Uncategorized

كوساتشوف: “الناتو” ليس ضامناً لأمن أوروبا.. بل مفجّر للصراعات والنزاعات

يبدو أن أهم النتائج التي تمخّضت حتى الآن عن الحرب في أوكرانيا، هي أن الغرب برمّته الآن يقف عارياً أمام دول العالم، فوهم الديمقراطية لم يعُد يغري أحداً بعد ما ظهر من عداء غربي واضح لروسيا الاتحادية، كما أن الحلف الأطلسي الذي أخذ هالة كبرى في أوروبا على أنه ضامن أمين لأمن القارة بدا قزماً بعد عجزه عن منع حرب يقول إنها اندلعت على تخومه الشرقية، رغم أنه يعدّ بشكل أو بآخر طرفاً في هذه الحرب بوصفه محرّضاً لأوكرانيا على استفزاز روسيا.
فالدبلوماسية التي كانت سبباً رئيساً يمنع السياسيين الروس من التعاطي مع “الناتو” بوصفه حلفاً غير أخلاقي لم يعُد لها مسوّغ الآن بعد حملة العداء الكبيرة التي شنّها الحلف على موسكو، ومن هنا أعلن نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف، أن الحلف كان يقترب بشكل مستمر من “الخطوط الحمراء” الروسية وأصبح مصدراً للنزاعات والأزمات في العالم.
وقال كوساتشوف في حديثه لوكالة “تاس” عشية الذكرى السنوية لتأسيس الحلف: “لقد أثبت القرن الحادي والعشرون أخيراً أن حلف الناتو ليس ضامناً لأمن أوروبا، ولكنه ضامن لمشكلات أمنها، وليس حلاً، بل مصدر للأزمات والصراعات، بتحريكه الستار الحديدي شرقاً، الأمر الذي حذر منه السياسي الألماني البارز هانز ديتريش غينشر. ولم يوسّع ناتو مساحة الديمقراطية، بل اقترب بثبات من خطوطنا الحمراء”.
وأضاف: “والآن، كما نرى، تألّق، لكنه لم يتوصّل إلى أي استنتاجات. فالإيمان الأعمى بقوّته الخاصة واليقين بأنه دائماً على الجانب الصحيح من التاريخ جعلا الحلف غير قادر على التفاوض. وربما يعدّ ذلك الاستنتاج الأكثر حزناً للذكرى السنوية الحالية لـ”ديناصور” الحرب الباردة”.
واعتبر السيناتور التهاني بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس الحلف غير ضرورية، لأنه هيهات أن يوجد هناك حلف آخر لعب “مثل هذا الدور المشؤوم” في تاريخ البشرية. ومع ذلك، يعتقد أن هذا اليوم هو مناسبة جيدة للتذكير مرة أخرى بالمشكلات التي يؤدّي إليها “استمرار وجود بقايا الحرب الباردة للعالم كله”.
وذكر أن الأمين العام الأول لحلف الناتو، غاستينغس إيسمي، رأى هدف الحلف في إبقاء الولايات المتحدة في أوروبا والسيطرة على ألمانيا وإبقاء روسيا خارج أوروبا، وقال كوساتشوف: “كما نرى فقد تحقق ذلك في عام 2022 بنسبة 100%، وقد سيطرت الولايات المتحدة على أوروبا بحيث لا يوجد أي أثر لاستقلالها ولا تزال ألمانيا تحت السيطرة الكاملة، والعلاقات مع روسيا مقطوعة”.
وأوضح: “إن القصص المتعلقة بالطبيعة “الدفاعية” للحلف لا يؤمن بها أحد، إلا الشخص الذي يقرأ نشرات الناتو حصرياً. لقد أنفقت الولايات المتحدة وحدها ما يقرب من 6 تريليونات دولار على الحروب في أقل من العقدين الأخيرين. ولم يجرِ أيّ من هذه الحروب على أراضي دول الحلف نفسها. أما عدد الضحايا الأجانب لـ “الحلف الدفاعي” فتبلغ حتى حسب التقديرات الأمريكية الرسمية، مئات الآلاف”.
وأشار إلى أنه قُتل في حروب الحلف الأخيرة فقط، وخاصة في أفغانستان والعراق وسورية والدول الأخرى 480 ألف شخص، بمن فيهم 244 ألف مدني. وتابع: “والصورة الفخورة لحلف الديمقراطيات يشوّهها وجود البرتغال خلال عهد الديكتاتور سالازار بين مؤسسي ناتو. وفي عام 1946 رفض مجلس الأمن الدولي عضويتها في الأمم المتحدة، لكن دكتاتورية اليمين لم تكن عقبة أمام المشاركة في الناتو. وعلى ما يبدو فإن “النازيين” الأوكرانيين الحاليين سوف يتناسبون تماماً مع القيم الأطلسية”.
