ثقافةصحيفة البعث

د. دخل الله في مؤتمر الكتاب: نتائج قابلة للقياس ومبادرات تلامس مشكلات المجتمع

دمشق – جمان بركات / علاء العطار

انعقد اليوم المؤتمر السنوي لاتحاد الكتاب العرب وتم خلاله الوقوف على تفاصيل ما تم إنجازه من خطط ونشاطات ومبادرات والإضاءة على ما يسمو إليه الكتاب السوريون.

بعبارة “لن يمروا” التي استحضرها من طفولته، شدد د. مهدي دخل الله، عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس مكتب الإعداد والإعلام والثقافة، على أهمية الدور الذي يؤديه المثقف في صون هوية وطنه وثقافته، وما كان لهذا الدور من أهمية خاصة في التصدي لمشروع التقسيم الذي كان مخططاً لسورية، مؤكداً أن وجود قائد يتمتع بخصال كالتي يتمتع بها السيد الرئيس بشار الأسد كان عاملاً مهماً في الحفاظ على تماسك المجتمع السوري، وهذا ما ميّز الحالة السورية، إذ لم يشهد العصر الحديث قط أن أفل نظام عالمي وولد غيره بدون أن انقسمت الدولة التي كانت بؤرة الانفجار، والتي انقسم العالم من أجلها، كما سورية، والتاريخ يشهد ولأول مرة حرباً تجري بهذه المواصفات في بلد صغير، ونحن لا نعيش حرباً عسكرية فحسب، بل حرباً تطال جميع الجبهات، لذا فإن دور الكاتب محوري في صون تلك الجبهات، يجب أن يكون لدينا في اتحاد الكتاب مبادرات حقيقية تلامس مشكلات المجتمع، ونتمنى أن يخرج المؤتمر بنتائج عملية قابلة للقياس.

الإبداع مسؤولية وأخلاق

وبدوره تحدث د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب بالقول: بعد مرور عام على الثقة فإنه من واجبنا الحفاظ على الإرث الثقافي والإبداعي، وأن نعمل فريقاً واحداً على النهوض بالاتحاد بعد هذه الحرب التي استهدفت تاريخنا وثقافتنا وحضارتنا، ولأن الطموح كبير في وطن يكبر بأخلاق مثقفيه ومبدعيه كان لزاماً علينا جميعاً أن نعمل بكل طاقاتنا للحفاظ على دماء شهداء أبناء هذا الوطن، وقد ظهر هذا جلياً عبر العمل الذي نهض به اتحاد الكتاب العرب من خلال إطلاق الجزء الأول من المشروع الوطني لتوثيق بطولات الجيش والشعب السوري (حكايات أثيرة) وكذلك من خلال عمل الاتحاد في فروعه في المحافظات السورية كافة، وعبر ما قامت به جمعيات الاتحاد من فعاليات ثقافية في مختلف الأجناس الأدبية، كما تجلى هذا العمل في الجولات والزيارات والفعاليات واللقاءات التي قام بها أعضاء المكتب التنفيذي وأعضاء مجلس الاتحاد والمكاتب الفرعية في الجغرافية السورية كلها.

ولأننا كنا نعمل سنبقى حاملي شعلة العمل من أجل النهوض بالفعل الثقافي، وتحصين هذه المؤسسة بقوة الكلمة والإيمان وتعزيز مكانة القيمين عليها وذلك بإعادة النظر في عضوية الشرف ووضع ضوابط جديدة لها، وكذلك التشدد في قبول الأعضاء الجدد في مؤسستنا أو من يحل تأصيل عضويتهم ولهذا كله أو غيره أُلغيت عضوية بعضهم، أملاً في أن نحافظ على سمعة اتحادنا وعلى الإبداع الحقيقي في وطن يراد له أن يكون بلا ثقافة وبلا إبداع حقيقيين.

ولما كنا على قناعة تامة بأن المثقف الكاتب هو ضمير الأمة، كان لا بد أن يكون له مردود مادي أفضل، فكان قرارنا بزيادة معظم التعويضات المادية بنسبة مئة بالمئة بعد إقرارها من مؤتمركم هذا، آملين أن يتحسن هذا المردود في الأعوام القادمة وهو تحسن مرتبط بالعمل على تحقيق مزيد من الاستثمارات التي تعود بالمنفعة المادية والمعنوية على أعضاء اتحادنا، ولاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها شعبنا نتيجة الحرب التي شنت عليه، ونتيجة الحصار الاقتصادي الخانق الذي نعاني منه، وهو حصار نأمل من حكومتنا أن تقف فيه إلى جانب الشعب عبر دغمه بتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة ومكافحة الفساد ووضع حد لسيطرة أمراء الحرب على السوق وعلى تحكمهم بمستقبل أبناء هذا الشعب الذي أبى إلا أن يكون مخلصاً لوطنه ومدافعاً عنه.

