ثقافة

في ذكرى الشاعر جوزف حرب: وقفـــت حيـــث يجـــب أن تقــــف

تخليداً للشاعر جوزف حرب، أصدرت الحركة الثقافية في لبنان، بالتعاون مع اتحاد الكتّاب اللبنانيين، كتاباً تضمن مجموعة من النصوص، والكلمات التي ألقيت في حفل تأبين الشاعر الراحل الذي أغنى المكتبة العربية بقيمة شعرية كبيرة باللغة العربية الفصحى، والمحكية، وكانت إبداعاته مثالاً صادقاً عن الجنوب، وعن الثقافة، والشعر المقاوم، ففي حضرة الشاعر، بقامته العروبية، تتحول المناسبة إلى موقف، يراجع الكثيرون ما ينبغي فعله، وما يشترط عليهم من الوفاء للبقاء على ناصية الحلم، والحارس للمبادىء، فقد تحول التأبين إلى دائرة واسعة من الكلمات التي تناولت سيرة الشاعر، وشخصيته الوطنية، والعروبية، وتداخل الشخصي مع الوطني منها، ومع الهم الذي تعيشه الأمة الآن، وما آلت إليه بفعل المخططات التي تحاك في الدوائر المظلمة، فقد أوصت بعض الكلمات بمتابعة السيرة النبيلة للفقيد، إلى حد أن تدرّس قصائد الشاعر في المناهج المدرسية: “بعد الآن سوف نجعلك مقرراً دراسياً في مدارسنا، سوف نجعل أولادنا يحفظون أشعارك عن ظهر قلب من أجل أن نضمن أنهم يحفظون الطريق إلى الوطن، ويحفظون سيادته، وسوف نعمر وجدك شهياً في أجسادنا”، ومن المشاركين في حفل التأبين رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي خاطب الشاعر الراحل قائلاً: “بعد الآن، يا جار الرضى سوف لا تناولني كلمة السر، فأراني أبقى وحيداً في ظلام الكلام المراوغ، وسوف لا يهتف لي صوتك كي أبارح هذا الدجى الذي يشتد على لبناننا، ويشتد على سورية”، وأضاف بري: سوف تغسلك القرى، فلا تجد على جسدك سوى الشعر، فتدفنك بلباسك كما يدفن الشهداء، وأنت تحمل كتابك بيمينك، وعلى غلافه أسوارة العروس- الجنوب- بعد الآن سوف نؤجل أحزاننا كما أردت لنا دائماً، سوف نبارك بالأبطال الذين ينسكب دمهم في الحواكير، ويلون شقائق النعمان والأبطال الذين يقرؤون في نهج البلاغة، ويكتبون من الشعر أحسنه، وسوف نعترف كم كنت عاشقاً، وكم كنت مولعاً بالقمح، والنساء، والأزهار، وكم كنت شاعراً، وتابع بري:
وبعد الوطن سوف ينقصه شيء، سوف ينقصه من يضع مفهوماً موحداً للوطن، والمواطن، والمواطنة، والعاصمة، والحدود، والمقاومة، سوف ينقصها من يمنح لغتها الحياة، ومن يقول الالتزام في حضرتها.
ولسفيرنا في لبنان الشاعر علي عبد الكريم كلمة تضمنها الكتاب، جاء فيها: “وقفت حيث يجب أن تقف، وقلت كلمتك صريحة، جميلة، داوية، قلتها مع المقاومة ضد المحتل، وضد المتخاذلين، والسماسرة، والعملاء، قلتها مع الوحدة، والتكامل بين أبناء الأمة، ضد كل معاني الارتهان، والانقسامات على أسس قطرية، أو طائفية، أو مذهبية.
أحبتك كل المدائن التي قرأت، أو أصغت إليك، أو أهديتها صداقتك الحميمة، فاللاذقية، وصور، وصيدا، وجبيل، وبعلبك، والقاهرة، ودمشق، وبيروت، كلها لك، فيها منازل تمتد على مساحة مفتوحة من وجدان الأجيال العربية، هذه الأجيال التي رأت في شعرك المترع بالجمال، والعبقرية، والموقف عزاء بعد فيضانات اللغة الميتة التي تشرع الاستسلام للمحتل، وتتبارى في استعطاف مزوري التاريخ، ومغتصبي الحقوق، وأولئك المدعين الاعتدال، أو المرتدين قناع الدين لتحقيق ما عجز عنه المحتل الاسرائيلي والأمريكي.. لقد كنت أيها الشاعر العبقري أصلبنا، وأشجعنا، ومن أكثرنا استشرافاً للمستقبل، وسورية التي أحببتها، وأحبتك تحتفظ بكل صورك المضيئة، فأنت حي في وجدانها”.
وقد ضم الكتاب كلمة لوزير الثقافة، وللشاعر بلال شرارة، رئيس الحركة الثقافية في لبنان، وقصائد لكل من الشعراء: طارق آل ناصر الدين، ومحمد علي شمس الدين، وغسان مطر، وفاروق شوشة، وآخرين.

أكسم طلاع