رأيصحيفة البعث

قراصنة العصر

أحمد حسن

مرة جديدة، وتحت غطاء الادّعاء الشهير بمكافحة الإرهاب، يقوم الاحتلال الأمريكي بتجديد سرقاته للنفط السوري من المناطق التي يحتلها في شرق البلاد بالتعاون مع ميليشياته “الديمقراطية!” التي وعدت الشعب السوري بمستقبل جديد يبدو أن أحد معالمه البارزة قيامها – إلى جانب أدوارها الأخرى – بدور المرتزقة في حمايتها الدائمة لأرتال الصهاريج الأمريكية المحمّلة بالنفط والقمح السوري المسروقين.

ومرة جديدة يكون الصمت المتواطئ هو الموقف الوحيد للمجتمع الدولي المزعوم ومجلس أمنه وأممه المتحدة، بينما يبرز الفجور السياسي بأبشع صوره في تقديم إحدى قواه العظمى، بريطانيا، مشروع قرار جديداً حول حقوق الإنسان في سورية لا تتناول فيه، ولو بجملة عابرة، “معاناة السوريين نتيجة الحرب الإرهابية، والعدوان التركي والأمريكي على الأراضي السورية”، كما قال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، السفير حسام الدين آلا، ولا تذكر فيه، حكومة “صاحب الجلالة” الجديد، أي شيء عن “نهب موارد سورية الطبيعية والاقتصادية، والاعتداءات العسكرية الإسرائيلية المتكرّرة على المرافق المدنية”، أو دور “الحصار الاقتصادي في انتهاك حقوق الإنسان للسوريين وعرقلة عودة المهجّرين” وأثر ذلك في الإنسان وحقوقه لأنها شريكة رئيسية في كل ذلك.

وبالتأكيد ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية في سورية هو احتلال سافر وقرصنة موصوفة ومحاولةً صفيقة “للعودة إلى عصور الاستعمار التي عفا عليها الزمن”، وما “تفتعله” بريطانيا من قضايا في مجلس حقوق الإنسان هو “جهد” تكميلي معتاد منها في خدمة السيد الأمريكي. وإذا كان دور “حكومة صاحب الجلالة” الذيلي لم يعُد يثير انتباه أحد، وقد مارسته “بجدارة” بشأن العراق وغيره في أوقات سابقة، فإن ما تفعله واشنطن ليس غريباً أيضاً على دولة وصفت مندوبتها الدائمة في الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الدول الإفريقية “بالدول الزبائن أو العملاء” في تعليقها على التعاون الاقتصادي بين هذه الدول وروسيا، لأنها، أي واشنطن، لا تفهم العالم ولا تراه إلا مقسوماً بين شركة احتكارية كبرى مقرّها واشنطن يديرها مجلس إدارة مكوّن من خليط من القراصنة بربطات عنق ملوّنة يخضعون بالكامل لأوامر ومتطلبات مجمّع صناعي عسكري شره للمال والدماء، أما بقية سكان الكوكب ودوله فهم زبائن وعملاء وأتباع فقط لا غير، ومن يشقّ منهم “عصا الطاعة والإذعان” للمطالبة بحق شعبه الطبيعي في ثرواته الخاصة، فإن “الشركة” تقوم بنفسها، أو عبر أحد أتباعها، باستهدافه مباشرة أو مداورة عبر “القرارات الأحادية المسيّسة” مثل مشروع القرار البريطاني ضد سورية، مستغلّة منظمات الأمم المتحدة وآلياتها، ومنها مجلس حقوق الإنسان، “لخدمة أجنداتها التدخلية بطريقة تنتهك مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، ولاسيما مبادئ احترام سيادة الدول، والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية، وتنتهك مبادئ العالمية، والموضوعية، والحياد، وعدم الانتقائية التي قام عليها هذا المجلس”، كما قالت الخارجية السورية.

والحال، فإن ما تفعله واشنطن ولندن، سواء لسورية بلداً وشعباً أم للأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة، ليس إلا فعل قرصنة معلن يتناقض مع كل ما “توافقت” عليه البشرية من قانون دولي وميثاق أممي بعد الحرب العالمية الثانية، وإذا كانت سورية قد أعلنت، ومنذ زمن، أنها لن تخضع لهذه القرصنة الصفيقة وستواجهها وتقاومها بكل الوسائل، وهي تفعل ذلك يومياً، و”الفرات” يشهد على ذلك، فإن الإدانة، كأضعف الإيمان، هي أمر ضروري ومصيري لجميع دول العالم، فمن يصمت اليوم سيصرخ غداً بصوت عالٍ: “ولات ساعة مندم”..