وفاة طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات.. والسبب مادة مركبة لعلاج القمل!
دمشق – لينا عدره
كان جلُّ هدفها وقاية طفلاتها الثلاث من الإصابة بالقمل، ولم تتوقع حتى في أسوأ كوابيسها أنها بتطبيقها لتلك الوصفة المركبة، ستضع حدّاً لحياة طفلتها الكبرى التي لم تتجاوز بعد السابعة من العمر.
الحادثة بدأت عندما أقدمت إحدى السيدات على شراء مادة مركبة لعلاج القمل من بائعٍ يُركب مواد خاصة بـ “الزريعة والنباتات”، بناءً على نصيحة من إحدى الجارات، لتحلّ الكارثة ويحدث ما حدث بعد أن غسلت شعر بناتها الثلاث بتلك المادة، وتبدأ بعدها بعض الأعراض بالظهور على الابنة الكبرى، والتي تمثلت بـ “فقدانٍ الوعي واحمرار شديد في الملتحمة وخروج زبد من الفم وهبوط ضغط وحركات اختلاجية مترددة”، وفق ما بيّنت الطبيبة في مشفى الأطفال الجامعي، الدكتورة علياء معتصم حرب، في تصريحٍ لـ “البعث” أكدت خلاله أن أهم ما لوحظ على الطفلة أثناء الفحص السريري “الحدقات الدبوسية” التي تعتبر مؤشراً أساسياً على التسمّم بالمبيدات الحشرية، وهو الأمر الذي لم تلحظه الأم على الإطلاق، ليتضح في إجاباتها عند سؤالها عما إذا كانت ابنتها قد تناولت أي شيء من البستان، سواء فاكهة أو خضراوات عليها آثار لمبيدات حشرية، أنها لم تأكل إلا بعض الفطائر الجاهزة التي أكل منها كلّ أفراد الأسرة.
وتتابع حرب: بعد الاستفسار من الأم عن تفاصيل ما جرى، تمّ نقل الطفلة من الإسعاف إلى الإقامة المؤقتة للمراقبة، وإجراء تنبيب أنفي رغامي، إلا أن حالتها تطوّرت وتوقف قلبها، ما أدى لوفاتها، ليتمّ بعدها وفي اليوم نفسه إسعاف أختيها بعد ملاحظة الأم لبعض الأعراض التي بدأت بالظهور عليهما كاستفراغٍ وألمٍ بطني، ولكونها طبّقت الوصفة على الطفلات الثلاث تداركت الأمر وسارعت بإسعافهن، خوفاً من أن يلقين مصير أختهن.
مثل هذه الفاجعة تعيد إلى الأذهان حوادث كثيرة سببها الجهل في الكثير من الأحيان، وبتنا نلاحظها ونسمع عنها مؤخراً. لذلك وانطلاقاً من تلك الحادثة المؤسفة، تُؤكد الدكتورة حرب ضرورة الوقاية واتباع العلاج المطلوب لأي نوع من الأمراض بناءً على تعليمات الطبيب المختص، مُحذِرةً من الابتعاد كلياً عن أخذ الوصفات والتجارب الخطيرة المنتشرة بكثرة في وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الموجودة على “مجموعات الصبايا” أو “المجموعات العامة” التي تقدّم الكثير من المعلومات المغلوطة، والتأكيد على الوعي، ثم الوعي، في الحصول على المعلومات الدقيقة والصحيحة من أصحاب العلم والاختصاص (أطباء وصيادلة) في كل ما يخصّ الصحة العامة والأمراض، لأننا ومهما اعتبرنا أن المرض بسيط وعلاجه سهل ومتداول، وقد تفي الوصفات الشعبية التي تعتمد على الطب البديل في حلِّه في كثيرٍ من الأحيان، إلا أن هذا قد لا يجنبنا من الدخل في متاهةٍ من الأخطاء الكارثية والتي لا يمكن تجاوزها، لذلك ولكي نُجنّبَ أنفسنا وأولادنا المشكلات والمخاطر التي قد لا نتمكن من تداركها أو حلها، أو تلك التي قد تتسبّب بنتائج لا تُحمَدُ عقباها، علينا اللجوء إلى أصحاب الشأن والاختصاص، كما تعيد الدكتورة حرب التأكيد مرة أخرى.