التشريعات النافذة تمنع التدخل الإيجابي فيها..!؟ غاباتنا مجمّدة استثمارياً وإنتاجياً ومواردها عائدات اقتصادية ضائعة
تكبّدت غاباتنا خسائر وأضراراً فادحة خلال الأزمة لم يسبق لها أن تعرّضت لمثيلها من قبل، وفقدت الكثير من مواردها الطبيعية التي أحالتها الحرائق الحراجية مساحات جرداء، ملتهمةً أشجارها ونباتاتها وحيواناتها ومختلف مكونات تنوعها الحيوي الضروري للتنمية البيئية المستدامة، ناهيكم عن منعكساتها السلبية المتمثلة بضياع عائدات إنتاجية واقتصادية كان من الممكن تحصيلها من الإنتاج الخشبي للغابات خلال السنوات الماضية، وعندها كنّا استفدنا منها اقتصادياً دون أن تضيع بألسنة اللهب.
خسارة فادحة يمكن أن تحصل جراء أي حريق طبيعي أو مفتعل، كما حصل في العام2007، حيث خسرنا آلاف الدونمات حينذاك، الأمر الذي يتوجب على الجهات المعنية إعادة النظر في الطريقة التقليدية التي يجري من خلالها التعاطي مع هذه الثروات الاقتصادية بكل جوانبها وأهميتها البيئية والسياحية.
المشكلة أن التشريعات الحراجية النافذة تمنع التدخل الإيجابي في استنباط موارد الغابات ومنتجاتها بأسلوب علمي مدروس ومنظّم، في حين تشكل الغابات في دول أخرى روافد اقتصادية تضخ الموارد والإيرادات بخلاف غاباتنا المجمّدة اقتصادياً واستثمارياً، إذ لاتزال تقتصر وظيفتها على التنزّه والتمتّع بمناظرها الخلابة، وفي أحسن الأحوال نجعل منها حقل تجارب وأبحاث لإعداد دراسات وأبحاث عديمة الجدوى لأنها لا تأخذ طريقها إلى التطبيق.
وما يدعو للاستغراب أن جمالية الغابات لدينا تكمن في تداخل وتشابك أغصانها وأدغالها وأشواكها، ويجب أن ينأى الإنسان بنفسه عنها استثمارياً وإنتاجياً، ولذلك فإنه رغم كل الإجراءات التي اتخذناها والبرامج التي وضعناها لحماية الغطاء الحراجي من المخاطر التي تهدّد سلامته وتنذر بالخسارة الفادحة التي لا يمكن تعويضها، إلا أنه لايزال عرضة للعديد من هذه المخاطر والتحديات بتباين أشكالها ودرجة خطورتها وحجم تأثيراتها على غاباتنا التي يتعذر حصر جوانب أهميتها البيئية والتنموية والاقتصادية والسياحية، حيث لاتزال عرضة للزحف المستمر والمتسارع للتوسع الملحوظ في مساحات الاستثمار الصناعي والإنشائي والعمراني والسياحي والتجاري على حساب الرقعة الخضراء، سواء أكانت حراجية أم زراعية أو مراعي وغيرها.
هذا في الوقت الذي لاتزال ثروتنا الحراجية تنوء تحت جملة تحديات طبيعية وبشرية حقيقية تتفاعل بمرور الزمن وتتسع بؤرة مفاعيلها السلبية المحدقة راهناً ومستقبلاً بالتوازن البيئي والتنوع الحيوي.
اللاذقية- مروان حويجة