دول الاستعمار القديم تمعن في"حصار" ديمقراطيات الشعوب بعد فرنسا.. ألمانيا تمنع السوريين من المشاركة في الانتخابات الرئاسية
ينتظر الشعب السوري الثالث من حزيران القادم، موعد الانتخابات الرئاسية، وفي جعبته رسائل كثيرة، أولها وعد لشهداء الوطن أنه سيكون جديراً بتضحياتهم وسيصون سورية عزيزة حرة مستقلة، إدراكاً منه بأن الانتماء للوطن والولاء له فوق كل شيء، وثانيها للعالم أن قراراته وخياراته شأن خاص به وبمصلحة وطنه، وأنه يرفض أي تدخل خارجي في شؤونه تحت أي مبرر، وأنه سيتوجه إلى صناديق الاقتراع لممارسة الديمقراطية الحقّة، التي تشكل سورية معلمها الأول، منذ أن كان العالم غارقاً في ظلماته المدمّرة للإنسان والأوطان والأديان.
الغرب، الذي سكت عن أنظمة القطيع ممثلة بمشايخ وممالك الخليج، مسجلاً وصمة عار في تاريخه، يتمادى اليوم في عدوانه وغيه، ويضرب عرض الحائط قيم الحرية والديمقراطية، والتي نادت بها الثورة الفرنسية، فيمنع المغتربين السوريين في فرنسا وألمانيا من ممارسة حقهم الدستوري بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يكشف وجه الغرب الحقيقي “الوقح والقبيح”، ومحاولته العودة إلى دوره السابق الاستعماري، وذلك من خلال التدخل في مصير الشعوب، لكن الشعب السوري العظيم، والذي علّم العالم الأبجدية الأولى، مصمم اليوم على ممارسة حقوقه الديمقراطية وتقرير مصيره بنفسه، واختيار رئيس يلبي طموحاته وتطلعاته في مستقبل أفضل، ويؤكد أن ما قامت به ألمانيا، وقبلها فرنسا، لن يغيّر في المعادلة شيئاً.
بالأمس، انضمت جمهورية ألمانيا الاتحادية إلى جوقة البلدان التي تحاول عرقلة الانتخابات الرئاسية في سورية، لكونها طرفاً فيما تعانيه سورية من خلال دعم وتمويل وتسليح المجموعات الإرهابية المسلحة بهدف تدميرها وشعبها والنيل من قرارها، واتخذت قراراً بمنع المواطنين السوريين المقيمين على أراضيها من ممارسة حقهم الدستوري بالاقتراع في سفارة بلدهم، بما ينتهك قواعد القانون الدولي.
ورداً على القرار الألماني، قالت وزارة الخارجية والمغتربين: مرة أخرى على أعضاء هذه الجوقة أن يعلموا بأن سورية دولة مستقلة وذات سيادة وقرارها ينبع من إرادة شعبها ووفقاً لأحكام دستورها وقوانينها الوطنية، مؤكدة أنه ليس مستغرباً أن يزداد غضب وتآمر هذه الدول من انتصارات الشعب السوري وإنجازات قواته المسلحة، فظهر ذلك باتخاذها القرار بمنع المواطنين السوريين المقيمين على أراضيها من ممارسة حقهم الدستوري، وشددت على أنه على أعضاء هذه الجوقة، ومن بينهم ألمانيا، أن يعلموا بأن الشرعية لا تأتي عبرهم بل هي الشرعية التي يقررها الشعب السوري، وأن ادعاءاتهم الديمقراطية كاذبة ومكشوفة، بدليل التناقض الواضح بين ما تعلنه هذه الدول من تمسكها بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة والشفافية وما تقوم به من دعم وتحالف مع الإرهابيين في سورية.
وقالت: يكفي أن ننوّه بأنه أثناء مناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول تطبيق استراتيجية الأمم المتحدة الشاملة لمكافحة الإرهاب في بداية هذا الشهر جرت الإشارة إلى أن المقاتلين الأجانب في سورية قدموا من 70 بلداً، وقسماً كبيراً منهم من دول الاتحاد الأوروبي.
وأكدت الوزارة في بيانها أن إجراء الانتخابات الرئاسية مرتبط بالدستور السوري فقط، وليس بأي شيء سواه، ويخضع لإرادة الشعب السوري وصوته الذي سيدلي به في صندوق الاقتراع، بحيث يحدد الشعب السوري بكامل حريته وإرادته من سيقوده في المرحلة المقبلة غير آبه بكل العقبات التي يحاول البعض وضعها في طريق هذا الشعب الذي صمد لأكثر من ثلاث سنوات.
في الأثناء، دعا اتحاد المغتربين السوريين في أوروبا أبناء الجاليات السورية في كافة الدول الأوروبية إلى انتخاب الدكتور بشار حافظ الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية، وقال في بيان: إن الدكتور بشار حافظ الأسد كان معنا ومازال، وكنا معه ومازلنا، رغم الألم والفراق والبعد عنه وعن الحبيبة سورية، وعندما كنا نشتاق إليها كان طيفه وصوته يبثان فينا العزيمة والإصرار والرغبة في تحدي الصعاب وبقيادته يتحقق لسورية النصر والفخر، وأضاف: إننا سنكون معه لأننا أبناء الوفاء وهو رمز الوفاء والإباء، مؤكداً أن المغتربين السوريين في أوروبا سيقولون نعم لأمنا سورية ونعم للدكتور بشار الأسد ولمشروعه في سورية أبية مستقلة آمنة مستقرة.
