صحيفة البعثمحليات

من غير رجعة؟!

تتكاتف الجهود في هذه الآونة لمواجهة التحديات المتزايدة والضاغطة مباشرة على لقمة عيش الناس، كما تتفق المواقف والآراء على أهمية التعاون والتنسيق والعمل الجماعي المبني على أسس الشفافية بين المواطن والجهات المعنية التي يقع على عاتقها العبء الأكبر المتمثل بإيجاد الحلول ومعالجة كل المشكلات التي تتكاثر نتيجة الحصار المفروض الذي يقلل بشكل أو بآخر من سرعة الخطوات والإجراءات المتخذة في مسارات تأمين المستلزمات وتوفير الاحتياجات الأساسية.
وطبعاً رغم صعوبة الظرف، إلا أن ذلك لم يؤثر في التفاؤل والحرص على تدعيم مقومات النجاح والصمود، وخاصة مع وجود مواطن يعي ما يحدث ويدرك خطورة التحديات وأسبابها ويغذي يومياته من معين الوطنية التي كانت وما زالت الداعم الأكبر والحاضنة الأهم للصمود خلال سنوات الحرب، وهناك أيضاً فريق حكومي يسعى إلى التخفيف من وطأة الحرب وتداعياتها على المجتمع بكل السبل المتاحة ويعمل على تحسين الواقع الناضح بالكثير من المنغصات.
ولاكتمال هذا المشهد الواقعي المتفائل لابد من البحث عن مرتكزات واضحة المعالم له على أرض الواقع، بمعنى آخر لابد من الإمساك بتلك المثبطات التي تحول دون تحقيق الأولويات التي كانت بوابات عبور للخطاب الحكومي إلى الحياة العامة، حيث تتراص الأرقام وتتراقص ملياراتها على دواليب الدعم التي باتت أقرب إلى دواليب اليانصيب منها إلى الخطط والميزانيات المتناسقة والمتطابقة مع حقيقة ما يجري في ساحات التنفيذ، فنتائج ما يتم تحت عنوان أولوية لا تطمئن أبداً، وتشير بكل وضوح إلى ضياع بوصلة القرار واستمرار عمليات التغطية عن الكثير من القضايا والملفات التي نعتقد أنها باتت خارج السيطرة نوعاً ما، وذلك على إيقاع أداء مترنح وتحديداً فيما يخص الواقع المعيشي والخدمي بأبسط متطلباته يتجاهل بشكل متعمّد حالة الاستياء الناجمة عن إطلاق الوعود دون أن تحقق أهدافها تحت غطاء كثيف من الأعذار سواء المتعلقة بالظرف العام أم بتلك المندرجة ضمن تصنيفات الخصوصية لكل جهة وبشكل تنزلق معه مصلحة المواطن من غير رجعة إلى غياهب النسيان.
ما يجب تأكيده أن التفكير في إحياء الصناعات الكبيرة كما يشاع أو إصدار المزيد من القرارات التي تحاصر حياة المواطن وتصطاد دخله بشتى أنواع الضرائب وملاحقة رغيف خبزه واستخدام أسلوب المباغتة لاحتياجاته وتعليقها على شبكات النت التي تخبّئ الكثير من الإشارات الاستفهامية الباحثة عن إجراءات المحاسبة التي تمّت بحق الفساد، لن يكون المسار الضامن للنجاة.
باختصار تقاسم المسؤولية بين المواطن والمؤسسات الحكومية والاعتراف المتبادل بالجهود التي تبذل وبحقيقة ما يعانيه المواطن وما تقدمه الدولة له في كل المجالات والمناحي، يشكل الخطوة الأولى على طريق البناء والإعمار، كما يمثل حلقة مهمة في مشروع مكافحة الفساد ومن جهة ثانية وبالتحكيم العقلي نستطيع تأكيد أن قوة الدولة وحضورها هما نتيجة حتمية لإيمان المواطن وثقته بمؤسساتها والتزامه بالقانون.
نحن هنا لا نسعى لتبرئة أية جهة من التقصير بل نحاول أن نقدم الوجه الآخر للحقيقة التي نتجاهلها دائماً تحت عنوان الفساد الوظيفي والمجتمعي الذي يشكّل المواطن فيه مكوّناً أساسياً، وبصراحة الجميع شركاء بهذه الجريمة ويشجّعون على تكاثر من يرى مصلحة الوطن من فتحات جيوبه فقط؟.
بشير فرزان