محليات

بين قوسين خلط الأوراق!

حرب استنزاف حقيقية واضحة الأهداف والإحداثيات التدميرية والتخريبية الشاملة نعيشها منذ سنوات، استهدفت ومازالت كل ما يمثّل إرادة الحياة، وما يمكن استثماره في تدوير العجلة الاقتصادية والإنتاجية والتخفيف من حجم الكارثة على حياة الناس المأزومة بثقل الأعباء المعيشية التي فرضتها حرب إرهابية مجنونة عمياء مشحونة بفكر إجرامي تخريبي فرض حضوره على الساحة الاقتصادية، وقلّل مصادر الرزق وأضعف الدخل والقدرة الشرائية في سوق تعاني أمراض الاحتكار والفساد الرقابي والجنون السعري.
هذا المشهد الاقتصادي السائد مع استمرار الأزمة بمؤشراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية المتشابكة والمعقدة، محلياً وإقليمياً، فرض إيقاعاً حياتياً صعباً على المواطن، وفي الوقت ذاته قلّل من الاحتمالات والخيارات المتاحة أمام الجهات المعنية التي باتت تعمل وفق مقولة أحلاهما مر والأقل ضرراً بعد أن تجاوزت التداعيات السلبية على الاقتصاد الوطني كل الخطوط الحمراء، ودخلت مرحلة الكوارث، متخطية بذلك كل التوقعات والنظريات ذات الصلة بالاقتصاد الحربي التي كان من الممكن إسقاطها وتطبيقها على واقع الاقتصاد السوري الذي يعيش اليوم أصعب امتحان اقتصادي على مر التاريخ، فمن جهة هناك حصار جائر وعقوبات اقتصادية ظالمة، ومن جهة أخرى هناك حالة من القلة بل الانعدام في الموارد الداعمة لخزينة الدولة.
ومن هذا الواقع الذي لا نحسد عليه انطلقت وتنطلق الجهود للبحث عن خيارات إضافية لمعالجة الكثير من القضايا وتأمين متطلبات واحتياجات المواطن في ظل الظروف الحالية والتحديات الراهنة وقد تعدّدت الأفكار ووجهات النظر المطروحة لسد العجز المعيشي، والشيء اللافت في كل ما يتمّ طرحه اليوم من خطوات نحو تأمين طريق آمن للخلاص هو أن الظروف تشرعنها وتفرضها الضرورة العلاجية والإنقاذية التي يمكن أن توصل الجميع إلى ضفة الأمان، ولكن ذلك مشروط بأن تتجه بوصلتها النفعية نحو الحياة المعيشية للمواطن الذي يحاول إخراج واقعه الحياتي من الشرنقة الرقمية التي تحاصر قروشه بالتطبيق والتنفيذ غير الصحيح والذي تغيب معه العدالة.
ومع تكرار الأخطاء وتجييرها من عام إلى آخر وخاصة في معالجة القضايا اليومية للمواطن.. تستنفر اليوم مخاوفه من قرارات تأمين احتياجاته من مادة المازوت من ناحية اللجان التي تشكل للإشراف على توزيع المحروقات وخلطها للأوراق بين المصلحة العامة والشخصية أو المتاجرة بالمادة دون أي رادع أخلاقي أو قانوني.. فهل يشهد مواطننا شتاءً دافئاً أم ستلفح حياته بلهيب النسيان وغياب المحاسبة والمساءلة؟!.

بشير فرزان