محليات

خندق التجارة الأول

تختزن الوزارات والمؤسسات التي تصدّت للحرب الاقتصادية معارك من المواجهات الطاحنة التي سجلتها تلك الجهات والتي صنّفت في خانة “المقاومة” لطقوس الحصار والمقاطعة التي انتهجتها أقطاب الدول والشركات المشاركة بمسرحية الدم والجوع السوريين.
لا يختلف اثنان أن الأزمة غربلت المجتمع الاقتصادي بين منتج وفاعل ومحارب إيجابي، وفعّال في خدمة السوق والمستهلك وآخر امتهن النكوص والجلوس وإدارة الظهر تحت شماعات الانتظار والصمت المريب لرمادية باتت مكشوفة ومفضوحة، وفي سياق الحديث عمن تسلّح بعزيمة وإرادة المواجهة تطفو على السطح مؤسسة التجارة الخارجية التي استطاعت كغيرها من جهات لم تضف إعجازاً وإنجازاً جديداً، بل فقط صمدت وتابعت نشاطها  في تحدّ واضح للظروف الخانقة والنتيجة كانت تسجيل خروقات على صعيد العقود ومناقصات الاستيراد في سوق التجارة الخارجية المليء بالألغام والمفخخات التي لم توقف عجلة التوريد في ظل اندفاع كان لرأس المال ولرجالات الأعمال الشرفاء بصمة ساهم فيها المحلي مع المغترب والمهاجر لصياغة نموذج مجتمعي حكومي عزّز من قوة ومنعة الاقتصاد، وأسّس لحصون من الحماية للعملة الوطنية وللرديف المهم وهو توفر القطع الأجنبي اللازم لتأمين الاحتياجات الضرورية من المواد والسلع والمستلزمات الأولية لزوم دوران عجلة الحياة والمناشط الصناعية والتجارية والخدمية.
في مساحات الحديث عن نصف الكأس الملآن الواسعة، ثمة ما يجعل العديد من الجهات محطّ متابعة مباشرة لتكون صورة مضيئة ضد من غلّب الانكفاء على المشاركة واتباع أوجه عديدة لفكر الهدم والتخريب ذي العملة الواحدة، ولمن لا يدري تتصدى “التجارة الخارجية” للحرب في الخندق الأول على جبهة السوق الخارجية، والهدف دائماً انتزاع متطلبات السوق من مخالب من يحتكرون ويمنعون ويحجبون ويقاطعون في حلبة المنافسة العالمية غير الشريفة في معظمها.
عبر الفترة الماضية وتحديداً خلال العام الفائت بلغت قيم مبيعات المؤسسة نحو 29 مليار ليرة لمواد تمّ استجرارها,  من غذائية وكيميائية وصلت قيمتها إلى ما يزيد عن 20 مليار ليرة، وما يصل إلى  8 مليارات ليرة أدوية ومستلزمات طبية. وفي متابعة للسياق نفسه راحت المؤسسة تستكمل جولات التوريد والمبيع للجهات العامة، لتصل قيم ما تمّ بيعه خلال الأشهر  الأربعة الأولى من العام الحالي إلى 2.١ مليار ليرة في معطى يشي بأن عجلة أداء المؤسسات النشطة يظهر ويعطي ثماره، والأهم لا يخبئ نفسه في تنافسية النشاط الذي سمّيناه في مستهل الكلام “بالمقاوم”.
في نموذج التجارة الخارجية أمثلة تستحق التوقف للعديد من المؤسسات التي وسمت بالبطلة في حمل راية الاقتصاد وإبقائه واقفاً على رجليه، وهنا للقطاع العام الدور الأهم في عمليات الإنقاذ ولاسيما أن للضمانة والثقة التي يمنحها في عمله كجهاز حكومي ميزة نسبية في إبقاء الدولة في المكانة التي كانت ولم تزل وستبقى على أنها الحضن الدافئ والحامي الأول والأخير للبلد واقتصاد البلد.

علي بلال قاسم