مجلة البعث الأسبوعية

في ظل غياب رؤية واضحة المعالم.. اقتصادنا إلى أين؟ هل يملك مقومات الإنعاش وما الهوية المفضلة له خلال المرحلة المقبلة؟

البعث الأسبوعية – غسان فطوم

شهد الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب تراجعاً قياساً بعدما حقق حتى نهاية الـ 2010 نمواً متسارعاً في الصناعة والزراعة والسياحة، وكافة القطاعات الأخرى، حتى باتت سورية دولة اكتفاء ذاتي وصفر مديونية، لكن اليوم الوضع الاقتصادي سيء ويُخشى أن يسير إلى الأسوأ!

ولا شك عوامل عديدة ساهمت في إضعاف اقتصادنا وفقده لأكثر من ثلثي قدراته، بسبب استمرار العقوبات الاقتصادية وعلى رأسها “قانون قيصر”، إضافة إلى آلة الحرب الإرهابية التي دمرت البنية التحتية للمؤسسات والمنشآت المنتجة، يضاف لها سرقة النفط من قبل المحتل الأمريكي الذي يُخرج يومياً مئات الصهاريج المحملة بالنفط المسروق، ومعلوم أن سورية كانت تنتج من النفط بحدود 450 ألف برميل يومياً يزيد عن حاجة السوق المحلية ويصدر الفائض منه بنحو 150 ألف برميل يومياً، وكانت سورية من بين البلدان الخمسة الأولى في العالم بإنتاج القطن وتربية الأغنام والأبقار. أما إنتاجها من الحبوب فتراوح بين 3.5 إلى 6 ملايين طن سنوياً، وكنا في المرتبة الرابعة في إنتاج الزيتون على المستوى العالمي.

بالطبع ليست العقوبات لوحدها ولا الحرب المدمرة كانت وراء تدهور اقتصادنا خلال السنوات العشر الماضية، وإنما تعثر، بل فشل الحكومات المتعاقبة في إيجاد الحلول المناسبة للتخفيف من وطأة المعاناة، وخاصة ما يتعلق بسوء الوضع المعيشي واستمرار تدهور القيمة الشرائية لليرة، عدا عن صدور العديد من القرارات واتخاذ إجراءات لم تكن موفقة، بل زادت الطين بله!.

وبحسب خبراء الاقتصاد والمختصين بالشأن التنموي أن الحكومة “تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية لما آل إليه وضع الاقتصاد، خاصة ما يتعلق بتدهور الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار، نتيجة عجزها عن إيجاد الحلول لعدم وجود استراتيجيات أو رؤية واضحة للعمل.

أسئلة ساخنة

في ظل هذا الواقع ثمة أسئلة تطرح نفسها: اقتصادنا إلى أين، كيف يمكن أن يتعافى، ما هي المؤشرات الإيجابية وما هي المعوقات، وما هي الهوية المفضلة له في المرحلة المقبلة، وهل قانون الاستثمار الحالي جاذب للمستثمرين في الداخل والخارج؟؟.

بين المطرقة والسندان

برأي استشاري تطوير الأعمال وإدارة الاستثمار فراس الشحادة أننا اليوم في حالة ركود اقتصادي واقع ما بين المطرقة والسندان (التضخم وضعف الدخل) والكل يعلم ذلك والأسواق تشير بوضوح إلى هذه الحالة من الركود الذي أدى إلى انخفاض بالطلب العام وصولاً إلى تراجع الاستهلاك وهذا التراجع غير مشجع على دخول الاستثمارات مما أثّر على الإيرادات من الضرائب، والدليل أن الحكومة من خلال مسؤوليها تصرح بشح الموارد بسبب الركود الاقتصادي

اللاتفرد واللامركزية

ويؤكد شحادة أن تعافي الاقتصاد السوري لا يتم بقرار فردي، أو مركزي، أو قانون أو تشريع بل من خلال القيام بمجموعة أعمال مرتبطة مع بعضها البعض وبالتشاركية مع كل مكونات الحياة الاقتصادية عمادها اللاتفرد واللامركزية، ومن الحلول التي يجب على الحكومة أن تعمل عليها برأي شحادة هي: خفض الضرائب وزيادة الإنفاقات أي ( البرامج – المشاريع) والذي من شأنه أن يخفف من مرحلة الركود ومن الممكن أن يؤدي إلى إنقاذ الاقتصاد والعودة إلى مرحلة الانتعاش من خلال تشجيع دخول الاستثمارات.