وفي شأن آخر، قال رئيس الوفد الروسي المفاوض: إن كييف أصبحت أكثر واقعية في مقاربتها لمسألة وضع أوكرانيا المحايد وغير النووي، لكن مشروع المعاهدة ليس جاهزاً بعدُ لعقد قمة بين رئيسي البلدين.
وأضاف فلاديمير ميدينسكي، كبير المفاوضين الروس في المفاوضات مع أوكرانيا، في بيان: “لقد أصبح الجانب الأوكراني أكثر واقعية في مقاربته للقضايا المتعلقة بالوضع المحايد وغير النووي لأوكرانيا، لكن مشروع المعاهدة ليس جاهزاً بعد لتقديمه وعقد لقاء قمة” بين رئيسي البلدين.
وأضاف ميدينسكي: إن موقف روسيا من شبه جزيرة القرم ودونباس في المفاوضات لم يتغيّر.
بالإضافة إلى ذلك، وفقاً للممثل الروسي في المفاوضات، فإن “الخبراء” الدبلوماسيين والعسكريين لأوكرانيا متأخرون كثيراً في تأكيد نص المسودة، حتى تلك الاتفاقات التي تم التوصل إليها بالفعل على المستوى السياسي.
ونوه بأنه “في الواقع، القضايا المتفق عليها، وهي الوضع المحايد وغير المنحاز وغير النووي لأوكرانيا، ورفض نشر القوات الأجنبية والقواعد وأي أسلحة هجومية، ورفض تطوير وإنتاج أسلحة الدمار الشامل، وإجراء التدريبات بمشاركة طائرات أجنبية فقط بإذن من الدول الضامنة (بما في ذلك روسيا)، وكذلك إنشاء نظام ضمانات أمنية دولية لأوكرانيا المحايدة – كل هذه الاتفاقات التي تم التوصل إليها في اسطنبول هو ما سعت إليه روسيا باستمرار منذ ذلك الحين 2014”.
ولفت إلى أن العمل على نص المعاهدة على مستوى الخبراء ورؤساء الوفود قد تم عن بُعد يومي الجمعة والسبت الماضيين في 1و2 نيسان، وستستأنف المفاوضات يوم غدٍ الاثنين.
وفي إشارة إلى التحريض الذي تمارسه واشنطن تجاه كييف في النزاع الحاصل بين الطرفين، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن القوات الأوكرانية شنّت الغارة الجوية على مستودع النفط في بيلغورود الحدودية الروسية بعد أن دعت الخارجية الأمريكية مواطنيها إلى مغادرة روسيا.
وقالت زاخاروفا في تعليق على حسابها على موقع تليغرام: بعد ست ساعات من دعوة المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس المواطنين الأمريكيين إلى مغادرة روسيا وأوكرانيا على الفور، عبرت مروحيتان أوكرانيتان من طراز (Mi-24‎) الحدود الروسية وهاجمتا مواقع في بيلغورود متسائلة “هل كانت واشنطن على علم بهذا الهجوم”.
وكانت الضربة الصاروخية التي نفذتها مروحيتان أوكرانيتان في ضواحي مدينة بيلغورود صباح الجمعة الماضي أدّت إلى اندلاع حريق في مستودع للنفط.
دولياً، لاحت في الجانب الغربي علامات الصدمة إزاء سوء تقدير النتائج المترتبة على العقوبات المفروضة على موسكو، حيث ظهرت خيبة أمل واضحة في حديث بعض المسؤولين الغربيين المحسوبين على واشنطن، بينما خفتت التصريحات الغربية الساخنة بفعل العجز عن الحصول على النتائج المرجوّة.
فقد اتّهم نائب رئيس الوزراء البولندي، ياروسلاف كاتشينسكي، اليوم الأحد، فرنسا وألمانيا بأنهما مقرّبتان جداً من روسيا في سياق الحرب في أوكرانيا.
وفي مقابلة نشرتها صحيفة “دي فيلت” الألمانية، اعتبر كاتشينسكي، زعيم حزب “القانون والعدالة” القومي الشعبوي الحاكم في بولندا، أن “ألمانيا، مثل فرنسا، لديها انحياز قوي لموسكو”.
ووجّه كاتشينسكي انتقاداته الأكثر حدّة لبرلين فقال: “على مدى سنوات، لم تكن الحكومة الألمانية تريد أن ترى ما تفعله روسيا بقيادة فلاديمير بوتين، ونحن نرى النتيجة اليوم”.
وأضاف: “بولندا ليست راضية عن دور ألمانيا في أوروبا”، آخذاً على برلين محاولتها “إعادة بناء ما فعله المستشار السابق للإمبراطورية بسمارك”، ما يعني “هيمنة ألمانية، لكن جنباً إلى جنب مع روسيا”، على حدّ قوله.