أهداف

وقال د.جهاد بكفلوني عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد: حاولنا الارتقاء بالمشهد الثقافي من خلال عدم قبول الأعمال الأدبية والفكرية المتواضعة، أو تلك التي لا تحمل نفساً وطنياً خالصاً، ناهيك عن التشدد في موضوع الاهتمام باللغة العربية لأننا لاحظنا أن هناك تراجعاً عاماً في كل ما يقدم من أعمال فالذي يكتب فكراً قد يقل اهتمامه باللغة مع أن اللغة جزء لا ينفصل عن الفكر، إضافة إلى ذلك الوضع المادي الصعب الذي يعيشه أعضاء الاتحاد كان في صلب تفكيرنا، بالتالي اتخذنا قرارات مهمة على رأسها رفع التعويضات آخذين بعين الاعتبار أن الظروف التي يعيش بها المواطن في سورية ليست بالظروف السهلة نتيجة الحرب الدامية التي شنها أعداء سورية.

في كل الأحوال نحن نعمل ولانقول إننا حققنا ما نريد من أهداف لكننا نسعى جاهدين لأن تكون عند حسن ظن أولئك الذين وضعوا ثقتهم فينا من خلال التصويت لنا، وكل خطأ يحدث غير مقصود ونحنا نفتح صدورنا للنقد البناء الذي لنا على الطريق الصحيح لأننا نسعى جاهدين إلى السير عليها.

من جهته، عدّ سمير المطرود مقرر جمعية المسرح المؤتمر السنوي محطةً لتقييم العام الماضي، ووضع المقترحات والقواعد والأسس الجديدة المبنية على تطلعات الزملاء في الاتحاد للعام القادم، مبيناً أن الهدف الأساسي هو الارتقاء بالعمل الثقافي والإبداعي والفكري، والنظر إلى واقع أعضاء الاتحاد فيما يتعلق بالأمور الذاتية، من حيث تحسين الواقع المادي وتحسين التعويض الطبي وكل ما من شأنه أن يعود بالمنفعة عليه، ومهمة المؤتمر أن يشير إلى ذلك ويحققه.

نكوص وخمول

أما عضو جمعية الشعر في الاتحاد، هيلانة عطالله، فقد رأت أن الاتحاد ينتقل اليوم من مرحلة استمرت حوالي أحد عشر شهراً، وهي مرحلة شهدت متغيرات ثقافية وأدبية وإدارية وإبداعية كثيرة على غير صعيد، واعتبرت أن التواتر الإنتاجي الحاصل في الجمعيات التابعة للاتحاد يدل على نشاط إبداعي وحراك ثقافي مهم في سورية خلال هذه المرحلة، مع أنه يتفاوت نسبياً بين جمعية وأخرى. وطرحت مثالاً جمعيتي المسرح وأدب الطفل، فقالت: “شهدنا فيهما كثيراً من النكوص والخمول، إذ لم يكن هناك أعضاء متواجدون، بالتالي لا منشورات، لذا طفق المكتب التنفيذي برئاسة رئيس الاتحاد إلى إيجاد السبل الكفيلة بتنشيط هاتين الجمعيتين، وبدأ المكتب التنفيذي بتشجيع الأقلام الجديدة والانتساب إلى الجمعيتين لضخ دماء جديدة فيهما”.

وأضافت: “لدينا أيضاً حراكات كثيرة، كالمكتبات الريفية، إذ لم يألُ المكتب التنفيذي جهداً للوصول إلى أبعد قرية في ريفنا الجميل الذي أهمل كثيراً عبر سنوات ماضية، ونحن بدورنا ككتاب وكمؤسسة مهتمة بالأدب والثقافة ساهمنا بما أمكننا لإيصال الكتاب بأدنى الأسعار، فنضمن وصوله إلى أوسع شرائح المجتمع. ونأمل من هذا المؤتمر أن يكون محطة تقويم لأداء الاتحاد، مع أني أظن أن أداءه لهذا العام كان جيداً، لكننا نطمح للدنو من الكمال. وكلما اهتممنا بالثقافة، تعافى مجتمعنا من الشروخ التي أصابته جراء هذه الحرب القذرة، لأن معركتنا في البداية كانت معركة ثقافية قبل أن تنتقل إلى الميدان”.

الترجمة

ولفت حسام خضور رئيس جمعية الترجمة إلى أن عمل الاتحاد يجري بشكل طبيعي، وإلى أن الجمعية تعمل على تنشيط عمل المترجمين وتوفير المادة وإمكانيات الطباعة والتعويضات للمترجمين، لكن هناك عثرات تتعلق بالحصار على البلد، وتوفر الكتاب الأجنبي في السوق المحلية، كما أن حقوق الملكية وحقوق النشر الدولية التي تلتزم بها سورية تعيق عمل الترجمة في هذه المرحلة بشكلها القانوني السليم. ومع هذا، نعمل من خلال مجلة الأدب العالمية التي يصدرها الاتحاد على توفير مادة للقارئ العربي من خلال ترجمة مقالات وقصص ومواد أخرى، وهذا لا يكفي لكن الواقع فرض نفسه في هذه المرحلة”.