عدة قرارات حكومية لإعادة منشآت للعمل.. لم تمنع الجدل حول الباقي… تأمين المواد الأولية والطاقة وتأهيل البنى التحتية.. مستلزمات ما زالت مفقودة في العمل الصناعي
أغلبية المناطق الصناعية تعرّضت لاعتداءات وعمليات تخريب ممنهجة وجائرة، والنصر الكبير كان بعودة العديد من منشآتنا الصناعية إلى العمل في منطقة القلمون وريف دمشق الجنوبي وفي محافظات حلب وحمص وإدلب، ولم تبخل الحكومة منذ بدء الأزمة في إصدار أي قرارات أو مراسيم تخدم العمل الصناعي، وقامت بسلسلة إجراءات لتسهيل إعادة تأهيل المنشآت، عبر السماح للصناعيين باستيراد ما يحتاجون إليه من المواد الأولية اللازمة.
إلا أنه -وعلى ذمة بعض الصناعيين– ثمة صعوبات ما زالت تواجه أصحاب المنشآت كالوصول إلى منشآتهم لتفقّدها والشروع بصيانتها أو إعادة ترميمها قبل إقلاعها والإجراءات المطلوبة لإدخال العمال إلى المنشآت، وقد أكد رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها باسل حموي أهمية التعاون والتنسيق بين الغرفة والصناعيين في التوجه إلى الجهات والوزارات المعنية من أجل تحديد متطلبات عودة المناطق والمنشآت الصناعية إلى العمل والإنتاج وتزويد السوق المحلية بمنتجاتها.
مشكلات
بعض الصناعيين تحدّثوا عن مشكلات أخرى تعترض الإقلاع بالعمل يمكن أن تحلها الجهات المعنية بكل يسر وسهولة كتأمين مستلزماتهم من الطاقة البديلة “المازوت الأحمر” إلى جانب حل مشكلة الصرف الصحي التي تهدّد بعض المناطق مثل ريما الصناعية ومزارعها بالتلوث وانتشار الأمراض والأوبئة وصيانة معظم الطرقات المؤدية إلى المنشآت وإعداد مشروع لتعبيدها مستقبلاً.
إيلاء الجانب الخدمي من إعادة البنية التحتية من ماء وكهرباء واتصالات وصرف صحي وطرقات يعدّ من الأولويات بالنسبة لعضو مجلس إدارة غرفة الصناعة محمد بدوي، إضافة إلى قضايا أخرى لا تقل أهمية مثل تعويض المتضررين من الإرهاب، وإعادة فتح المصارف الحكومية الموجودة في المناطق الصناعية، وخاصة المصرف التجاري السوري وفتح مكاتب لشركات تحويل الأموال داخل سورية.
تأهيل المنشآت ذات الأضرار الطفيفة كفيل بإعادة عشرات الآلاف من العمال للإنتاج وسيساهم بشكل كبير في خفض البطالة، وعلى سبيل المثال، يشير أمين سر اتحاد المصدّرين مازن حمور إلى إمكانية إعادة منشآت يبرود وريما (المهمة) التي يبلغ عددها نحو 500 منشأة صناعية متوسطة ومتناهية الصغر خلال فترة وجيزة وتشغيل 15 ألف عامل، وجل ما تحتاج إليه صيانة البنى التحية للمنطقة، ومن الممكن التوسط للمنشآت المتبقية من قبل الاتحاد لدى الجهات المعنية في الحكومة لدعمها لوجستياً أو معنوياً أو مادياً، لأن هناك منشآت كثيرة ستوفر عودتها للإنتاج الملايين سنوياً.
الصادرات
منعكسات إيجابية كثيرة يكشف عنها أمين سر اتحاد المصدرين من إعادة تشغيل المناطق الصناعية، ويبيّن هنا أن عمل المنشآت في مزرعة فضلون والزبلطاني ويبرود -دون غيرها من المنشآت الأخرى- سيحقق صادرات من 4 إلى 5 مليارات دولار سنوياً.
صناعيو ريف دمشق أشاروا إلى صعوبات تواجههم في انسياب مدخلات الإنتاج من مواد أولية وغيرها ومخرجات الإنتاج من وإلى مناطق وجود منشآتهم، داعين إلى تسهيل العملية بموجب فواتير نظامية مصدقة يتم تفتيشها، والتأكد من خلوها من الممنوعات واستلامها وتفريغها بمعرفة الجهات المختصة أصولاً ومشاهدتها من مكتب غرفة الصناعة في تلك المناطق؟!.
غير أن الحكومة، وعلى لسان عبد السلام علي معاون وزير الاقتصاد أكدت دعمها إعادة تأهيل المنشآت وتأمين كل المستلزمات والمواد الأولية، وقال علي: اتخذنا قرارات تسهّل عملية استجرار المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي بما يخدم إعادة الإعمار وتأمين متطلبات السوق المحلية، وأضاف: الآن مرحلة أزمة واتخذنا قرارات استثنائية لتسهيل الحصول على المواد الأولية، إلا أنه لم يخفِ أن الإجراءات السابقة كانت تعليمات تعيق وصول المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج وإعادة النظر فيها.
تعويضات
وتعبيراً عن حسن نية الحكومة في إقلاع المنشآت الصناعية، لفت الحموي إلى أن الحكومة أبدت تجاوباً كبيراً مع الصناعيين حيث تم تعويضهم بجزء من الأضرار التي لحقت بمنشآتهم بسبب الأعمال الإرهابية.
مصادر في وزارة الصناعة أشارت إلى أن عدداً من الصناعيين في دمشق وحمص (شمال) وريف دمشق وحتى حلب (شمال)، يريدون إعادة تأهيل المنشآت العائدة لهم، ومنحت لهم إجازات الاستيراد الخاصة بالمواد الأولية، وحسب المصادر ذاتها، دخل حيّز العمل والإنتاج 11 مشروعاً وحرفة صناعية جديدة برأسمال بلغ 366 مليون ليرة (نحو 2.1 مليون دولار أميركي) في ريف دمشق خلال النصف الأول من العام الجاري، و130 مشروعاً آخر في ريف دمشق نالت تراخيص لبدء العمل، من دون أن تباشر في ذلك حتى تاريخه.
تقديرات
وقدّرت وزارة العمل في آذار الماضي كلفة إعادة تأهيل القطاع الصناعي المتضرر من الأعمال التخريبية للمجموعات المسلحة، بأكثر من ستة مليارات دولار، وأنها تحتاج إلى عشرين عاماً لتعود كما كانت قبل عام 2011.
شرح الصناعيون للمشكلات التي تواجههم للجهات المعنية بشكل دوري ومستمر يسرّع من إعادة منشآتهم إلى العمل، ومن مصلحة الاقتصاد الوطني تلبية مطالبهم بأقصى سرعة ممكنة وخصوصاً منشآت الصناعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وذلك لتلبية احتياجات الأسواق المحلية من السلع، كما أن الكثير من هذه الصناعات هو صناعات تصديرية، ومنها صناعات أولية وأساسية.
دمشق – سامر حلاس