دراساتصحيفة البعث

الولايات المتحدة.. دولة أمنية بامتياز

هناء شروف

منذ بداية 2022 فضلت إدارة بايدن إعطاء الأولوية للسياسة الخارجية على الاهتمام بالمشاكل الداخلية المحلية ومعالجتها، والتي رسخت مرة أخرى سمعة الولايات المتحدة كدولة ترتكب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في السجون الخاصة، ومراكز الاحتجاز لكل من المهاجرين واللاجئين. وبالفعل تعرضت الهجرة الجماعية للاجئين الفارين من مناطق الصراع، أو المهاجرين الباحثين عن فرص اقتصادية أفضل في ظروف انتشار الوباء والصراع في أوكرانيا، لمعاملة غير إنسانية على عكس ما تتكلم عنه وتؤيده الولايات المتحدة في الخارج، حيث لا يزال نظام الهجرة والملاحقة القضائية بأكمله فاضحاً ومثيراً للجدل ومسيئاً.

لقد تم وضع الأساس لزيادة نطاق تطبيق الهجرة والجمارك في الولايات المتحدة وحماية الجمارك والحدود في الثمانينيات، ولكن أصبحت ممارسات الاحتجاز التي تنطوي على السلوك اللا إنساني والعنصرية سمة أكثر بروزاً في عام 2022 .

أيد الكونغرس الأمريكي ما يجري علانية، وسعى إلى معاقبة المراكز التي اكتسبت شهرة عالمية لتجريمها الحق في الهجرة التي عملت بلا رحمة ضد المهاجرين من أمريكا الوسطى  مثل المكسيكيين والغواتيماليين ، حيث يتم احتجاز العديد منهم دون توجيه تهم إليهم. بالإضافة إلى ذلك، تبنت الولايات المتحدة نهجاً مزدوجاً بشأن الهجرة، حيث تتطابق أنظمة التأشيرات الليبرالية للمهاجرين الأوكرانيين مع مئات المهاجرين من دول مثل المكسيك وهندوراس . حالة ليونيل هويتي غارسيا من هندوراس  الذي قُبض عليه في تشرين الثاني 2021 كجزء من عملية “لون ستار” في تكساس، هي مثال على احتجاز المهاجرين لشهور ثم ترحيلهم دون استشارة قانونية.

لم يتم تصحيح الكثير في هذا الصدد، إذ لدى الولايات المتحدة أكثر من 200 منشأة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك تلك التي تأوي طالبي اللجوء في سجون خاصة المدفوعة بالأرباح والمصالح الخاصة. وقد وجدت وزارة الأمن الداخلي في عامي 2018 و 2019 أن المحتجزين في السجون غالباً ما يتم تزويدهم بغذاء ورعاية طبية دون المستوى المطلوب، ويواجهون نقصاً في المساءلة. وقد ساءت هذه الاتجاهات في عام 2022  حيث تسبب جائحة كوفيد-19 في خسائر فادحة في الاقتصاد المحلي، حيث عانى الأشخاص المحتجزون لدى هيئة الهجرة والجمارك في عام 2022 من الإهمال الطبي، والإساءة الجسدية والعقلية، وزيادة عدد الوفيات. لقد ساعد كوفيد-19 في المبالغة في الممارسات الحالية، حيث غالباً ما يتم احتجاز الأشخاص الذين يسعون للهجرة بدلاً من تزويدهم ببديل قابل للتطبيق من شأنه أن يمنحهم الحماية الفيدرالية.

حتى الآن، تواصل الولايات المتحدة العمل كدولة أمنية مع تجاهل تام لكرامة الإنسان، حيث تبنت إدارة بايدن تدابير مثل توسيع نطاق الحجز في المنزل، والضغط من أجل تنفيذ برامج حظر التجول التجريبية بهدف تقليل أعداد المحتجزين. ومع ذلك  أدى ذلك إلى زيادة المراقبة والفحص وإلحاق الأذى بالمهاجرين المسجلين في برامج الاحتجاز البديلة التابعة لإدارة الهجرة والجمارك. علاوة على ذلك  أنشأت وزارة الأمن الداخلي جهازاً ضخماً لمراقبة الحدود  والذي يفرض الترحيل الجماعي للمهاجرين.

والمفارقة في هذه الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر نفسها ملتزمة بقاعدة أخلاقية أعلى، وتنتقد الدول الأخرى بسبب التعذيب والاعتقالات القسرية والفظائع التي ترعاها الدولة ضد المواطنين.