بيان التكلفة يتحول إلى “بعبع” ابتزاز لحماة السوق ومراقبيه 560 مستورداً يلوحون بالعزوف طلباً للمرونة المجتزأة وضبط المعادلة بعهدة وزير التجارة؟!
تتهم التجارة بالارتهان لإغراءات الربح والخسارة لدرجة “الشيطنة الاجتماعية” التي يكيل بها المستهلك لمن يعتبره عدائياً في تعاطيه وسلوكياته في البيع والشراء في ظل معادلة سوقية غير متكافئة، هي جدلية أزلية تبقى أسيرة الأخلاق أولاً والقوانين والتشريعات ثانياً، هذا إذا كنّا في سياق الظروف والعوامل الموضوعية للنشاط. أما في الاستثناء فثمة حديث آخر لا تحكمه عصا المنطق بل معايير الطوارئ الظرفية بامتياز.
في أدبيات السوق يطفو هذه الأيام الاعتبار “الوطني” الذي يرسم ملامح التصنيف والتوصيف ويحدد علامات النجاح والرسوب في دروس المواجهة والمناطحة لتاجر يعرف كيف يمسك زمام المبادرة الفردية والمؤسساتية لإبقاء الاقتصاد واقفاً على رجليه أمام معارك المقاطعة والمنع والحظر والتجويع؟.
لسنا في وارد ذكر أسماء ولا مديح أفراد ارتضوا العمل بلا أضواء وإعلام وهم ليسوا قلة، بل نحن أمام رصيد من رجال البزنس والتجارة وسيدات الأعمال يصل تعدادهم إلى المئات تحدوا كل العقوبات وواجهوا التحديات والتهديدات وراحوا يقفون في صف الوطن والوجهة دائماً تأمين غذاء ودواء ولو بشق الأنفس، وحتى لو عزّت عمليات تمويل المستوردات وقلت فرص القطع الأجنبي لأن المسؤولية والرجولة تقضي أن يمد رجال المال “ليراتهم” جسوراً يعبر عليها المواطن لنيل طعامه وشرابه ودوائه.
في تفاصيل وحيثيات مجريات السوق ثمة ما يشي بأن السوق منيعاً في تأمين متطلباته رغم أن جزئية الأسعار تنسف كل الموجبات وفضائل الوفرة ولكن الكل يعرف أو البعض على الأقل أن للتجارة عامة وخاصة جنودها المجهولون الذين يتشاركون مع بعض في حياكة الهيكل العام للمواد والسلع لتبقى هيبة الدولة مصانة لرجالاتها الأكفاء في الوزارات والمؤسسات لا بموظفين يرتكبون كل شيء في طريق الإساءة وسوء الإئتمان استغلال الموقع؟.
يقوم السوق على أسس منها الفوترة والتسعير والجودة وبيان التكلفة، وهذا الأخير أصاب أرباب السوق بصداع في ظل تحرير الأسعار ووقف استيراد الدولة وشح بند التمويل ولاسيما مع تفشي سلوكيات مراقبي وزارة التجارة الداخلية المرتبطة بابتزاز التاجر بحجة التقيد ببيان التكلفة الذي تحكمه عوامل الشحن والنقل ومخاطر الطرق التي تحمل على تكاليف النقل، وهذا مالا يتضمنه البيان نفسه ما يدفع لتوزيع الأعباء على الحامل الأضعف وهو المستهلك.
تقول المعلومات المسربة إن كيل نحو 560 مستورداً طفح من جور بيانات التكلفة ومراقبيها لوحوا بالإحجام عن التوريد جراء غياب المرونة والليونة وعدم تقدير الكلف الحقيقية في تطبيقات البيان نفسه وتحوله إلى فخ سهل الصيد للمستورد فقط، في حين يبقى تاجر المفرق محصناً من اللعنة التي يأكلها المواطن المشتري.
ما يهدّد به التجار ينذر بخطورة حصول فجوة وثغرة كبيرة في كميات ومخازين المواد الغذائية، فخسارة هذا العدد من المستورين يؤزم السوق ويجعل فاتورة عودتهم كبيرة، وبالتالي حريّ بوزارة التجارة وضع صيغ تفاهم لاستمرار النشاط التجاري الخارجي وإعادة النظر ببيان التكلفة، فالتوقيت غير مناسب لمحاربة من يسندون السوق ولو ببحصة حتى ولو كان الربح هدفاً، فأين الضير مادامت الوطنية سقفاً للعمل الاقتصادي والتجاري؟!.
دمشق– علي بلال قاسم