دعم حلقة النقل لتخفيض الأسعار.. مقترح يستحقّ السرعة بدراسته التجار يشتكون ضعف الطلب على السلع.. و”المنافسة والاحتكار” تؤكد أن مرونة الأسعار تميل نحو الارتفاع
من المفارقات التي استوقفتنا في تقرير الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار، الذي أعدّته لجانها المعنية بمراقبة ودراسة حالة أسواقنا الغذائية، شكوى التجار من ضعف الطلب على المواد..
أما السبب فأرجعوه إلى ضعف القدرة الشرائية للمستهلك أمام ارتفاع أسعار المواد بسبب الوضع الاقتصادي العام..
ومع ذلك أكد أحد التجار الكبار أن الأسعار في سورية لا تزال رغم الوضع السائد أقل من دول الجوار (لبنان والأردن)، فآلية تسعير المواد تتم وفق الأسعار العالمية للمادة من البورصات العالمية، وتتم إضافة كلف إيصال تلك المادة إلى المستهلك إضافة إلى هامش ربح، متناسياً الفارق في الدخل إذ إن الحد الأدنى للأجور في لبنان يبلغ ٥٨٠ دولاراً، ومتناسياً أن عقوداً لتوريد سلع رئيسية كانت تتم بأعلى من أسعارها الحقيقية في البورصات العالمية بسبب استغلال الأزمة، وباعتراف إحدى جهاتنا العامة المعنية بذلك!.
كيف نفهم؟
لعل التجار فيما اشتكوا منه كانوا ينظرون إلى القضية من زاويتهم الخاصة بهم والمنطلقة من مصالحهم، ولن يقنعونا أن قلوبهم تكاد تنفطر على المواطن الذي -وفعلاً صدقوا– ضاقت خياراته كثيراً لناحية تقلّص الطلب على المواد، كما أنهم أي التجار لم يأتوا بجديد حين أرجعوا سبب الطلب إلى ضعف القدرة الشرائية للمستهلك، كلام لا يُختلف كثيراً حوله، لكنه ليس كل الحقيقة بل هو النصف الفارغ من الكأس، إذ إن هناك أسباباً يقفون هم وراءها إلاَّ أنهم تغافلوا كالنعام عنها، إذ كيف نفسّر ازدياد عدد التجار ممن انتسبوا حديثاً خلال سنوات الأزمة، وكذلك ازدياد إجازات الاستيراد أيضاً؟ علماً أن هذه الزيادات يجب أن تكون مؤشراً على زيادة المنافسة وبالتالي انعكاسها على الأسعار لناحية انخفاضها لا ارتفاعها بشكل جنوني يومي وفي بعض الأحايين لحظي، وليس بشكل اقتصادي منطقي!.
نذكر المُجرَّب
وهنا لعل من المفيد التذكير بتلك الحادثة الشهيرة عندما التقت وزيرة الاقتصاد السابقة الدكتورة لمياء عاصي بالتجار قبل الأزمة، حيث طلبت منهم وبرجاء تخفيض سعر الكيلوغرام الواحد من السكر والرز ليرة واحدة فقط، لكنهم رفضوا بتاتاً.
واليوم لم يستجدّ أي متغير في الموقف بشكل عام -اللهم ما قلَّ– ودليلنا ما أكدته هيئة المنافسة لـ”البعث” من أن مرونة الأسعار نحو الارتفاع هي أكبر من مرونتها باتجاه العرض والانخفاض، مبيّنة أن هذا الوضع يبدو واضحاً عندما تسوء الأوضاع ويصعب تأمين مادة معينة فيرتفع سعرها بسرعة، وعندما تعود الأوضاع لا ينخفض السعر بالسرعة نفسها، وهذا ينطبق على عامل ارتفاع الصرف للعملات الأجنبية.
النسبة تفرض
وليت الموضوع يتحجّم بهذا الأمر، بل إن تكلفة النقل حسبما أفادتنا الهيئة، تعتبر من ضمن الأعباء الكبيرة التي تحمل على تسعير المادة، فمثلاً أجرة نقل المواد في شاحنة كبيرة من اللاذقية إلى دمشق تصل إلى 100 ألف ليرة وهذه الكلفة هي من 10 إلى 12 ضعفاً لما كانت عليه قبل الأزمة ورفع أسعار الوقود.
وبرأينا المتواضع أن زيادة نسبة أجرة النقل إلى أكثر من 300%، وحجم ما يمثله هذا من نسبة الزيادة السعرية على المادة، تضعنا أمام مقترح نعتقد أنه من الأهمية لكي يأخذ طريقه إلى الدراسة من المعنيين في جهاتنا الحكومية واللجنة الاقتصادية، وخاصة في ظل عدم تجاوب التجار في الشق المتعلق بهم لناحية مسؤوليتهم الاجتماعية والاقتصادية في تقديمهم تخفيضات سعرية تذكر..
حصره بعدد محدّد
المقترح يتمثل بدعم النقل وتحديداً وسائط النقل العاملة على نقل السلع والمنتجات من مرافئنا أو من مناطق إنتاجها الآمنة والآمنة نسبياً، وذلك بعد وضع قاعدة بيانات تحدّد عدد الشاحنات وسعتها وعدد رحلاتها وحمولاتها والمواد التي تنقلها، وكخطوة أولى يمكن البدء بالشاحنات التي تنقل السلع لجهات القطاع العام كمؤسسات التدخل الإيجابي، والدعم يمكن أن يكون لمادة المازوت التي تحتاج إليها تلك الشاحنات وتحديداً التي تنقل السلع الأساسية المعيشية للمواطن، على أن يترافق مع إعادة لمفهوم الدعم وتوزيعه، ومراعاة نسب المخاطر المتوقعة.
عسى ولعل..
مقترح لإحداث دعم جزئي لحلقة سعرية في دورة السلعة – بدءاً من مكان إنتاجها ووصولاً إلى مكان استهلاكها- تكاد تكون الأكثر تأثيراً في تحديد السعر لناحية التخفيض، مستفيدين من العائد الذي سيتوفر من رفع ليتر البنزين، الذي لا ضير في تخصيص جزء منه لدعم وسائط النقل الشاحنة للسلع لمؤسسات القطاع العام “الإيجابية”، عسى ولعلها “تزبط” معنا، ما دمنا في إطار التجربة في كل ما يصدر من دراسات وقرارات في هذا الشأن.
قسيم دحدل
Qassim1965gmail.com