لسنا مضطرين للخضوع لآليات السوق طالما أن “ليرتنا” تتعرض لحالة هجوم؟! تراجع قيمة الليرة بمقدار 6 ليرات خلال شهر فتح شهية المضاربين بالعملات للعودة.. وبقوة
تراجعت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار في السوق السوداء بمقدار 6 ليرات خلال شهر، من 168 ليرة إلى 174 ليرة أمس، وبأكثر من 10 ليرات مقابل اليورو من 222 ليرة إلى 232 ليرة، وعزا محلّلون ماليون هذا الانخفاض إلى زيادة الطلب على القطع الأجنبي من قبل التّجار بهدف تمويل وارداتهم، ومن طلاب يتمّمون تعليمهم خارج البلاد، وذلك مع بدء العام الدراسي الجديد وبدء استعدادهم للسفر.
تحويل العملات
إلا أن بعض المحلّلين الماليين رأى أن غياب المركزي فترة عطلة عيد الفطر التي استمرت حوالى عشرة أيام متتالية، منح فرصة للمضاربين للدخول إلى السوق وزعزعة استقرار سعر الصرف الذي استمر لعدة أشهر متتالية، وبالتالي أخذت قيمة الليرة تتذبذب أمام العملات الأجنبية الأخرى منذ ذلك الحين.
وحسب الأنظمة المالية، عندما يقع انخفاض على عملة ما في نظام سعر الصرف الثابت، ولا تستطيع السلطات المالية المحددة لسعر الصرف الدفاع عنه على المدى المتوسط أو الطويل، تتعهد هذه السلطات في إطار نظام صرف ما بضمان تحويل العملة مقابل العملة المرجعية، وللقيام بذلك تمتلك احتياطي نقد أجنبي، لكن في حالة وجود طلب كبير على العملة الأجنبية (في حالة تحويل العملة المحلية مقابل عملة أجنبية)، لا يكفي الاحتياطي ويجب على البنك المركزي إيقاف عملية تحويل العملة والتخفيض من قيمتها.
تنمية الصادرات
بالمقابل، ثمّة توقعات أخرى تشير إلى أن نمو الصادرات الواضح، يتطلب انخفاض نسبي في قيمة العملة كوسيلة ضمن السياسة المالية من أجل تعزيز النمو الاقتصادي، بتنمية الصادرات وإعادة تعديل الميزان التجاري (عقب انخفاض قيمة العملة، يتبع الميزان التجاري عادة تدهور في البداية ومن ثم يتطور إيجابياً).
مع ذلك، هذه السياسة ليست مجدية سوى على المدى القصير والمتوسط، لذلك يجب إعادة تعديلها من جديد ما لم يوجد حل للخلل الاقتصادي الأساسي، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار قضية تعزيز الثقة بالعملة الوطنية (الليرة).
آليات للتدخل
يُشار إلى أن السلطات المالية تقوم عادة بتخفيض قيمة العملة كخطوة وقائية تحسباً لاستعمال احتياطيها من النقد الأجنبي بالكامل، والتخفيض يتمثل في هذه الحالة في التعديل نقصاناً في سعر صرف عملة بالنسبة لعملة مرجعية أخرى (أو مجموعة عملات، في حال كان سعر الصرف محدداً بالنسبة للمعدل المرجح لمجموعة عملات أجنبية).
وإن كان تذبذبُ سعر صرف الليرة -الظاهرة الأكثر وضوحاً منذ بدء الأزمة– ناتجاً عن قانوني العرض والطلب، نرى هنا أننا لسنا مضطرين للخضوع لسوق الصرافة وآلياته طالما أن اقتصادنا يتعرض لحالة هجوم، وتحديداً على العملة الوطنية، ولكون الحكومة مازالت تملك آليات التدخل –وهذا بيّن في تحكمها برفع قيمة الليرة أمام الدولار متى تشاء- وهي تدخلات تعدّ الأكثر كفاءة في ظروف الحرب على الأقل.
الطمأنينة المطلوبة
وإذا سلّمنا جدلاً أننا مضطرون لقبول آليات السوق التي تحدّد أداة تدخل المصرف المركزي الرئيسية في هذه الظروف ببيع الدولار للصرافين لمواجهة تدهور قيمة الليرة، فعلينا -من وجهة نظر الخبير الاقتصادي جورج قرم-كأضعف الإيمان، أن نتدخل في الظروف الاقتصادية والسياسية الأمثل وإلا سنفشل في التدخل.
عاد سعر الصرف إلى منطقة اللا استقرار بناء على ظروف تشاؤمية تعزف على أوتارها القوى المناهضة لتحسّن سعر الصرف لزعزعته، وفي ظل هذه الظروف حصرياً يتدخل المصرف المركزي بزيادة ضخ الدولار، لكن النتيجة –بناء على متابعات- لم تكن سوى استقرار مؤقت في سعر الصرف دون تحقيق الطمأنينة المرجوة والمطلوبة لجميع الفعاليات الاقتصادية والمواطنين ممتلكي الليرة، لا بل مازلنا نلاحظ خسارة المزيد من الدولارات لمصلحة قوى ممانعة تحسن سعر الصرف، حيث ارتفع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار من 145 ليرة في كانون الثاني الماضي إلى 174 حتى تاريخ أمس، أي بتراجع في قيمة الليرة بنسبة 16.6% في ثمانية أشهر؟!.
دمشق– سامر حلاس