نقطة ساخنة “فأل خير”
بعد أي تعميم من المصرف المركزي نخرج بمعطيات هي بمثابة مؤشر على واقع السياسات المالية والنقدية، وبالإمكان -إن صدق حدثنا- اعتبار يوم أمس الأول بداية النهاية لحالات اللا استقرار في سعر صرف الليرة أمام العملات الرئيسية العالمية، فتخفيف القيود والشروط على التّجار وغير التجار للحصول على الدولار، حسب ما جاء في تعميم “المركزي”، فأل خير؟!.
وهناك احتمالان حول الأسباب الكامنة وراء هذا التعميم، وكلاهما يبشّر بانفراج قريب جداً في أسعار السلع وتراجع معدلات التضخم، وذلك عندما نتحدث عن السماح للتجار المرخص لهم مهنياً وغير المرخص لهم بشراء الدولار بيسر وسهولة، ورفع سقف البيع للمواطنين العاديين من 500 دولار شهرياً إلى ألف دولار أو ما يعادلها، مكتفياً بالحصول على الهوية الشخصية فقط بعد أن كانت المطلوبات للبيع من فواتير وثبوتيات أخرى -لا طعم لها- تثير السخرية بمجرد معرفتها، قبل أن تضني قلوب المحتاجين للدولار في تأمينها!!.
الاحتمال الأول: هكذا ودون الغوص في التحليل المالي والنقدي.. أن القطع الأجنبي متوفر بكميات لا بأس بها واحتياطياتنا من الدولار بخير، وفي الوقت ذاته، يكذّب المغرضين القائلين باستنزاف كبير يصيبها منذ بداية العام الثاني من الأزمة، وبالتالي التقليل من الروتين واشتراطات “المركزي” كمن يدفع الآخرين للشراء، مع تمنياتنا ألا يكون محفزاً لعودة الروح للسوق السوداء “المعدمة” الآن.
الاحتمال الثاني: وبشيء من التخمين النقدي، أن “المركزي” لديه معلومات مؤكدة تشير إلى توافر فائض من الدولار واليورو في خزائن المؤسسات المالية (شركات صرافة، المصارف الخاصة) ويرغب بتحريكها في الأسواق المحلية للاستفادة منها في تمويل العمليات التجارية والشخصية الخاصة بالمواطنين العاديين..
وقد يسأل سائل: من أين لـ”المركزي” الحصول على هذه المعلومات؟
من خلال جلسات البيع التي يعقدها المصرف مرة إلى مرتين كل شهر وينعدم فيها الطلب على الدولار من قبل القائمين على تلك المؤسسات، وكشف “المركزي” عنها عبر بياناته الصحفية، بالإشارة إلى عرضه للملايين من الدولارات دون شراء يذكر وذلك منذ عام ونيف، لهو مؤشر على وجود دولار لدى هذه الجهات. أيضاً باستطاعة “المركزي” إحصاء ما لديها من قطع عن طريق قيمة الحوالات الخارجية المرسلة بالعملات الأجنبية والتي سمحت القوانين الأخيرة لشركات الصرافة بالتصرف بنسبة منها في عمليات البيع.
للاستفادة من السيولة الإضافية من القطع الأجنبي في السوق واستثمارها أحسن استثمار، يجب على “المركزي” إتمام واجبه برقابة صارمة وعقوبات رادعة مع توقع نشاط جيد في تداول العملات، ومطالبة هذه المؤسسات بتفاصيل عمليات البيع وفق نموذج خاص بهذا التعميم.
Samer_hl@yahoo.com