نقطة ساخنة شامة تجارتنا..!؟
من مكتب عنبر بحي القيمرية وسوق البزورية ثلاثية من العراقة والتاريخ الحضاري والاقتصادي وتحديداً التجاري، كانت الحاضنة لما دعت إليه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حاملة ومُحمَّلة برسالة لعلها ليست جديدة بطرحها، بقدر ما هي ضرورة ربما بتوقيتها.
توفير احتياجات المواطنين مسؤولية مشتركة، رسالة عتيقة ذكّرتني بالشام وتجّارها عندما كانت تلمّ بها الخطوب والمحن، وما أشبه اليوم بالأمس، لكن ما أعمق وأكثر التغيّر..
الجلسة الشامية التي طالب شهبندر تجّارها بلزوم أن تكون طاولة مستديرة وليست بيضوية، كي يتساوى الكل ممن حضر، وعلى الرغم مما حملته من معانٍ ورسائل، إلاّ أنها كانت محقة، لكونها لم تخرج عن العنوان المُتداعي تحته..
وخفّة الظل التي فاجأنا بها شهبندرنا، بعد أن قدّم وزير التجارة الداخلية عرضه عن مؤشر توفر السلع والأسعار ونسب الخفض المحقق عليها، جاءت في ردّه السريع على مدير الجلسة الذي طالبه بالتعقيب والإدلاء بدلوه فيما تقدّم من عنوان وعرض، إذ قال: “أي موضوع !!؟”.
شهبندرنا الذي نكنّ له وللعديد من رجال أعمالنا وتجارنا وصناعيينا الوطنيين ممن بقوا في وطنهم وتحملوا ما تحمّلوه، كل الاحترام والتقدير، وإن كان هذا واجبهم وواجب الكل، أكد أن المكان الموجودين فيه –سوق البزورية– وهو مركز تجارة السلع الغذائية في دمشق وريفها وحتى فيما هو أبعد منهما، لم يشهد انقطاعاً للسلع بل إنها توفرت طوال فترة الأزمة، وطبعاً دون النظر إلى الأسعار التي لا تزال مثار جدل ونقاش بين مدافع ومنتقد ولكل حجّته ومبرراته فيما يذهب إليه.
شيخ الكار طرح عدداً من القضايا المحقة، ولعلها برأينا ساهمت بشكل سلبي في إيجاد خلل سلعي وسعري مردّه نوع من الاحتجاج غير المعلن على التجاوزات والآلية التي أُدِيرَ بها القطاع التجاري، لناحية التقريب لفلان والتبعيد لفلان في موضوع تمويل المستوردات، إذا ما قُورنت بالعدل والقسطاس لمن يستحق والذي لا يستحق.
والدراسة المفقودة التي طالب وزارة الاقتصاد بمسؤولية إجرائها، حول كيفية الاستيراد وهل هناك شهادات معتمدة له وغير ذلك، أكدت لنا كإعلاميين أن وراء الأكمة ما وراءها.
حقيقة لقد لمسنا نفحة صراع خفي، وما يظهر لا يقاس بالمخفيّ منه، فعلى سبيل المثال لا الحصر، حين يقول شهبندرنا غامزاً في موضوع الأسعار: “لا يكفي أن نقول إن سعر الزيت انخفض، بل يجب اقترانه بالماركة لكي نحافظ على الجودة”، فهذا دليل آخر على أن التخفيضات السعرية ليست دقيقة وفيها شيء من الوهمية، وخاصة إذا ما قيست بحجم الدخول والرواتب.
إلاَّ أن العبرة التي خرجنا بها من اجتماع أقطاب تجارتنا عامّهم وخاصهم، وفيما تسمح لنا هذه الزاوية، هي أن هناك توحّداً في الهدف والمسؤولية، وهناك أيضاً تفاؤل وأمل ورهان على سورية الوطن، مردّها كلها إلى أنها ستظل بلاد خير وإمكانات وثروات غير متوافرة في مناطق أخرى، وأن فيها من الفرص ما يتسع للجميع.
وعلى الرغم من تأكيد الكل أن الأسعار في سورية لا تزال رغم كل ويلات الحرب عليها الأرخص مقارنة مع الدول المحيطة بنا، لكن التحدي الذي لا نزال بحاجة إلى خوضه هو هل نستطيع الانتصار على الأنانية والفردية والمصلحة الشخصية والتكبير والتصغير والإقصاء، ليكون الجميع مواطنين لوطن يستحق الحياة ونكون له وفيه أسياداً..؟
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com