الصفحة الاولىمن الاولى

في تاريخ "البندرية".. نكسة حزيران كتبت بمداد سعودي فيصل يُطالب واشنطن و"إسرائيل" بتوجيه "ضـربـة تـأديـبيـة" إلــى مـصـر وســوريــة

تتكشف تباعاً حقيقة العلاقة السعودية-الأمريكية الإسرائيلية المشبوهة، وتلاقي الأهداف في تدمير الدول العربية، للإبقاء على الكيان الصهيوني آمناً، وتأمين تدفق النفط للولايات المتحدة، مقابل حماية العرش السعودي المهتزّ، فمنذ نشأة آل سعود والعلاقات السعودية الإسرائيلية قائمة عبر المخابرات البريطانية ثم عبر المخابرات الأمريكية في الظل، بالإضافة للعلاقة المباشرة خلف الستار، وقد كشفت بعض الوثائق التي تمّ الإفراج عنها من أرشيف الوثائق الأمريكية والبريطانية عن ذلك الدور الخبيث التآمري للنظام السعودي ضد القضايا العربية.
فقبل نكسة 1967 بأشهر، وتحديداً في 27 كانون الأول، وجّه الملك السعودي الأسبق فيصل بن عبد العزيز رسالة إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية في عهده ليندون جونسون، يطلب فيها من الرئيس الأمريكي ضربة تأديبية إلى كل من مصر وسورية، وإنشاء دولة للأكراد في العراق لإشغال الحكومة العراقية بصراعات داخلية، وبعد أن عرض في بداية رسالته ما وصفه بالخطر المصري والمد القومي على العرش السعودي، قدّم مجموعة من المقترحات لتحقيق مآربه الوهابية، في القضاء على القومية العروبية متجسّدة بمصر وسورية.
وجاء في الرسالة حرفياً: “أن تقوم أمريكا بدعم  من إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولي به على أهم الأماكن الحيوية في مصر، لتضطرها بذلك، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنّا مدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه خلف القناة، ليحاول إعادة مطامع محمد علي وعبد الناصر في وحدة عربية”، وتابع فيصل بن عبد العزيز في الرسالة، راسماً الخطوط العريضة للسياسة المستقبلية تجاه مصر بعد إخضاعها، قائلاً: “بذلك نعطي لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة، لا في مملكتنا فحسب، بل وفي البلاد العربية ومن ثم بعدها، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية، لاتقاء أصواتهم الكريهة في الإعلام”.
وفيما يخص سورية قدّم الملك السعودي مقترحه لنسف وإضعاف الدولة العروبية الثانية بعد مصر، وكتب: “سورية هي الثانية التي يجب ألّا تسلم من هذا الهجوم، مع اقتطاع جزء من أراضيها، كيلا تتفرغ هي الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر”.
ولإكمال مخططه الخبيث اقترح الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة لعزل فلسطين عن محيطها وقطع أي أمل بتحريرها من الكيان الصهيوني، موضحاً الأسباب بقوله: “كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة، كما يسهل توطين الباقي في الدول العربية”.
وحول العراق كتب الملك “نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازاني شمال العراق، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أي حكم في بغداد يريد أن ينادي بالوحدة العربية شمال مملكتنا في أرض العراق سواء في الحاضر أو المستقبل، علماً بأننا بدأنا منذ العام الماضي 1965 بإمداد البرازاني بالمال والسلاح من داخل العراق، أو عن طريق تركيا وإيران”.
وختم رسالته بالقول: “أنتهز هذه الفرصة لأجدد الإعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة، وللولايات المتحدة من نصر وسؤدد ولمستقبل علاقتنا ببعض من نمو وارتباط أوثق وازدهار”.
المخلص: فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية
هذا غيض من فيض تآمر آل سعود على العروبة والعرب، منذ تاريخ نشوئهم المشبوه وحتى الساعة، وكان لكلمات السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم أول أمس ملخص موجز، وكشف لحقيقة هذه الثلة الحاكمة، التي ثبت عليها قول الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان عام 1981م في مؤتمر صحفي جرى داخل البيت الأبيض: “إن الولايات المتحدة لن تسمح بأن تخرج المملكة العربية السعودية من المعسكر الغربي.. إن على واشنطن منذ اليوم تحديد النظام الذي يجب أن يكون في هذا البلد وأية حكومة يجب أن تحكمه”.
وبعد أن كان الشغل الشاغل للسعودية سابقاً إخفاء انحيازها الكامل للغرب وإسرائيل، صاروا يتباهون اليوم علناً، دون حياء بعلاقاتهم ليس مع الأمريكيين فحسب وإنما مع الكيان الصهيوني، على وجه التحديد، وآخرها ما جمع مسؤول الاستخبارات السعودي الأسبق تركي الفيصل، ورئيس الاستخبارات الإسرائيلي الأسبق الجنرال عاموس يدلين، في مناظرة جرت في العاصمة البلجيكية بروكسل، كشف فيها المسؤول الإسرائيلي عن تطلع بنيامين نتنياهو لزيارة عاصمة المسلمين في السعودية، وحلم الفيصل بزيارة أوكار الكيان في فلسطين المحتلة، كما أثنى وتغزّل علناً بالوزيرة الإسرائيلية تسيبي ليفني، خلال مناظرة معها في مؤتمر للأمن، قائلاً: “أنا أدرك لماذا تفاوضين عن إسرائيل”، فردت هي على الفيصل بالقول: “أتمنى لو كان يمكن أن تجلس معي”.