استثمار اقتصادي بين يدي أولي الأمر مخلفات التخريب مستلزمات صالحة للإعمار
كثيرة هي الأبنية التي تهدّمت جزئياً أو كلياً في كثير من المناطق، بتأثير الأعمال التخريبية التي مارسها التكفيريون على الساحة السورية خلال السنوات المنصرمة، ونجم عن ذلك الكثير من الركام الذي يتوجب إزالته من مكانه، بغية التمكن من ترميم ما يمكن ترميمه واستثمار مواقع الأبنية المهدمة كلياً لصالح تشييد أبنية أخرى جديدة سكنية أو منشآتية، وإحداث ما يتطلب من ساحات وشوارع وحدائق.
ومن المؤكد أن نفقات مادية كبيرة ستترتب نتيجة جرف الركام وتحميله ونقله لتجميعه في أماكن أخرى، وسيشغل حيزاً كبيراً في أمكنة تجميعه، وسينجم عن ذلك أضرار بيئية وسياحية عديدة، ما يستوجب أن تتنبّه الجهات المعنية إلى ضرورة الاستفادة من هذا الركام بما يزيد كثيراً عن كلفة ترحيله وتجميعه، وهذا ممكن وسهل جداً، فجميع هذا الركام قابل لأن يتحوّل كبحص ورمل لصالح إنجاز كافة أعمال البناء والتشييد الجديدة، وغالباً سيكون ذلك بكلفة توازي أو تقل عن كلفة تصنيعه في الكسارات الجبلية.
من المؤكد أن العدوان التكفيري إلى انحسار تدريجي وهزيمته نهائية، ما يستوجب مسارعة وزارة الإدارة المحلية إلى مطالبة مجالس الوحدات الإدارية بإعداد مخططات تنظيمية جديدة للمناطق المتضررة وفق منظور جديد، يتطلبه الواقع الراهن والمستقبلي، خلاف ما كانت عليه الحال في المخططات السابقة.
وهذا بدوره يتطلب أن تقوم كل وحدة إدارية بإعلام الشركات الإنشائية العامة وجهات القطاع الخاص العاملة في البناء والتشييد ضمن كل محافظة، بأن بين يديها فرصة مزاد علني أو أكثر لقيمة الركام الموجود، أو البناء الواجب الهدم ضمن قطاع الوحدة، حسب حجم الركام، بما فيه من حديد وخشب ومخلفات اسمنتية وحجرية، على أن يبدأ المزاد من القيمة صفر، مع جواز أن يدفع المشارك في المزاد مبلغاً للوحدة أو أن يطالبها بمبلغ لقاء كل مزاد ، ومن ثم تنظيم عقود– مع من يرسو عليه العقد- تحدّد تاريخ بدء وانتهاء ترحيل الركام إلى الكسارات الثابتة التي تملكها هذه الجهات، على أن يكون من حق الجهات المتعاقدة أن تقوم بتحطيم كتل الركام الكبيرة في مكانها- واستخلاص ما فيها من حديد وخشب وحجر صالح للبناء- وفرز الركام البيتوني والحجري المجزأ وتحضيره للنقل التتابعي، على أن تتحمل وحدات الإدارة المحلية ترحيل المخلفات الأخرى.
ومن ثم تقوم الجهات المتعاقدة بتجميع الركام البيتوني في كسارات قريبة من أماكن وجوده، أو تعمل لاستقدام كسارات جديدة متنقلة لتكسيره وطحنه، وذلك بغية تخفيف تكاليف نقل الركام ونقل البحص والرمل المنتج، والذي قد يُستخدم قسم كبير منه في المنطقة نفسها، لغاية البناء والتشييد، ومنعاً لأي استغلال أو غبن، وعلى الجهات العامة أن تحدّد سعر المتر المكعب من المادة المنتجة في أرض الكسارة بما يتناسب وكلفة الإنتاج، ومصلحة المستهلك والمنتج.
على الأغلب يندر أن يكون باستطاعة بعض الوحدات الإدارية ترحيل الركام والاستفادة منه على حسابها، في ضوء ما تمتلكه من معدات، ما يتطلب أن تعي جميع الجهات المعنية أن خطوة إزالة الركام من مكانه، هي الخطوة الأهم فور استتباب الأمن، على أن يكون ذلك مباشرة لأرض الكسارة لإعادة تصنيعه كبحص ورمل، لا أن يتم نقله عدة مرات من مكان إلى آخر، تحت حجج واهية لا يخلو كثير منها من غاية الكسب غير المشروع ، ويندر أن تخلو منطقة إدارية من كسارة ثابتة أو متنقلة، علماً أنه يمكن نقل بعض الكسارات الثابتة من مكان إلى آخر، وأيضاً يمكن عند اللزوم تصنيع كسارات متنقلة جديدة في وقت قصير.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية