اقتصادصحيفة البعث

تستأنس بقاعدة البيانات القديمة لأعداد الثروة الحيوانية.. وزارة الزراعة تعتمد على أرقام تأشيرية غير دقيقة لاعتماد خطتها الإنتاجية السنوية

 

دمشق – محمد زكريا
لعل أبرز ما يؤخذ على الواقع العام للثروة الحيوانية هو غياب المسح الشامل لها، وذلك بسبب غياب التنسيق بين وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي واتحاد الفلاحين واتحاد غرف الزراعة إضافة إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة، الأمر الذي أدى إلى فقدان المعرفة الكاملة بالأرقام الحقيقية لها، ما يعرض بالنتيجة قاعدة البيانات الخاصة بالثروة الحيوانية إلى خلل ينعكس على متطلباتها من علف ومستلزمات أخرى، وتتمحور المسوغات التي ساقتها وزارة الزراعة في تأجيل مشروع إجراء مسح شامل للثروة الحيوانية، حول صعوبة الوصول إلى أماكن تواجد هذه الثروة، إذ ربطت الوزارة تنفيذ هذا المشروع بتحسن الظروف الراهنة.

تقريبية
وبحسب بعض المعنيين في الوزارة فإن الوزارة تستعيض عن ذلك بالأرقام التقريبية المنتزعة من قواعد بيانات السنوات الماضية، إذ أكد تقرير صادر عن الوزارة بأن الأخيرة لا تزال تعتمد على الأرقام التأشيرية في تعداد الثروة الحيوانية، لاسيما لدى إعداد الخطة الإنتاجية الزراعية للموسم القادم، إذ تم الاعتماد على إعداد خطة الموسم السابق كرقم تأشيري، وبحسب رأي الكثير من أصحاب الاختصاص فإن هذه الأرقام غالبا ما تكون مبالغة لجهة زيادة حيازة المربين ما يعني الحصول على مخصصات علفية زائدة.
بحسب لتقرير فإن إجراء إحصاء شامل للثروة الحيوانية يتطلب ظروف مناسبة تساعد على الوصول إلى رقم إحصائي دقيق لهذه الثروة، والتي تأثرت بشكل كبير بفعل الإرهاب، مع الإشارة إلى أن أكثر من 20% من مجموع هذه الثروة تم فقدانها أو تهريبها.

التأمين
وبيّن التقرير التي حصلت البعث على نسخة منه أن الوزارة قامت بجملة من الأعمال من شأنها أن تخفف من حالة الضياع أو الفقدان لهذه الثروة ومنها الاستمرار بترقيم وتسجيل الثروة الحيوانية، وذلك بهدف توفير آلية لدعم المربين وتصويب الرقم الإحصائي، كما قامت الوزارة بإعفاء قطاعي الدواجن والمباقر من ضريبة الدخل لمدة خمس سنوات، وإعفاء المستوردات من الأبقار بقصد التربية من كافة الضرائب والرسوم بما فيها الجمركية 5 سنوات، والسماح لمستوردي الصيصان بالاستيراد “جدات – أمهات” دون قيد بغض النظر عن رخصة المدجنة، إلى جانب تأمين مستلزمات الرعاية البيطرية واللقاحات مجانا للمربين والاستمرار بتنفيذ مشروع تدريج وتحسين الأبقار المحلية من خلال تقديم خدمات التلقيح الاصطناعي مجانا، وبيع المقننات العلفية للمربين بأسعار مدعومة وعلى مدار العام، وكذلك بيع المربين رؤوس “أغنام العواس– الماعز الشامي”، إضافة إلى ضرورة إحداث صندوق التأمين على الماشية في الاتحاد العام للفلاحين بهدف تقديم التعويض للمربين المشتركين في الصندوق في حالات النفوق المبرر وخارج إرادة الفلاحين، وتوفير مصادر علفية جديدة لتغطية النقص الحاصل في احتياج الثروة الحيوانية من خلال إدخال زراعة الشجيرات الرعوية على خطوط مع الشعير، وإدخال عدد من أصناف الصبار العلفي الأملس كأعلاف خضراء والاستفادة من المخلفات الزراعية.
وأشار التقرير إلى الإحصائية التي توصلت إليها الوزارة لغاية النصف الأول من هذا العام، إذ بلغ عدد الأبقار 818 ألف رأس، ووصل عدد رؤوس الأغنام إلى 13.444 مليوناً، فيما وصل عدد الماعز 1.623 مليون رأس، وعدد الجاموس 706 ألاف رأس ووصل عدد الطيور الكلي إلى 21.92 مليون طير.

تناقص
مدير مشروع تطوير الثروة الحيوانية الدكتور رامي العلي أشار إلى استمرارية مشروع ترقيم وتسجيل الثروة الحيوانية الذي يحتاج إلى أكثر من خمس سنوات، مضى منها سنتين، موضحاً أن هذا المشروع يصوب الرقم الإحصائي لقطاعات الثروة، إضافة إلى تحديد مستلزمات الإنتاج من أعلاف ولقاحات وإلى غير ذلك، إلى جانب تحديد الفائض من الحيوانات، فضلا عن الكشف عن أماكن توزيع الحيوانات، وذلك بهدف رسم الاستراتيجيات. وبيّن العلي لـ”البعث” أن عمليات الترقيم انتهت في خمس محافظات هي السويداء وطرطوس واللاذقية دمشق وريفها، وأنه تم تسجيل 35 ألف رأس من الأبقار في محافظة اللاذقية و10700 رأس في محافظة السويداء و30 ألف رأس في منطقة الغاب، ووصل العدد في طرطوس إلى 28140 رأساً ولا يزال الترقيم قائم في محافظة ريف دمشق ووصل العدد لغاية تاريخه إلى أكثر من 60 ألف رأس بقر، كاشفاً عن تراجع وتناقص في أعداد الثروة الحيوانية نتيجة سرقة العصابات المسلحة لهذه الثروة وتهريب الجزء الأكبر منها إلى دول الجوار، مشيراً إلى أن الحكومة ساعدت بترميم ذلك من خلال السماح باستيراد الأبقار خلال الفترة الماضية.

برنامج
نائب رئيس اتحاد فلاحي حمص المهندس موفق زكريا أشار إلى أن الأمر يتطلب صياغة برنامج وطني لترقيم الأبقار والأغنام والماعز يتناسب مع المعايير والظروف الاجتماعية والاقتصادية لمربي الثروة الحيوانية، إضافة إلى تأسيس سجل للقطيع يتضمن معلومات عن الحيوانات وتوفير قواعد خاصة لمراقبة تحسين إنتاج الثروة الحيوانية، وتتبع الوضع الصحي والتحصينات الوقائية اللازمة، ومعالجة الأمراض السارية في حال حدوثها، ووضع قواعد بيانات لمراقبة بيع ونقل الحيوانات وحالات نفوقها، والتصريح عن الولادات، ورصد ومتابعة تنفيذ البرامج الخاصة بتسجيل الحيوانات والحالات الطارئة، مشيرا إلى أهمية التنسيق بين المزارع ومديريات تطوير الثروة الحيوانية والإنتاج الحيواني والصحة الحيوانية في وزارة الزراعة للتوصل إلى الغاية المنشودة في الحفاظ على الثروة الحيوانية وتأمين مستلزماتها العلفية والعلاجية والوقائية ودعم المربين للاستمرار بالتربية وتحسين ظروفهم المعيشية.