اقتصادصحيفة البعث

حتى ننافس يجب ألا نناقش المسلمات..!

قسيم دحدل

يرى خبراء اقتصاديون أن انخفاض القدرة الشرائية للعملات الوطنية في كثير من دول الشرق الأوسط، يوفر قدرة عالية جداً على زيادة تصدير منتجاتها المتنوعة بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج بالنسبة للعملة الصعبة، ما يعني منطقياً زيادة إدخال الأخيرة إلى خزائنها (يبلغ سعر 1 كلغ مشمش لبناني فاخر للتصدير 1 دولار فقط)، كذلك سيجعل هذه الدول ذات قدرة عالية جداً أيضاً على اجتذاب السائحين الأجانب بشكل كبير جداً خلال الفصلين القادمين: الصيف والخريف، وبالتالي تحصيل عملات صعبة هي أحوج ما تكون إليها.

وإذا كانت دول كالعراق والأردن ولبنان، تُؤخذ كنموذج على ما يمكن تحقيقه بنتيجة انخفاض العملات الوطنية، فالسؤال المطروح في هذا السياق: وأين سورية في هذا الشأن، وهل عملنا على استثمار ما لفت إليه الخبراء؟.

في هذا المقام يمكننا القول: صحيح أن القدرة الشرائية لعملتنا الوطنية منخفضة، لكن الصحيح أيضاً أن إنتاجنا لا يزال متواضعاً، ولم يصل مرحلة إمكانية تحقيق أقصى الفوائد من انخفاض قدرة ليرتنا، لا داخلياً وبالتالي خارجياً، وخاصة في ظل تطويقنا بعقوبات وحصار ومقاطعة اقتصادية، وهذا أمر يصعّب المهمة ويعقدها علينا محلياً.

ولا نخفي كذلك قلقنا من أن تكون عوائد صادراتنا – وأغلبها منتجات زراعية أولية لا تحمل أية قيمة مضافة – من التواضع بحيث لا تغطي التكاليف التي نتكبدها في سلسلة إنتاج تلك المنتجات، ولاسيما التكاليف التي يتحملها الفلاح.

ولمن يرى أننا بلاد خير ووفرة، نقول: لقد كنّا كذلك قبل الأزمة، ورغم هذا لم نحقق المأمول مقابل الجهد والتكلفة اللذين يبذلان من قبل المنتجين، ولعلّ معادلة العرض والطلب دليل داعم على صوابية ما ندّعيه، ناهيك عن أن العائد لم يكن يُحسب بالشكل الصحيح والمجدي اقتصادياً وتجارياً، استناداً للقيمة الحقيقية لإمكانياتنا التي تعاني من الهدر فيها، ومثال ذلك القيمة الحقيقية للمياه التي تصرف على إنتاجنا الزراعي، في دولة مثل سورية تعاني من عجز مائي، حيث تختلف قيمة المياه مقارنة مع دولة أخرى تتمتّع بوفر مائي. هذا مثال واحد على ما يجب أن نحسبه بميزان ذهب حين نعتمد الإنتاج التصديري لمحاصيلنا الزراعية (الدوكمة).

وما يُقال عن قطاع إنتاجنا الزراعي التصديري، يُقال في باقي القطاعات، لذلك لا بد من العمل والتركيز على التميّز والفرادة في المنتج، وأيضاً التنافسية المطلقة لصادراتنا أياً كان نوعها، وحينها يمكننا الحديث عن الاستثمار في ضعف القدرة الشرائية لعملتنا الوطنية.

وإذا ما انتقلنا للسياحة، لا يكاد الأمر يختلف كثيراً، وإذا كان الرهان على رخص السياحة في بلدنا – نتيجة لفرق سعر الصرف.. – لحصد عوائد مالية من العملات الصعبة، فهذا برأينا مقتل لاقتصادنا قبل سياحتنا، وخاصة في ظل الأوضاع المتأزمة اقتصادياً في الغرب عموماً، كمصدر محتمل وأول من تلك العملات، حيث يعني ضعف القدرة الشرائية لليرتنا ضعفاً مُقابلاً للعائد من العملة الصعبة.

إن الرهان على ضعف عملتنا الوطنية – برأينا – رهان خاسر، ما لم يتمّ دراسة الأسواق ومعرفة توجهاتها وأذواقها وتحقيق اشتراطاتها ومعاييرها المختلفة في كثير منها عما لدينا، فحتى ننافس يجب ألاَّ نناقش المسلّمات في تحديد الخيارات.

Qassim1965@gmail.com