ثقافةصحيفة البعث

خالد القيش يتخلّى عن وسامته ويتابع دربه صعوداً

نجوى صليبه

كانت شخصية العميد “عصام” التي قدّمها الفّنان خالد القيش في مسلسل “دقيقة صمت 2019″، للمخرج شوقي الماجري، نقطة تحوّل في مسيرته الهادئة أو المدروسة، أو ربّما التي لم يقدّر فيها، ويُعطى حقّه بالفرص، أسوةً ببعض أبناء دفعته في المعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرّج منه عام 2004، ففي هذا العمل فاجأ القيش الجمهور بتمكّنه من أداء شخصية جديدة بكلّ تفاصيلها وخطوطها.

وفي الموسم الدّرامي الرّمضاني الحالي، كان للقيش حضوره المميز والمختلف أيضاً من خلال مشاركته في مسلسل “مربى العزّ”، تأليف علي صالح وإخراج رشا شربتجي، وفيه يؤدّي شخصية “جموّل” الذي يعيش في “خرابة” على أطراف حارة من حارات دمشق، وبطلب من أحد رجالها “أبو زهير” (علي صطوف) خطف أبناء ثلاثة زعماء من ثلاث حارات هي: الورد والمشرقية والعسلية، ويعنّفهم ويستغلّهم ويرسلهم للتسوّل، ليسلبهم كلّ حصلوا عليه من مال في نهاية كلّ يوم شاق لا يخلو من التّعرّض لهم من قبل بعض رجال الحارة، بحجة أنّهم لا يليقون بهم ولا بمستواهم العائلي، وأنّه يجب منعهم من دخول الحارة لكي لا يقتربوا من أبنائهم أو يلعبوا معهم؛ ولأنّ “الشّيخ مالك” (عباس النّوري) يحسن إلى هؤلاء الأطفال، ويحنّ عليهم، ولن يقبل بذلك، حرّض أحد الرّجال أولاد الحارة على الأطفال الثّلاثة لكي يحققوا ما لم يستطع هو تحقيقه.

يستمر الحال كذلك إلى أن يستيقظ “جمّول”، ليلاً، على رجلين يطرقان باب “خرابته”، للسّؤال عن الطّفل المخطوف “داغر”، وذلك بعد أن دلّهم “الشّيخ مالك” على مكانه. في البداية ينكر “جمّول” وجود الطّفل لديه أو معرفته بمصيره، لكن تحت ضغط الرّجلين يخبرهم بأنّ هذا الطّفل كان عنده ولم يعد يعرف عنه شيئاً، وبأنّه احتفظ بقطعة الذّهب التي كانت معلّقة بثيابه، فيدّعي أنّه سيحضرها لهم من الغرفة الأخرى، لكنّه يحتال عليهم ويحاول الهرب، ويلحق به أحدهما إلى السّطح، فيتعثّر “جمول”، ويسقط ميتاً ومعه تموت حقيقة الأطفال الثّلاثة.

وبهذا الحدث، تنتهي الحلقة السّادسة من “مربى العز”، وتنتهي معها شخصية “جمّول” الجشع والشّرير والطّماع الذي يخفيه شكلٌ لا يقلّ بشاعةً عن مضمونه، إذ تخلّى القيش عن وسامته التي اعتاد عليها الجمهور، فنراه بشعرٍ أشعثَ ولحية سوداء قذرة وأسنان سوداء كبيرة وصوت مخيف ومختلف عن صوته الطّبيعي، لدرجة أنّ البعض وصف صورته مع المخرجة رشا شربتجي التي التقطت خلف الكواليس بـ “الحسناء والوحش”، نظراً للتّغيير الكبير في شكله، لدرجة أنّ البعض قال إنّه لولا الحملة الدّعائية التي سبقت العمل والتي ظهر فيها اسم القيش لكان تريّث وفكّر أكثر لكي يعرف هوية الممثل.

مسيرة فنّية طويلة قطعها خالد القيش بجدّ ونجاح، وشارك خلالها بالعديد من الأعمال التّلفزيونية والمسرحية والسّينمائية، مقدّماً شخصيات متنوّعة، وحجز لنفسه مكانةً بين نجوم الدّراما السّورية. ونذكر هنا بعض العروض المسرحية التي شارك فيها على سبيل المثال لا الحصر: “سيدي الجنرال” و”الدّبلوماسيون”، و”عمر بن عبد العزيز”، وأمّا تلفزيونياً ففي رصيده عشرات الأعمال نذكر منها “التّغريبة الفلسطينية”، و”غزلان في غابة الذّئاب”، و”عصي الدّمع”، و”رسائل الحبّ والحرب”، و”زمن الخوف”، و”ليس سراباً”، و”أهل الغرام”، و”صراع على الرّمال”، و”عمر الفاروق”، وله في الإذاعة “شخصيات روائية” و”ظواهر مدهشة” و”حكم العدالة” و”باب الشّمس” و”الهوية” وغيرها، كما في رصيده السّينمائي ستة أفلام قصيرة تلفزيونية.

وما أردنا قوله من خلال ذكر بعض أعمال القيش هو أنّ مسيرته الطّويلة لم تمنعه من المشاركة في ست حلقات من عمل درامي تلفزيوني رمضاني، الأمر الذي قد يرفضه ممثلون آخرون من جيله، أو حتّى أصغر منه سنّاً وخبرةً وتجربةً، فبرأي البعض أنّ الشّخصية الفاعلة والمؤثّرة هي تلك التي تستمر حتّى الحلقة الأخيرة بغض النّظر عن الخدمة التي تؤديها للعمل.

وبالانتقال إلى تفاعل الجمهور وتعليقاتهم على نهاية “جمّول”، وتالياً خروج القيش من العمل، فقد عبّر كثيرون عن إعجابهم بالشّخصية التي قدّمها، كما أثنوا على نهاية منطقية ومقنعة وعادلة، ومناسبة أيضاً لحبكة وسيرورة الأحداث وتطوّراتها.

يذكر أنّ خالد القيش يشارك في هذا الموسم الدّرامي الرّمضاني بـ “مربى العز” إضافةً إلى “حارة القبة” بجزئه الثّالث، وفيه يؤدّي شخصية “غازي بيك”، والعمل من تأليف أسامة كوكش وإخراج رشا شربتجي أيضاً.