بشار عيسى يعرّي الموت ويُلبس الحياة ثوباً من “مزيج”
توقفت عجلت الحياة عن الدوران واستبقت روحاً عذبة تحلق في فضاء القصيدة والكلمات معطرةً بالنثر. الشاعر بشار عيسى يرحل عنا مبكراً في ذروة عطائه بعد صراعه مع مرض عضال. أراد صرع الموت فانتظره مواجهاً وبيده مدية الكلمات فكان شباط الفائت الشاهد الأخير على آخر زفرة رماها في وجه الموت وآخر كلمة طرز بها ياقة الحياة. الراحل بشار عيسى من مواليد سلمية 1971 يحمل إجازة في الرياضيات من كلية العلوم جامعة دمشق، عمل مدرساً لمادة الرياضيات في دمشق وسلمية كما عمل في المجال الإعلامي فكتب في العديد من الدوريات السورية والعربية وله ثلاث مجموعات شعرية كان أولها في إصدار خاص “احرثي الأرض فأنا قادم” عام1995. ثم جاءت مجموعته الثانية “عارياً دونك” الصادرة عن دار الباحث 2007 والتي اختيرت لتدخل في “أرشيف سورية” من بين مئة كتاب ومنها يقول: (ما أنت إلا\جناحان عاريان\بمنقار دوري محطم\يعتل وتر الأغنية\يغتصب خمس زنابق..كزيتٍ \دَبّ\في أرض محروقة)
وفي عام 2009 أصدر مجموعته الأخيرة “مزيج” ليصنع منها لحداً للموت الذي فاض من صفحاتها (يا موت..ارتدِ روحي..كي تبكي..وأسمع نحيبها..حولي..أنثاي..حين أموت..تُبقي مائي حياً..وآوياً..في صدري الطيور..في حبري أمي..والليث..دمشق والتي عادت). وله قيد الطبع “ينمو القاتل”
ووفاء لذكراه كان لأصدقائه وقفة مع شعره ومسيرته فأقاموا حفل تأبين في ذكرى أربعينه بالتعاون مع أهله وجمعية العاديات في سلمية حيث تخللت الحفل قراءات من شعره وسيرة حياته وأنشطة ثقافية منوعة.
ومن مجموعة “عارياً دونك”
(أضلل قافلة من شارات الموت المفاجئ/ بيادر من حقول..خضراء/ أخلصها من فسيفسائها السوداء..الصدئة/ مكيدة اغتصبت منها روح السنديان/ لأنتزع بطاقة فرح/ من سمو الجسد إلى أرض الشتاء/ دمشق/ مازالت دمعة تتهاوى من “قاسيون”/ مازال “بردى” يسفح العشق في عروقنا نبيذاً،مراقاً/ في ضلفات”القنديل”).