واقترح الاستشاري تأسيس هيئة استشارية عليا “سمارت” تضم جميع الخبرات من أفراد وشركات ومؤسسات وهيئات ومنظمات وجمعيات علمية واقتصادية وتجارية وصناعية ومهنية. مهمتها بناء الاقتصاد السوري، بالإضافة إلى تحويل شركات ومؤسسات القطاع العام ذات الطابع الاقتصادي إلى شركات مساهمة مغفلة عامة وإدراج أسهما لاحقاً في سوق دمشق للأوراق المالية أو تطوير عملها وفق نظام الـ BOT على أن لا يتم التخلي عن العاملين فيها، وتفعيل دور القطاع المشترك في العمل لما كانت التجارب السابقة ناجحة في ذلك.

كما دعا شحادة إلى الاستفادة من استثمار الأصول العائدة للقطاع العام ذات المواقع الإستراتيجية والهامة لإطلاق مشاريع استثمارية وحيوية بالتشاركية مع القطاع الخاص، ودعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر وهي جزء لا يتجزأ من عملية التعافي الاقتصادي، خاصة وأن هناك دول قائم اقتصادها على المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، مؤكداً على ضرورة تفعيل دور مجالس الإدارة المحلية وتطوير أعمالها بالأفعال لا بالأقوال لتتحول إلى وحدات اقتصادية منتجة وفاعلة وبالتشاركية مع تحويل دور مؤسسات المجتمع الأهلي والخيري إلى دور تنموي دور فاعل وخروجها من قوقعة الدعم الغذائي فقط.

المعوقات كثيرة

وبخصوص المعوقات التي تقف في وجه تعافي اقتصادنا وعودة عجلة الإنتاج للدوران، يرى استشاري تطوير الأعمال وإدارة الاستثمار أن أول المعوقات تكمن بالذهنية التي تدار بها الإدارة الاقتصادية للبلد، حيث طرق التفكير لا زالت كلاسيكية لا تحمل حلولاً إبداعية، إضافة إلى استمرار العقوبات الاقتصادية الصارمة، بل والأخطر -بحسب شحادة- هو شماعة العقوبات التي نحمّل عليها كل المشاكل التي نعاني منها، إضافة إلى عدم ثبات سعر الصرف، وضعف دخل الفرد، وبالنتيجة ضعف القوة الشرائية، والكتلة الكبيرة لموظفي القطاع العام، وغياب دور المكتب المركزي للإحصاء وعدم تطوير آلياته ومهامه وأهدافه مع متطلبات واحتياجات المرحلة الحالية والمستقبلية، ويضاف إلى كل ما سبق هجرة اليد العاملة وهجرة الكفاءات العلمية والعملية، وغياب البيانات الشفافة والإحصائيات الحقيقية التي تعتمد على مؤشرات صحيحة.

تساؤلات مهمة

وفيما يخص قانون الاستثمار الحالي ومدى قدرته على جذب المستثمرين، بيّن شحادة أن قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 تم صياغته من خلال دراسة مجموعة كبيرة من القوانين الاستثمارية في الدول المجاورة وتجارب دول متعددة صديقة وغيرها.

وبرأيه أن هناك جملة من الأسئلة يجب أن تكون حاضرة على طاولة الحكومة من أهمها: ما هي مخرجات قانون الاستثمار منذ صدوره حتى الآن ومدى انعكاسها على الاقتصاد السوري، وكيف يتم العمل على تسويق جذب رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية والداخلية، وأين هي البيئة الاستثمارية التنافسية الجاذبة، وكيف يتم العمل على بنائها، وأين المناطق الاقتصادية التي أحدثت بموجب قانون الاستثمار والتي حددها القانون؟؟.

وأوضح شحادة أن الاستثمار يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعملية المصرفية التي تساهم ببناء البيئة الاستثمارية الجاذبة من خلال تسهيل ومنح القروض الاستثمارية، مشيراً إلى أن المصارف العاملة لدينا هي مصارف تجارية بعض منها في القطاع العام تعمل بمفهوم المصرف الاستثماري ومنها المصرف العقاري والمصرف الصناعي، لافتاً إلى أنه منذ صدور قانون إحداث المصارف الاستثمارية حتى تاريخه لم يؤسس أي مصرف استثماري، وتأكيد على ذلك دور الذهنية والسياسة النقدية المتبعة وأن المشروع الاستثماري لا يكفل نفسه بنفسه، حيث يحتاج لمن يؤسس لمشروع استثماري إلى ضمانات عقارية خارجية تتجاوز قيمها أضعاف مضاعفة للمشروع، ورغم صدور القرار 433 عن مصرف سورية المركزي في العام المنصرم الذي رفع إلى حد ما سقوف القروض المتعلقة بالاستثمار، لكن و-برأي شحادة- أن القروض الاستثمارية الممنوحة لا تشكل أي نهضة استثمارية قوية داعمة وهذا يعكس التوجه الحكومي للاستثمار، موضحاً أن الاستثمار الداخلي يعاني من نقص في حوامل الطاقة ونقص في اليد العاملة، ومن تذبذب سعر الصرف والتخبط في القرارات الحكومية، إضافة إلى بعد المناطق الصناعية والذي يتأثر بضعف القوة الشرائية وحركة الأسواق وحركة السيولة النقدية، وكل ذلك برأيه يؤثر كثيراً على جذب المستثمرين من الخارج، مؤكداً أن أهم محفزات تشجيع الاستثمار هي العمل على تنشيط التجارة لتكون أرشق وأسرع، وتنشيط الاستيراد والتصدير معاً، وخفض تكاليف الإنتاج، وتحرير الأسواق، ودعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، وتمثيل الوكالات العالمية التي تبحث عن أسواق لها تجاربها على أن تكون البداية بالتمثيل بالتجارة ومن ثم التصنيع الذي يأتي نتيجة لدراسة السوق الحقيقة والواقعية لها.

