقبة القطب الواحد التي تمتّعت بها على مدى العقود القليلة الماضية لن تعود، وقد يعرف الأمريكيون أيضاً في قلوبهم أن ذلك الوقت قد ولّى لأن الحروب في أفغانستان والعراق أضعفت ثقتهم.