دراساتصحيفة البعث

هل انتهت مهمة فرنسا وحلفائها في مالي؟

عائدة أسعد 

أعلنت فرنسا وحلفاؤها أنهم سيبدؤون انسحاباً عسكرياً منسقاً من مالي الواقعة في غرب إفريقيا، بعد أن التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس الأربعاء الماضي شركاء أوروبيين وأفارقة مشاركين في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.

واتفق الشركاء، بما في ذلك 14 دولة أوروبية، على أن الوقت قد حان لإنهاء عملية مكافحة التمرد التي استمرت تسع سنوات وسط تصاعد التوترات مع المجلس العسكري في مالي. وصدر بيان مشترك مفاده أن فرنسا وشركاءها سيواصلون عملهم المشترك ضد الإرهاب في منطقة الساحل، بما في ذلك النيجر وخليج غينيا، وسيضعون خططاً حول كيفية البقاء في المنطقة بحلول حزيران القادم، ولكن بسبب العوائق المتعدّدة من جانب السلطات الانتقالية في مالي ترى كندا والدول الأوروبية العاملة، جنباً إلى جنب مع عملية “برخان” وداخل فرقة العمل “تاكوبا”، أن الظروف السياسية والتشغيلية والقانونية لم تعد مستوفاة لمواصلة مشاركتها العسكرية الحالية بشكل فعّال في القتال ضد الإرهاب في مالي.

وأشار موقع “بوليتيكو” إلى أن العلاقات بين فرنسا ومالي ساءت منذ أن تراجع نظامها العسكري عن اتفاقٍ لإجراء انتخابات في شباط الجاري، واقترح البقاء في السلطة حتى عام 2025، كما تدهور الوضع أكثر في الأسابيع الأخيرة بعد أن طلبت الحكومة المالية من سفير فرنسا مغادرة أراضيها، وأثار ذلك الاحتفالات في شوارع العاصمة باماكو، والاحتجاجات على وجود القوات الفرنسية التي يصل عددها إلى أكثر من 3500 جندي يتمركزون حالياً في مالي.

وأشارت صحيفة “الغارديان” البريطانية إلى أن الحكومة الفرنسية جادلت منذ فترة طويلة بأن العملية كانت مهمّة لمنع التهديدات الإرهابية في أوروبا، وكذلك للأمن الإقليمي، ولكن ماكرون أصرّ على أن الانسحاب لا يشير إلى فشل مهمة مكافحة الإرهاب في المنطقة، وقال إن قلب هذه العملية العسكرية لن يكون في مالي بعد الآن، بل في النيجر. ولدى سؤاله عما إذا كانت المهمّة قد فشلت قال: “أنا أرفض هذا المصطلح تماماً، وستستغرق المغادرة من مالي من أربعة إلى ستة أشهر، وخلال هذه الفترة ستكون هناك عمليات أقل ضد المتشدّدين في منطقة الساحل”.

إن التساؤلات لا تزال قائمة حول مستقبل بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي يبلغ قوامها 14 ألف جندي في المنطقة وبعثات الاتحاد الأوروبي، حيث تعتمد هذه على القوات الفرنسية في الدعم الطبي والجوي، لكن وكالة الأنباء الفرنسية أشارت إلى أن انسحاب القوات الفرنسية يمثل خسارة نفوذ لباريس وأوروبا ككل في إفريقيا.

يُذكر أن فرنسا تدخلت عسكرياً في مالي عام 2013 عقب سيطرة مجموعات مسلحة على أجزاء من البلاد، والعام الماضي أخلت القوات الفرنسية عدداً من القواعد العسكرية في مالي ضمن خطة لتقليص وجودها بمنطقة الساحل.