لا يمكن التبوء

وحول تصوره للهوية المفضلة للاقتصاد السوري في المرحلة المقبلة، اعترف شحادة أنه لا يمكن التنبؤ بالهوية الأفضل للاقتصاد السوري المعقد فلكل له وجهة نظر مغايرة ومبنية على أسس خاصة وليست عامة، وبرأيه أن تحديد الهوية مرهون بحجم البيانات المتوفرة والدراسات المعمقة، ودراسة القرارات والتشريعات وانعكاساتها ومخرجاتها على هوية الاقتصاد السوري وذلك من خلال إعداد استبيانات موجهة للمعنيين عبر منصات رقمية وليس واجهات رقمية بسيطة تعتمد في تحليلها على الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن حاجتنا لمعرفة وتحديد هوية الاقتصاد تبدأ من جمع البيانات المعلومات ومن ثم تحليلها رسم السياسات الحقيقية والإستراتيجية ومن ثم إصدار القرارات أو التشريعات واختبار تلك القرارات أو التشريعات، بشرط ألاّ يضيع القانون أو القرار بتعليماته التنفيذية ويصار الاجتهاد في التفسير إذ من الضروري في ظل هذه الظروف أن يعطى مهلة لتفعيل القرار أو القانون أي بيان إمكانية وقابلية تنفيذه.

ولأجل تحقيق ذلك اقترح شحادة تشكيل هيئة استشارية تضم جميع مكونات قطاعات العمل يكون من مهامها معرفة ودارسة الواقع الحالي ( أين نحن الآن) وتحليل نقاط القوة ونقاط الضعف ومعرفة الفرص المتوافرة، إضافة للتهديدات والمخاطر لنعرف بالنتيجة إلى أين نذهب وفق رؤية وأهداف مصاغة بذكاء ومستندة على الطموحات والاحتياجات.

تحسين السمعة

الدكتور شاهر الشاهر الباحث في السياسة والاقتصاد يرى أن الخطوة الأولى في انتعاش اقتصادنا تكمن بالعمل الجاد على تجاوز الظروف والتحديات قدر الإمكان، والعمل على “تحسين السمعة”، مشيراً إلى أن الواقع الحالي تتوفر فيه كل الأسباب التي تجعل من سورية دولة طاردة للاستثمار، لأجل ذلك يجب أولاً وقبل كل شيء توفر الإدارة الناجحة والإرادة الحقيقية لتأمين “بيئة استثمارية آمنة”. وهذا يتطلب الابتعاد عن اقتصاد الظل وتوحيد سعر الصرف والحد من انتشار الفساد، والعمل على تفعيل دور القضاء العادل والنزيه والسريع في نفس الوقت، فلا قيمة لقضاء يحتاج إلى سنوات متعددة للبت في الدعاوى، وبحسب الشاهر لا يمكن أن نتخيل أنه وفي ظل خروج عشرات المليارات المنهوبة من البلد، أن يفكر أحد بالاستثمار في سورية. ولا يمكن كذلك لدولة أن تفكر بالاستثمار في سورية في ظل وجود عقوبات أمريكية، إلا إذا استطعنا تأمين مغريات كبيرة لهم، أو السعي لإلغاء تلك العقوبات عبر الوسائل الدبلوماسية والقانونية، مع الإشارة إلى ضرورة تأمين الكهرباء والمحروقات التي تشكل عصب الحياة الاقتصادية.

كما يجب العمل وبشكل سريع على جذب القطع الأجنبي إلى البلد من خلال تسهيل استلام الحوالات وبسعر قريب من السعر الرسمي، والعمل على الحد من هجرة الشباب التي استنزفت الاقتصاد السوري، إضافة إلى استنزاف طاقاته البشرة. وتشجيع المغتربين السوريين على إرسال أموالهم إلى سورية والسماح لهم بفتح حسابات بالقطع الأجنبي وبطريقة سهلة وشفافة.

