محليات

مدير “صميدعي” ومشغول أبداً!؟

دخل المواطن حَيّياً متثاقلاً، متعثر الخطوات إلى المكتب الفاخر الوثير، لأحد السادة المدراء، فوجده منشغلاً، برماً، زائغ النظرات بين يديه أوراق كثيرة متناثرة. ردّ السلام بصوت خافت، جاف متحشرج، وكلام مقتضب حاد، مغروز بالشوك. واعتذر من الرجل، لأنه مشغول بهموم المواطنين، وغارق بمتابعة قضايا الناس!!.
ضغط المدير على جرس أمامه، جاء المستخدم، فأمره بدعوة أحد الموظفين، وتابع قراءة قسم من الأوراق المتراكمة على يمينه ويساره وأمامه!!، وعندما حضر الموظف قال له خذ هذه الورقة، وصنّفها في سجل البلاغات الواردة من الوزارة، ويردف قائلاً للمواطن الذي ينتظر أن يسأله عما يريد: إنهم أشباه أميين فأنا مدير وإداري وفني ومحاسب أيضاً، وكل شيء أشرف عليه بنفسي لأنهم لايفقهون أمراً.
ويدفن بصره مرة أخرى في الأوراق مدعياً أنه يدقّقها موحياً للمواطن، أنها تتضمن أمراً مهماً ويقرع الجرس مرة أخرى، ويهرع المستخدم المسكين حائراً مرتبكاً فيهمس في أذنه كلاماً مبعثراً ويرد المستخدم حاضر أستاذ… مفهوم.
وبعد لحظات تبدأ الهواتف بالرنين: الهاتف الجوال للسيد المدير، الهاتف الخاص بالسيد المدير، هاتف المقسم!!
ويبدأ بالرد، قائلاً للمواطن الذي يجلس على نار وثلج معاً، هذا من الوزارة لنرى ماذا يريدون؟ وهذا من المحافظة وهذا من…، وبين الاتصال والآخر، يبتسم بوجه المواطن قائلاً: مثلما ترى!! لاأمتلك وقتاً لأرحب بضيوفي أو أتبادل أطراف الحديث مع زواري، هذه طبيعة العمل وضريبة المسؤولية، حتى إن هذا الهاتف الجوال يقلق راحتي في منزلي.
لم يستطع المواطن تحمّل الادعاء والتبجح الكاذب فبقّ البحصة، وقال لمعالي السيد المدير: إننا في الحي الغربي من قرية (…..) نعاني من..، فقاطعه المدير منتفضاً كأن أفعى رقطاءلدغته، قائلاً: ألا تعلم أن مشاريعنا متوقفة ولا ننفذ إلا الضروري، والمهم، والعاجل. فردّ المواطن: أعتذر، لكن عن أي مطالب للمواطنين تتحدث وبأي شيء مشغول ياهذا؟!!.
خرج المواطن، يضحك على نفسه، وعلى ذلك المدير الصميدعي، المدّعي.

القنيطرة- محمد غالب حسين