محليات

بين قوسين مكافحة التصحر

لم يكن الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر، أقل تركيزاً عن سابقاته من الأعوام الماضية، في مجال الأنشطة والفعاليات التي رصدت للتأكيد على ضرورة التصدي لمشكلة التصحر ذات التأثير الاقتصادي الكبير في حياة الناس.
وكما في كل عام ، لم تحمل لنا هذه الاحتفائية سوى أطر المواجهة النظرية لواحدة من أهم المشكلات البيئية التي تعاني من آثارها السلبية دول عديدة، ومن بينها سورية التي كانت من أوائل الدول المنضمة إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر عام 1994، والتي تأثرت كغيرها من دول العالم بظاهرة التصحر، وواجهت ولم تزل وتائر تصحر مرتفعة طالت مساحات واسعة من الأراضي جراء تعاقب موجات الجفاف القاسية التي ضربت المنطقة وأخرجت مساحات كبيرة جداً من دائرة الاستثمار والإنتاج، وقد قدرت قيمة الإنتاج الضائع جراء ذلك بنحو 7, 5 مليارات ليرة سنوياً، إضافة إلى خسارة ما قيمته 8, 5 مليارات ليرة من الإنتاج الفعلي.
وإذا علمنا أن 59٪ من الأراضي السورية أصيبت بشكل أو بآخر بالتدهور جراء هذه الظاهرة فإن القرارات والإجراءات المتخذة في إطار الخطة الوطنية لمكافحة التصحر لم تزل بحاجة إلى المزيد من خطوات الدعم لتحديد الأسس الاستراتيجية اللازمة وتطوير عمل البرامج والأنشطة الهادفة إلى الحد الحقيقي من ظاهرة التصحر والتخفيف من آثارها الاقتصادية والاجتماعية السلبية التي تطال المجتمع والأفراد معاً.
هي مشكلة فاقمها تدهور غير مسبوق في الواقع البيئي جراء أشكال متعددة من الاعتداءات الإرهابية والإساءات الإنسانية التي طالت مجمل الموارد الطبيعية والبيئية، واستنزفتها بشكل عشوائي وجائر، وهيأت الأرضية الملائمة لامتداد رقعة التصحر والتدهور البيئي.
ومن هنا، ومع أهمية الإجراءات المتخذة، فإنه لابد من التأكيد على ضرورة المشاركة الحقيقية للسكان في تنفيذ المشاريع التي تم لحظها في إطار الخطة الوطنية لمكافحة التصحر، والوصول إلى سياسة متكاملة للمواجهة والمتابعة وتخفيف الآثار السلبية، وحث جميع المواطنين من خلال حملات توعية منسقة على المشاركة في إدارة الموارد الطبيعية والمائية وحمايتها وتطويرها.. ورفع مستوى الوعي البيئي وسبل مواجهة الأخطار البيئية بأشكالها المتعددة، والعمل بكل الجهود الممكنة لإعادة تأهيل الأراضي وتنفيذ مجموعة من المشاريع المدرجة والمستهدفة للحد من تدهور الأراضي، بدءاً من الحفاظ على الغطاء النباتي والتوسع برقعته، مروراً بمشاريع الانجراف الريحي والعواصف الغبارية والعمل على زيادة المسطحات الخضراء والمحميات الطبيعية، وانتهاءً بمشاريع تنمية وتطوير البادية والمراعي وإدارتها بالشكل المطلوب.

محمد الآغا