اقتصادصحيفة البعث

تعديل تعميم “المالية” واعتماد الأراضي وتمويل التصنيع الزراعي… خطوات لاستثمار حقيقي

دمشق _ فاتن شنان

ما زال التوجه لتوسيع النشاط الاستثماري بشكل أفقي على كامل المحافظات، يقابل بالعديد من الإشكاليات على أرض الواقع، ما يعيق تمدده وانتشاره، لاسيما في الأرياف التي تمتلك مساحات شاسعة تصلح لقيام منشآت متنوعة أو تساعد مالكيها بالحصول على التمويل اللازم من المصارف بغية ترجمة مشاريعهم الخاصة التي تنمي مناطقهم وتطورها وترفد إنتاجهم وتسهم في استقرارهم.

ونظراً لطبيعة الأراضي الزراعية والتي يقع معظمها خارج التنظيم، فإنها لا تقبل كضمانات رسمية لتمويل المشاريع من قبل المصارف، وبالتالي تحرم مالكيها من الدخول في مضمار العملية الاستثمارية البعيدة أو المكملة للقطاع الزراعي، ويعود السبب لوجود تعميم من قبل وزارة المالية منذ ما يزيد عن عشر سنوات يفيد بعدم قبول الأراضي الزراعية كضمانات للتمويل حفاظاً عليها من الرهن أو البيع في المزاد لدى التعثر واعتبرت آنذاك ميزة للقطاع الزراعي.

خارج الصندوق

حالياً وضمن هذه المعطيات سيخسر المواطن والاقتصاد معاً فرصاً مهمة للنهوض ورفد العملية الإنتاجية التي تتصدر توجهات الحكومة، وبالمقابل لاشك أن التعميم جاء حفاظاً على الأراضي الزراعية من رهنها في المعاملات المالية، إلا أنه من الممكن التفكير بتعديله لتلافي إعاقته في قضية التمويل، كونها أي الأرض الزراعية بشكل عام غير مقبولة في كافة التعاملات، إلا بوجود عقار سكني أو أن تكون ضمن التنظيم والضمانة بحيث يجب أن تكون نظامية ويقصد بها جودة الضمانة أي القدرة على التسييل، وهنا يبدو أن إعادة دراسة موضوع قبول الأراضي الزراعية أصبحت ضرورة ملحة، ولاقى المقترح قبول من مدير المصرف التجاري الدكتور علي يوسف، الذي أكد أنه يمكن اعتباره خطوة جيدة لتوسيع النشاط الاستثماري بشكل عام وبالأرياف بشكل خاص، ولكن ضمن شروط معينة كوجود أوراق رسمية أو شموليتها بمخططات تنظيمية وإثبات الملكية، وذلك لتستطيع المصارف التمويل دون مخاطر أو تعثر لدى المقترضين.

كما لفت إلى نقطة مفصلية أيضاً تصب في ذات السياق وتحد من توسع الاستثمارات وهي تخص مؤسسة مخاطر القروض، إذ تمنع تعليماتها وآلية عملها ضمانة أي قرض تكون الغاية منه شراء أرض ما، وهي إشكالية برأي يوسف لاتقل عن نظيرتها أهمية في إعاقة النشاط الاستثماري، وذلك لوجود راغبين بالاستثمار في المناطق الصناعية، وقد يحصلوا على تمويل لمشاريعهم الخاصة بقيم مالية مختلفة قد تقارب 50مليون على سبيل المثال، ويسمح نظام العمل في المناطق الصناعية له عملية التقسيط بفائدة لا تتجاوز 5% لعشر سنوات، ولكن الأرض المخصصة للمشروع لا يمكن رهنها كونها لم تنتقل ملكيتها للصناعي أو الحرفي المقترض، لذلك يسعى التجاري عبر المناقشات والتداول مع الجهات المعنية لإضافة تغيير أو تعديل لبعض آليات عمل المؤسسة بغية السماح لها بالتمويل لشراء الأراضي، شريطة أن تكون ضمن مشروع متكامل، أي أن يكون المشروع الممول هو إقامة أو إنشاء مصنع أو منشأة، ويمول المصرف العميل قرض بقيمة الأرض، ليصار إلى رهنها وهي لا تخضع لرهن آخر، ويبدو أن الموضوع تمت مناقشته والتوصل إلى صيغ شبه نهائية واعتمادها قريباً بحسب يوسف.

توطين وتمكين

يبقى من استكمال أركان الاستثمار الفعلي أن يمتد الدعم والتمويل إلى كافة حلقات الإنتاج الزراعي بدءاً بالمشاريع الزراعية ومنها لمشاريع التصنيع الزراعي لتتكامل السلسلة وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، ولذلك يسعى المصرف إلى تشميل مشاريع التصنيع الزراعي ضمن برنامج دعم الفائدة المعتمد في المصرف مؤخراً، إذ وبحسب يوسف أن مشاريع المداجن والمقابر المشملة، تشكل الخطوة الأولى ولكنها مجزوءة تحتاج لوجود مشاريع قريبة منها جغرافياً تستهدف إنتاجها وتعمل على تصريفه، وأن تكون مدعومة الفوائد لتشجيع المستثمرين للقيام بها، فدعم القطاع الزراعي الحالي غير كاف بالقروض التي يتم منحها، بل يجب أن يمتد الدعم لمنشآت التصنيع الزراعي المكمل للعملية الزراعية، لافتاً إلى أن مشاريع الصناعة الزراعية والصناعة الحرفية هي ذات قيمة اقتصادية وتشكل أولويات المصرف لذلك يسعى لتوطينها وتشميلها بالبرنامج.