مؤشرات إيجابية

وبرأي الشاهر تشكل إعادة إعمار سورية فرصة كبيرة للشركات الأجنبية، فهي أكبر عملية إعادة اعمار منذ الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن سورية تمتلك ثروات طبيعية تشكل فرصة استثمارية كبيرة، عدا عن تاريخها العريق الذي يجعلها مركزاً سياحياً هاماً على مستوى العالم، وخاصة على صعيد السياحة الدينية (الإسلامية والمسيحية)، كما يمكن لسورية الاستثمار في “سوق التعليم” وخاصة التعليم العالي، فهي الأرخص عربياً، وتحظى الجامعات السورية بسمعة ومكانة يمكن استعادتها.

صبغات فساد!

ومن وجهة نظر الدكتور الشاهر أن الاستثمار في سورية قضية لا تتعلق بالقوانين فقط، بل بإمكانية تطبيقها على أرض الواقع، فحتى الآن و –الكلام للشاهر- لا يمكن الحديث عن قانون استثمار عصري حقيقي وإجراءات تسهيلية فعلية، خاصة وأن أكثر الاستثمارات يشوبها صبغات فساد كبيرة. وخير دليل على ذلك المنشآت الحكومية المعطاة للاستثمار لشخصيات محددة وبأسعار زهيدة، والأمر ذاته ينطبق على المنشآت العائدة للمنظمات الشعبية والنقابات المهنية، حيث أعطيت للاستثمار لعشرات السنوات وبأسعار أقل من رمزية.

اقتصاد حرب!

وفيما يتعلق بالهوية المفضلة للاقتصاد السوري في المرحلة المقبلة، يرى الدكتور الشاهر أنه من الأفضل حالياً أن يكون اقتصاد حرب أو اقتصاد أزمات لتحقيق الاستجابة السريعة للمتغيرات واحتياجات السوق، مع العلم أنه وفي ظل اقتصاد الحرب لا يمكن الحديث عن تشجيع الاستثمار الأجنبي وهو ما نراه اليوم على سبيل المثال، مشيراً إلى الكثير من القرارات الحكومية الصادرة التي أثارت أكثر من علامة استفهام وتعجب وجعلت الجميع يشكك في صوابيتها ولا يحسن الظن بالدوافع التي تقف راءها.

لا خوف على اقتصادنا

الخبير التنموي أكرم عفيف بدا متفائلاً بالقادم من أيام، مؤكداً أنه لا خوف على اقتصادنا لأن سورية بلد الخيرات فيها النفط والغاز والزراعة والسياحة والثروة الحيوانية، والمائية والرياح والشمس، وكل ذلك مقومات قادرة على إنعاش الاقتصاد بوتيرة نمو سريعة، لكن المشكلة تكمن في عقلية صانع القرار -حسب قوله- التي لا تشبه السوريين المحبين للعمل، لأنها عقلية تبحث عن الجدوى الاقتصادية لا الجدوى التنموية على المدى البعيد، بمعنى هي عقلية كلاسيكية غير مبدعة للحلول، والدليل أن الفريق الاقتصادي حوّل سورية من بلد ينتج كل شيء إلى بلد يستورد كل شيء!.

وأشار الخبير عفيف إلى تجربة الثمانينيات الرائدة التي تحدت فيها سورية العقوبات والحصار عندما دعمت الإنتاج الزراعي والحيواني وكل ما من شأنه دعم الوضع المعيشي للمواطن، مبدياً قلقه من استمرار دعم المنتجين العاملين بالقطاع الزراعي والحيواني بالكلام والوعود، في الوقت الذي يصل فيه الدعم للمستوردين إلى أقصى الحدود بدلاً من دعم المنتج المحلي!.

خارج الخدمة!

وانتقد عفيف قانون الاستثمار الحالي، فهو برأيه قانون ما زال حبراً على ورق أي قانون خارج الخدمة يدعم أصحاب الحظوة على حساب المستثمرين الحقيقيين الذي توضع بوجههم العقبات بدلاً من التسهيلات!.

وبخصوص الهوية المناسبة للاقتصاد السوري في المرحلة القادمة، يفضّل الخبير عفيف هوية الاقتصاد المقاوم الذي يستطيع أن يتأقلم ويتعايش مع الظروف الحالية ويستطيع استثمار الموارد المتاحة بشرط توفر قاعدة بيانات ودعم فعلي وعملي للمنتج المحلي وخاصة في قطاع الزراعة وتربية الحيوانات ودعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر.