تناقض المواقف بين وزاراتنا في قرار منع استيراد “البالة” يكشف المستور والخاسر الحقيقة.. محاباة لتجار الألبسة والوكالات الحصرية.. وليس لأسباب صحية وغيرها!
كشفت الدكتورة كناز شيخ مديرة الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة لـ” البعث” عن أنه لم يصدر أي قرار سابقاً ولا لاحقاً عن الوزارة في إطار منع استيراد الألبسة المستعملة (البالة)، بل على العكس تم اقتراح تشكيل لجنة مشتركة من الوزارات المعنية ومن ضمنها الصحة لتسهيل دخول البالات إلى القطر بطريقة صحية ونظامية، وهذا يدل على موافقة وزارة الصحة على استيراد البالة بما يضمن صحة المواطن ومحاولة تخفيف العبء الاقتصادي عنه ضمن الظروف الصعبة التي يعيشها بلدنا، وما ذهبت إليه وزارة الصحة مقارب لرأي وزارة البيئة.
لكن هذا الكلام بالتوقيت نفسه، يتناقض بل ينسف تأكيد الدكتور عبد السلام علي معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لـ”البعث” الذي أشار فيه إلى أن وزارة الاقتصاد استأنست وفق الأصول برأي وزارات البيئة والصحة والصناعة التي أبدت بالمجمل دعمها للصناعة الوطنية وعدم السماح باستيراد البالة، علماً أن الموضوع ذاته كان قد عرض – حسب تأكيد عبد السلام- على اللجنة الاقتصادية بتاريخ 9/3/2014 ولم يحظَ بالموافقة.
مع.. ولسنا مع..
إن تحليق أسعار الألبسة بشكل جنوني في هذه الأزمة التي يمر بها وطننا، دفع الكثير من السوريين الذين ليس بمقدورهم مواكبة تلك الأسعار المرتفعة التي لا تتوافق مع دخولهم، إلى الإقبال على محلات الألبسة المستعملة (البالة) التي انتشرت بشكل لافت في الشعلان وباب توما وجرمانا والجسر الأبيض، بالإضافة إلى أسواقها التقليدية في الإطفائية ودمشق القديمة، وتلقى اليوم إقبالاً ورواجاً نظراً لجودتها وأسعارها المعقولة بالمقارنة مع الملبوسات الوطنية التي للأسف ليس فيها أية مراعاة للجودة مقارنة مع الأسعار؟.
وهنا يقول أهل الاختصاص: لسنا مع الإغراق ولسنا مع المنع، بل مع الشرعنة والقوننة والمراقبة كيلا يتحكم البائع بالمستهلك بفرض سلع محلية عليه بسعر كبير، وهذا لسان حال وزارة البيئة والصحة وجمعية حماية المستهلك.
أمثلة تؤكد..
كما يرون أن الاستمرار في قرار منع استيراد الملابس المستعملة كخيار وحيد بحجج صحية واقتصادية، هو عبارة عن ادعاءات لم تعُد مقبولة وفيها الكثير من المبالغة والتضخيم والتهويل والتأويل، إذ إن البالة يتم تداولها في دول الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أننا مهما يكن لدينا من حرص وإجراءات احترازية صحية، فإن الأوروبيين لا تقل إجراءاتهم عنا وكذلك تشدّدهم في المسائل الصحية والغذائية وأيضاً مسألة الجودة، وكذلك أيضاً سماح لبنان والأردن المجاورين لنا باستيراد البالة يعني أن هناك إجراءات لدى هاتين الدولتين في المجال الصحي يمكن لمسؤولينا التعرف عليها والاستفادة منها في مسألة استيراد البالة ورفد خزينة الدولة بالقطع الأجنبي، ونحن بأمس الحاجة إلى ذلك في هذه الأزمة؟.
والسؤال الذي يُطرح في ظل تناقض الجهات المسوؤلة هو: ما فائدة أن نمنعها نظرياً منذ خمسة عشر عاماً، بينما هي تغزو المحال والأرصفة والبسطات وصفوة القوم يلتفون حولها، ناهيكم عن بُسطائهم؟!.
دمشق – عارف علي