ثقافةصحيفة البعث

أسامة الرّوماني.. استقبال حارٌّ وشخصيات متعددة وأداء متفاوت

في العرض المسرحي “غربة 1976” يهاجر “أبو أحمد- أسامة الرّوماني” من قريته إلى غير رجعة، وكذا يفعل في حياته الحقيقية، يهاجر ما يقارب الأربعين عاماً بسبب عمله بمؤسّسة الإنتاج البرامجي المشترك في الكويت، ليعود في العام الفائت إلى دمشق وإلى أحضان الدّراما السّورية، لا المسرح هذه المرّة، من خلال مسلسل “وثيقة شرف” للمخرج باسم السلكا ونصّ للكاتبين مؤيد النّابلسي وعثمان جحا، مجسّداً شخصية الرّوائي “ممدوح” الذي يكتب روايةً اسمها “فيكتوريا” وتتحدّث عن فتاة مختطفة تحوّلت إلى فتاة ليل، وهي مشاركة عبّر عن سعادته فيها خلال لقاءٍ تلفزيوني سابق لطالما أحبّ العمل مع المخرجين السّوريين الشّباب.

وفي هذا الموسم الرّمضاني يعمل الرّوماني للمرّة الثّانية مع المخرج السّلكا ونشاهده في مسلسل “على قيد الحب” للكاتب فادي قوشقجي، وفيه يؤدّي دور “حسّان” شخصية أساسية في العمل، وهو إنسان عاش حياته بكرامة ومبادئ لم يتخلّ عنها، لكن فجأةً تبدأ المشكلات بملاحقته بعد معرفته بزواج ابنته بالسّر من شابٍ معروف لديهم في الحارة بسمعته السّيئة وسلوكه المشين، وهنا يبدأ صراع الأب مع ذاته أوّلاً ومع عائلته ثانياً وصديق عمره “دريد لحام- أمين” ثالثاً، وهذا لا يمكن أن نعدّه صراعاً بالمعنى الحقيقي بل هو اختلاف في الرّأي ومبالغة في النّقاش وحدّة في الموقف، ولا يدوم هذا الصّراع طويلاً بالمستوى ذاته الذي كان بداية الأمر لكنّه يستمر مع معرفته بطلاق ابنته وعودتها مطلقةً إليه والتّذكير بفعلتها كلّما اجتمعا وكأنّ قلبه لم يرقّ أو يلين. في هذا العمل لا يوفّر الرّوماني جهداً ولا نظرةً وكأنّه لم يفارق التّمثيل كلّ تلك السّنوات، وكأن العمر لا يحول دون أن يثور ويثور بتلك القوّة.

أمّا في “كسر عضم” للمخرجة رشا شربتجي والكاتب علي الصّالح، فيشارك الرّوماني بشخصية “أبو سام” الرّجل المتسلّط الفاسد والعدوّ الّلدود لـ “أبو ريان – فايز قزق” شخصية لا تظهر كثيراً مقارنةً بكونه عدوّاً أو ندّاً للشّخصية الأساسية، وعلى الرّغم من مرور خمس عشرة حلقة لا نشاهد تحوّلاً في الأداء صعوداً أو هبوطاً بل تسير الشّخصية برتابة لن نقول عنها مملةً أو لا إبداع فيها، لكن سنقول هذا ما رُسم لها.

عودة ميمونة وغنيّة تسمح للرّوماني بالعودة أيضاً إلى الكوميديا كضيفٍ على المسلسل الذي صنّف بالكوميدي “حوازيق” للمخرج رشاد كوكش والكاتب زياد ساري، ويعتمد هذا العمل على المكان الواحد “الفندق” والوافدين المتعددين، ففي كلّ حلقة هناك شخصية تحلّ ضيفاً على هذا الفندق ومعها قصّتها الجديدة.

حضور لافت وشخصيات متعددة ومستوى أداء متفاوت قدّمه أسامة الرّوماني بعد فترة قصيرة من عودته، وهذا ما قد يتمنّاه كثير من الممثلين، لكن هناك ما يلفت الانتباه أكثر هو الاستقبال والاهتمام الذي تلقّاه العائد “الغالي” من قبل المخرجين السّوريين، ولا أدري ما هو السبب وراء هذا الاهتمام، هل هو الإخلاص لصورة “أبو أحمد” وغيرها من الشّخصيات التي قدّمها لاحقاً؟ أم هو الحبّ فعلاً لهذا الإنسان أوّلاً والممثّل ثانياً والثّقة بقدراته وإمكانياته؟ أم هو الرّغبة في تحقيق سبق درامي؟ أم أنّ الدّراما السّورية صارت تعاني نقصاً في هذه الشّريحة العمرية بعد رحيل من رحل أمثال عمر حجو ورفيق سبيعي وخالد تاجا وغيرهم من مؤسّسي الدّراما السّورية، طبعاً نقول رحلوا جسداً فقط، فحضورهم راسخ في ذاكرتنا وذاكرة كلّ من عمل معهم من ممثلين ومخرجين يسترجعون تلك اللحظات بكثير من الحبّ والفقد.

يُذكر أنّ أسامة الرّوماني من مواليد دمشق 1942، في رصيده مسرحياً “غربة” و”ضيعة تشرين”، وتلفزيونياً نذكر على سبيل المثال لا الحصر “ساعي البريد” و”أسود أبيض” و”بصمات على جدار الزّمن”، وسينمائياً نذكر أيضاً “عجاج” و”يوم آخر للحبّ”، أمّا إخراجياً فله “نجوم وأضواء” و”افتح يا سمسم”.

نجوى صليبه