في تفعيل المراكز الثقافية
خلافا لأهمية الثقافة في حياة المجتمعات، هذه الأهمية التي عبر عنها القائد الخالد حافظ الأسد بقوله “الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية” يلاحظ تناقص رواد المراكز الثقافية، المنتشرة في جميع مدن ونواحي القطر – وبعض القرى الكبيرة- ما يجعل من المتوجب أن تتركز اهتمامات المعنيين لتفعيل الدور المعهود المنوط في هذه المراكز، وتحديدا في مجال استعادة تنشيط قاعة المطالعة والاستعارة الداخلية والخارجية، ورفع سوية الحضور الكمي والنوعي للأنشطة الثقافية، وبغية تحقيق ذلك تدريجيا، أرى ضرورة أن توجِّه وزارة الثقافة مديرياتها في المحافظات، باعتماد وتنفيذ الإجراءات التالية:
العودة إلى فتح قاعات المطالعة في المراكز الثقافية طيلة أوقات الدوام الرسمي، أمام رواد المركز، وتكليف أحد العاملين بالمداومة فيها والإشراف عليها ضمانا لتحقيق الغاية المرجوة منها، على أن توفر إدارة المركز كافة الصحف اليومية والدوريات الورقية، بما لا يقل عن عددين من كل دورية، وأن يقوم مشرف القاعة بأرشفتها في رفوف ضمن قاعة المطالعة، بما يضمن وجود أعداد عن أسبوع مضى للدوريات اليومية، وعن شهر مضى للدوريات الأسبوعية، وعن نصف عام مضى للدوريات الربعية، لكي يتسنى للقارئ الاطلاع على الدورية التي يرغب، وتسهيل الاستعارة الداخلية والخارجية من مكتبة المركز، وهذا يستوجب أن تكون القاعة مجهزة بالكراسي المريحة والطاولات المناسبة، وبعض المراجع الهامة التي يمكن لضيف القاعة تناولها بسهولة، مع جناح خاص يتضمن التراث الفكري المؤرشف لكل منظمة حزبية وشعبية مرخصة، بدءا من أول بيان أصدره الحزب ودستوره ومنطلقاته ومقررات مؤتمراته المتتالية ونشراته اللاحقة، كي يتسنى لكل مواطن الاطلاع على فكر كل حزب من الأحزاب والمنظمات الوطنية المرخصة.
مع الأخذ بعين الاعتبار خطة مديرية الثقافة والأنشطة التي تقوم بها الجهات الأخرى، على إدارة المركز الاهتمام بأصدقاء المركز – محاضرين وحضور- والعمل على تشكيل لجنة أصدقاء المركز بما لا يقل عن / 50/ من المثقفين المواظبين على ريادته، وعقد اجتماع دوري لهم، في النصف الأول من الشهر الأول من كل ربع من العام، للاستئناس بآرائهم فيما يخص الخطة الثقافية للمركز، والتي يجب أن تكون ربعية، على أن يتقدم كل صديق باقتراحاته المناسبة لتطوير العمل الثقافي في المركز، وخاصة فيما يتعلق بعناوين المواضيع التي يجب تنظيم محاضرات بشأنها، واقتراح من يرونهم أكفأ لذلك، وخاصة من رواد المركز، على أن تقوم إدارة المركز بدراسة المقترحات والمواءمة بينها، وإعداد وإقرار واعتماد خطة ربعية للمركز، تتضمن خطة شهرية، مع الأخذ في الحسبان ضرورة تحقق مرونة تتيح عرض الأنشطة العرضية التي تقوم فيها بعض الجهات الأخرى، وعلى أن تكون عناوين المحاضرات متنوعة وجاذبة –لا منفِّرة- للحضور، إذ لا يخفى أن عدم تحقُّق ذلك، كان سببا في تحقق الإضعاف التدريجي للحضور، على أن يتم تكليف من يمكنه (ويرغب) من أصدقاء المركز في المشاركة في الأنشطة الثقافية، واستبعاد المحاضر الذي لا تلقى محاضرته إقبالا لحضورها، أو يكون همه محصورا في الشهرة، أو استلام العائد المالي المخصص.
على كل مركز ثقافي أن يحدِّد توقيت المحاضرات بما يمكِّن معظم الراغبين المهتمين من حضورها، والأخذ بعين الاعتبار صعوبات السفر وتكاليفه، التي تحد من حضور أبناء الريف لكثير من نشاطات المركز الثقافي، ما يستوجب عدم حصر الأنشطة الثقافية في المركز الثقافي، وضرورة تكثيفها في أحياء المدينة وفي الريف الذي يتبع للمركز، عبر الاستفادة من باحات المدارس، وصالات المبرَّات الخيرية، وهذا يتطلب أن تكون المحاضرات المُقامة في الريف، موضوعة ضمن خطة المركز الثقافي، ويُعلَنْ عنها أنها مقامة بالتعاون معه، وأن يحضَرَها ويقدِّمها / حكما/ ممثل عن المركز، فحضور المركز في الريف يدفع الريف للحضور في المركز، وشيئا فشيئا نصل إلى المزيد من الحضور والتفاعل الثقافي، وعلى موظفي المركز وأبناء المدينة ألا يستصعبوا حضورهم في الريف، ويستسهلوا حضور الريف في المدينة، إذ من الضروري أن يستسهل الطرفين ذلك، ومزيد من التواصل يزيد من فرص الاستسهال.
طالما أنه من المتوجب أن تكون الثقافة محط اهتمام جميع المنظمات وأعضائها، المفترض أنهم يقدرون مقولة القائد الخالد: “الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية”، والذين تتألف منهم جميع كوادر الإدارات، حبذا أن يقيم المركز الكثير من أنشطته /وربما كلها/ بالتعاون مع هذه المنظمة أو تلك، بغية ربط المنظمات بالثقافة، وضمان تزايد الجمهور الكمِّي والنوعي للمراكز الثقافية، إذ لا يخفى ما للثقافة من دور كبير في تحقيق مسيرة التطوير والتحديث والإصلاح ومكافحة الفساد.
عبد اللطيف عباس شعبان