هل تحول الفنان السوري إلى رقم؟
تابعت وبشغف الأفلام القديمة المشتركة التي كانت تضم نخبة من الفنانين العرب، وأغلبهم كانوا من سورية ومصر ولبنان، هؤلاء كانوا بالفعل سفراء سوقوا لهجات بلدانهم وحافظوا على خصوصية كل منهم، مقدمين بذلك لوحة فنية غاية في الروعة عكست وبصدق انتماء كل منهم، والأمثلة كثيرة على ذلك كرفيق سبيعي، دريد لحام ونهاد قلعي ..وغيرهم ممن نشروا اللهجة الشامية بعد أن كان الكثيرون يجهلونها. والشيء الأهم في تلك الأعمال أن الفنان السوري حافظ على هويته فيها، وربما من خلال ذلك استطاع الفن أن يجمع الأشقاء جميعاً، وإن كان ذلك على الشاشة الكبيرة سابقاً والصغيرة لاحقاً.
ما أبعد ذلك الأمس عن اليوم، لا أقصد زمنياً ما أقصده أننا نعيش اليوم عصر هذه الأعمال المشتركة على الشاشة الصغيرة الفرق الصغير (الكبير) بين ما كان وما نراه الآن، فالفنان اليوم، وسنتحدث عن السوري تحديداً، عندما يشارك في عمل درامي مشترك غالباً ما يكون أداؤه باللهجة المصرية أو اللبنانية، وطبعاً تلك لهجات أشقاء نفتخر بها، لكن المشكلة تبدو بوضوح عندما يكون العمل نصاً وإخراجاً وإنتاجاً ليس سورياً هنا من المشروع أن نسأل: ماذا يبقى من هوية الفنان السوري بعد أن ذاب في تلك الأعمال وفقد خصوصيته كفنان سوري؟ أقول هذا وأنا خائف أن يصيب بعض فنانينا ما أصاب ذلك “الطائر” الذي حاول أن يقلد مشية طائر آخر فلم يستطع، وعندما أراد أن يعود لمشيته الأصلية وجد نفسه قد نسيها، باختصار لا نريد لفناننا السوري بعد أن كان أساسياً يعبر عن نبض وروح بلده أن يتحول إلى مجرد رقم في دراما الآخرين لا يحمل من سوريته سوى الاسم فقط.
جلال نديم صالح