بين قوسين
مؤسسة حكومية “عاطلة ”
يبدو أن الحكم على مؤسّسة إكثار البذار كأعتق وأهم الأجهزة الحكومية بالشيخوخة والموت السريري، بات واقعاً مع ذاك الرصيد المتراكم من الخطايا بحق جهة لها تاريخها الذي يشهد عليه القطاع الزراعي الذي تمتع بالريادة منذ حوالى 75 عاماً عندما ولدت “إكثار البذار” كفرد من عائلة دعم الفلاحين وأراضيهم لتنتهي الأمور إلى درجة سوداوية لا نحسدها عليها.
تتجلّى أوجه الخطورة في جملة الارتكابات التي تعرّضت لها المؤسسة، من عمليات سحب النشاطات والأعمال والأدوار التي اختزلت يوماً بعد يوم ولم يعد لهذه الجهة العريقة حضور إلا في مهمة واحدة لا يتعدّى الانشغال بها شهراً واحداً من أصل عام كامل، باعتراف مديرها العام الذي بدا متألماً كما كوادره لهذا الإقصاء المتعمّد وفق ما يراه كثيرون، وإلا لماذا كل الدعم لمؤسسات أخرى كالخزن والاستهلاكية وسندس وغيرها، مما اصطلح على تسميتها بأذرع التدخل الضاربة في السوق، في حين يمكن لإكثار البذار أن تكون واحدة من تلك التي تمكنت من صياغة معادلة متوازنة في سوق العرض والطلب؟!.
تؤكد المعطيات الجديدة التي تنقلها الإدارة والعاملون أن مهنة “كش الذباب” هي الشغل الشاغل هذه الأيام بعدما سُحبت الأعمال من المؤسسة ولاسيما المتعلق بتأمين وتسويق وتصريف واستيراد مستلزمات النشاط الزراعي، من بذار وأسمدة وبعض المبيدات والأدوية الزراعية، ولم يبقَ من ماضي استيراد المواد واحتياجات المزارعين إلا استلام القمح وغربلته وتعقيمه وتخزينه في المستودعات، وإعادة تقديمه لموسم العام القادم في مهمة لا تأخذ سوى شهر الموسم وبعدها لا مهام ولا دور ولا يحزنون!.
هنا يتبادر إلى الذهن، هل يُترك أسطول من الموظفين والعاملين في الإدارة العامة والفروع بلا عمل ليبدو التعطيل شعاراً لإمكانيات يمكن توظيفها واستثمارها في كل ما يخدم السوق والزراعة، ولاسيما أن الثقة متوفرة بمنتج القطاع العام الذي خبره المزارعون منذ عشرات السنين؟!.
هي حقيقة مرّة مفادها أن غرف الزراعة والتّجار سحبوا البساط من تحت الحكومة في هذا المجال، ليقع الفلاح تحت رحمة أناس قد لا يعرفون الرحمة في تجارتهم.. والأهم، لماذا لا تزج وزارة الزراعة كجهة مشرفة على المؤسسة بطاقاتها في معركة التدخل الإيجابي المطلوب تقوية جبهة الدولة فيها لمصلحة المواطن، فكيف إذا كان هذا المواطن فلاحاً مغلوباً على أمره و”منتوف ريشه”؟!!.
علي بلال قاسم