وانتقد نائب رئيس الوزراء البولندي برلين خصوصاً لعدم تسليمها أسلحة كافية لأوكرانيا، ورفضها فرض حظر على واردات النفط من روسيا على الأقل.
جدير بالذكر أن بولندا تعمل على تعزيز ظاهرة روسوفوبيا في الدول الأوروبية، وهي تنتقد دائماً كل التوجهات الأوروبية الرامية إلى الحوار مع موسكو.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان، أن حزبه ” الاتحاد المدني الهنغاري” سيعمل حال فوزه في الانتخابات البرلمانية، كل ما بوسعه لمنع البلاد من التدخل في النزاع بأوكرانيا.
وقال أوربان للصحفيين، بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات في واحد من مراكز الاقتراع ببودابست، اليوم الأحد: يجب على بلاده ألا تتدخل في الأحداث الأوكرانية، مشيراً إلى أن هنغاريا تقدّم فقط مساعدات إنسانية للاجئين الأوكرانيين.
ويرى أن المعارضة الهنغارية “لا تشعر بذلك وتريد اتخاذ خطوات قد تؤدّي إلى تدخل هنغاريا في هذا النزاع”. وعبّر عن اعتقاده أن “ذلك سيكون مأساة بالنسبة لهنغاريا”
جاء ذلك بينما اعتبر وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، كويشي هاجيودا، أن السبيل الوحيد في الوقت الحالي أمام المجتمع الدولي هو “تشديد العقوبات على روسيا”.
وقال هاجيودا في حوار مع قناة “NHK” التلفزيونية: “في المرحلة الحالية لا توجد طريقة أخرى سوى زيادة تشديد العقوبات ضد روسيا”.
في الوقت نفسه، أقرّ الوزير بأنه “لا يمكن لأحد أن ينكر أنه من المستحيل تجنّب النتائج السلبية للعقوبات ضد روسيا على الاقتصاد الياباني”. وأضاف هاجيودا: “على وجه الخصوص، إذا استمر الوضع في المنطقة، فسيكون من الصعب على الشركات اليابانية العاملة في روسيا الاستمرار في ممارسة الأعمال التجارية”.
وفي معرض جوابه عن سؤال حول متى سيكون من الممكن التفكير في تخفيف العقوبات ضد روسيا، قال: إنه “فقط في المرحلة التي يكون فيها السلام في المنطقة واضحاً”
إلى ذلك، أعلن رئيس شركة لنقل وتخزين الغاز الطبيعي في جمهورية لاتفيا أن دول البلطيق توقفت عن استيراد الغاز الطبيعي من روسيا. وقال أولديس باريس، الرئيس التنفيذي لشركة “كوناكس بالتيك غريد”: “الأحداث الجارية تظهر لنا بوضوح أنه لم يعُد هناك مزيد من الثقة”. وأضاف لراديو لاتفيا: “منذ الأول من نيسان لم يعُد الغاز الطبيعي الروسي يتدفق إلى لاتفيا وإستونيا وليتوانيا”. وأشار الى أن سوق دول البلطيق يعتمد حالياً على احتياطات الغاز المخزنة تحت الأرض في لاتفيا.
وبينما حظرت الولايات المتحدة استيراد النفط والغاز الروسيين، واصل الاتحاد الأوروبي استيراد الغاز الروسي الذي شكّل عام 2021 نحو 40% من إمداداته. ودعا الرئيس الليتواني، غيتاناس ناوسيدا دول الاتحاد الأوروبي إلى أن تحذو حذو دول البلطيق. وقال على تويتر: “من هذا الشهر فصاعداً، لم يعُد هناك غاز روسي في ليتوانيا”.وأضاف: “قبل سنوات اتخذت بلادي قرارات تسمح لنا اليوم ودون أيّ ألم بقطع روابط الطاقة مع المعتدي”، مؤكداً “إذا كان بإمكاننا القيام بذلك، بإمكان بقية أوروبا أن تقوم به أيضاً”.
واختصرت صحيفة “Business Insider” الأمريكية المشهد بقولها: إن محاولات الغرب شلّ الاقتصاد الروسي، فشلت، وإن موسكو تواصل الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالديون، على الرغم من العقوبات التي تم فرضها عليها.
ونقلت الصحيفة عن الخبير، حسن مالك، أن “العديد من المستثمرين شكّكوا في قدرة الجانب الروسي على الوفاء بالتزاماته المادية، بالنظر إلى حجم العقوبات المفروضة عليه، ولكن التقارير الأخيرة أشارت إلى أن موسكو سدّدت في نهاية آذار مدفوعات سندات بقيمة 447 مليون دولار”.
بدوره أشار الخبير، فاروت برومبون، إلى أنه قبل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعطت سندات شركة غازبروم” وبنك “في تي بي” عائدات عالية، وهو ما يعني أن هاتين المؤسستين الروسيتين قادرتان على الوفاء بالتزاماتهما المالية.