محليات

بين قوسين غاباتنا بين الحرائق والاعتداءات

شهدت الموارد الطبيعية والحراجية، ولا تزال، صوراً متعدّدة من التدهور، والتدمير بسبب الممارسات البشرية غير المسؤولة، والاعتداءات التي طالت الحجر والشجر، الأمر الذي أخرج مساحات واسعة من الرقعة الخضراء، والغابات من دائرة الاستثمار الاقتصادي، والبيئي، والصحي.
وحرائق الغابات أحد أهم هذه العوامل التي أدّت إلى تدهور الغطاء النباتي، وهي في مجمل مسبّباتها ونتائجها إحدى المشكلات البيئية المقلقة، والمكلفة، التي تشغل دول العالم، وخاصة بعد اتساع رقعة المساحات التي تلتهمها ألسنة النيران سنوياً من المناطق الحراجية، والغابات.
مصادر وزارة الزراعة أشارت إلى أن عدد الحرائق التي طالت غاباتنا خلال النصف الأول من العام الحالي بلغ /404/ حرائق، تضرّرت بنتيجتها مساحة 25586 دونماً من الحراج، وهذه المساحات أضيفت إلى سابقاتها من المواقع المتدهورة، الأمر الذي أدّى، وسيؤدي إلى فقدان، وتخريب مساحات واسعة من الغابات، وخسارة موائل طبيعية، وتراكيب وراثية، وحدها الحياة البيئية تدفع ثمناً باهظاً لها، وهذا بدوره يؤكد أن قضية توفير المناخ الملائم لتطبيق القرارات، والتشريعات الصادرة، والناظمة لصيغ التعامل مع ثروتنا الحراجية، والأشجار المثمرة، أمر أكثر من ضروري، والعمل باتجاه توفير الحماية الحقيقية لثروتنا الخضراء، قضية وطنية تهمّ الجميع.
ومع لحظ الإجراءات العديدة التي تتخذها الجهات المعنية لحماية المواقع الحراجية، والغابات، لابدّ من تأكيد أهمية المتابعة الجديّة، وبلورة آليات تنفيذ ميداني واضح، يخرج المواجهة النظرية من إطار التعاطي مع هذه القضية المهمة جداً، ويرسّخ على أرض الواقع نتائج إيجابية لعوامل توفير الحماية المطلوبة لغاباتنا، والتوسّع في رقعتها الخضراء، والعمل وفق جميع الإمكانات لتنفيذ الخطة الوطنية الموضوعة لزيادة المساحات الخضراء، وتنمية الغابات.
ومع تقديرنا لجميع الجهود المبذولة، يمكننا التساؤل: هل استطاع مشروع مكافحة حرائق الغابات أن يسهم في تعزيز، وتهيئة القدرات، والأطر المطلوبة لتنفيذ صحيح للقوانين، والتشريعات، وأن يكون الرديف، والحاضن الحقيقي لمجمل الخطط الهادفة إلى تعزيز دور الغابة في حماية البيئة، والحدّ من الفقر، وتحقيق الأمن الغذائي.
وعلى كل الأوجه، من واجب الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الحماية المطلوبة للغابات واستدامتها، كما لابدّ من تطوير، وتكامل أسس، وإجراءات المواجهة الحقيقية لحرائق الغابات، ومكافحة مسبّباتها، وذلك وفق خطة عمل وطنية، وآليات تنسيق مدروسة، والتوسّع بحملات التوعية التي تهدف إلى المشاركة الأوسع للمجتمعات المحلية في مواجهة هذه الحرائق، والحفاظ على الغابة، والموارد، والموائل الطبيعية، وحمايتها من كل أشكال التدهور، والاعتداءات، والممارسات غير المسؤولة.

محمد الآغا