وفي العاصمة الأسترالية كانبيرا احتشد ممثلو أبناء الجالية العربية السورية أمام البرلمان الأسترالي، مؤكدين دعمهم للاستحقاق الدستوري لانتخابات رئاسة الجمهورية دفاعاً عن سيادة الوطن ورفضاً للتدخلات الخارجية بشؤونه الداخلية، وأكد المشاركون في التجمع، الذي دعت إليه الهيئة الإدارية لرابطة المغتربين العرب السوريين، أن الانتخابات الرئاسية هي شأن داخلي سوري يصوّت خلالها السوريون للتأكيد على قرارهم السيادي ورسم مستقبل وطنهم بأنفسهم بعيداً عن كل التهديدات والضغوط الخارجية.
وطالب أبناء الجالية السلطات الأسترالية بإعادة فتح سفارة الجمهورية العربية السورية وتفعيل القناة الدبلوماسية بين البلدين بقصد مكافحة الإرهاب لما تمثله هذه الظاهرة من خطر على الإنسانية جمعاء، وجددوا رفضهم للتدخلات الخارجية بشؤون سورية الداخلية وتشبثهم بوحدة التراب الوطني والنسيج الاجتماعي السوري، مرددين شعارات: “نعم للدكتور بشار الأسد.. نعم للجيش العربي السوري ونعم للحوار والمصالحة الوطنية ولسورية دولة حديثة وعلمانية قلعة الصمود العربي.. ولا للتدخل الخارجي في سورية ولا مساومة على الوحدة الوطنية ولا لزعزعة الأمن والاستقرار ولا للفوضى”.
وفي كلمة لها باسم الطلبة السوريين الدارسين في كانبيرا أكدت الطالبة بترا شعشع أن المشاركة بالتصويت في الانتخابات الرئاسية تأتي تعبيراً عن رفض التدخل الخارجي لأي دولة بشؤون الوطن السوري وفرصة للتعبير عن الإرادة والرغبة بالمساعدة في بناء مستقبل أفضل لسورية.
كما أكد الدكتور جوزيف كورية رئيس رابطة المغتربين السوريين في العاصمة الأسترالية أن التصويت في هذه الانتخابات يشكل تأكيداً على دعم مسيرة الإصلاح والتمسك بالوحدة الوطنية ورفض التدخل الخارجي ونبذ كل الأعمال الإرهابية والتخريبية التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار.
وفي سياق متصل جدد أبناء الجالية السورية في فرنسا إدانتهم واستنكارهم لقرار الحكومة الفرنسية منع المغتربين السوريين في فرنسا من ممارسة حقهم الدستوري بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية، مؤكدين أن هذا القرار يشكل اعتداء صارخاً على السيادة السورية، وأن الحكومة الفرنسية كشفت بهذا القرار التعسفي والجائر عن وجهها الوقح والقبيح بالوقوف ضد إرادة الشعب السوري وممارسة حقه الدستوري، وقالوا في بيان: إن القرار الفرنسي يشكل محاولة سافرة من الحكومة الفرنسية “لتفتيت سورية والعودة إلى دورها السابق الاستعماري وذلك من خلال التدخل في مصير الشعوب”، وطالبوا “الرأي العام العالمي بإدانة هذه التصرفات اللامسؤولة من قبل الحكومة الفرنسية التي تتشدق بالحرية وبمبادئ حقوق الإنسان”.
وفي هنغاريا دعا أبناء الجالية العربية السورية ومنتدى من أجل سورية الجهات المعنية في سورية وخاصة وزارتي الداخلية والخارجية لإيجاد صيغة قانونية تمكنهم من ممارسة حقهم الدستوري والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية القادمة، موضحين أنهم محرومون من هذا الحق بسبب إغلاق السفارة السورية في هنغاريا منذ العام الماضي، وأكدوا في بيان أن جميع أبناء الجالية يحققون الشروط القانونية التي تخولهم المشاركة في الاستحقاق الانتخابي ولديهم جميع الوثائق التي تؤكد ذلك، ومع ذلك فإنهم، مثل عدد من الجاليات السورية في بلدان أخرى اتخذت حكوماتها موقفاً معادياً للشعب السوري، محرومون من هذا الحق الدستوري.
وشدد أبناء الجالية على أن “الاستحقاق الدستوري لانتخابات رئاسة الجمهورية إنجاز ديمقراطي يدعم الحفاظ على الوحدة الوطنية والوقوف في وجه المؤامرة التي تستهدف سورية بلداً وشعباً وقيادة”، لافتين إلى أنه رغم كل الظروف السلبية المحيطة بممارسة حقهم الانتخابي إلا أنهم سيقومون بالتجمع أمام مبنى السفارة السورية في بودابست للتعبير عن فرحتهم بممارسة شعبنا في الوطن الأم حقه الانتخابي، كما سيعبّرون عن وقوفهم إلى جانب القيادة والجيش والشعب السوري.
وتمارس بعض الحكومات المعروفة بعدائها لسورية حملة دعائية سوداء لتشويه صورة سورية والتقليل من أهمية الانتخابات الرئاسية في سياق خطتها لعرقلة الحل السلمي للأزمة في سورية.