هدى الجلاب توقع مجموعتها “خارج المدار ” في منتدى دار شعر
شهدت ابتسامة الموناليزا التي تلج القلوب وتفتح معابر خفية للبوح والإصغاء وتوقظ نبض الحنين جمالية الكلمة ورقة اللحن وعذوبة الصوت في أحد لقاءات منتدى دار شعر بإدارة الشاعرة مليكة محمد في مطعم “الموناليزا” في منطقة باب شرقي، وكان المحور الأساسي لهذا اللقاء الاحتفاء بتوقيع القاصة هدى الجلاب مجموعتها الجديدة “خارج المدار” تخللها قراءات شعرية متماوجة مابين الشعر الفصيح والحرّ والنبطي والمحكي أغرق بعضها بملكوت العشق وألم الفراق وألهبت أخرى مشاعر الحضور بحماستها الوطنية لاسيما القصائد المستوحاة من رحم الأزمة والمتفجرة كمداً ،بمشاركة مجموعة من الشعراء المخضرمين من سورية وفلسطين والعراق منهم (كمال سحيم –د.محمد سعيد العتيق –حامد دليمي–طلال مرتضى وآخرون) إضافة إلى مشاركة مجموعة شباب من ثقافي الغزلانية منهم (محمد عبد المجيد ومحمد عثمان) إضافة إلى المشاركات الموسيقية والغنائية.
الأمر اللافت الحضور الكبير من المثقفين والفنانين والمهتمين جاؤوا جميعاً رغم المخاطر ليساندوا رجال الجيش العربي السوري الذين يتصدون للإرهاب في منطقة باب شرقي وما حولها، وليؤكدوا جميعاً بأن الكلمة تتحدى الرصاص المنهمر والقذائف العشوائية.
البعث حضرت حفل التوقيع واستطلعت بعض الآراء حول ظاهرة تزايد وجود المنتديات الأدبية ودورها الكبير في التواصل الأدبي والاجتماعي، وظاهرة توقيع الإصدارات الجديدة بمختلف أنواعها والتي لم تعدّ حكراً على المشاهير من الكتّاب.
ثقافة القاعدة الشعبية
بدايةً توقفنا مع الشاعر كمال سحيم الذي يرى أن ظاهرة المنتديات الأدبية بكل تحشداتها في مناطق مختلفة في دمشق وأطرافها وحتى في ريفها تدل على إيجابية وحضارة هذا الشعب ومدى عراقته وتأصله ويضيف: قد تبدو هذه الكلمات إنشائية لكنها بصمة حياة فنحن أبناء ثقافة نفتخر بتواصلنا الاجتماعي ،وهذا التواصل يفرض حضورنا في هذه الفعاليات الثقافية التي تتكامل في لحظة وجود الكلمة والموسيقا والغناء واللوحة والمشهد المسرحي، فالجموع الحاضرة تضم الشاعر والمسرحي والفنان والممثل والكاتب والمتلقي العادي الذي يهتم بالنشاطات الأدبية إضافة إلى الحضور الكبير للمرأة الولاّدة لكل شيء للوطن والفكر والعطاء والحب والحياة ،أما عن توقيع الإصدارات الجديدة فغدت طقساً يعبّر عن ظاهرة إيجابية كانت تحدث في فترات متباعدة وتمنح للخاصة من الكتّاب والأسماء اللامعة التي أخذت طريقها في زمن ما ،اليوم هي موجهة للكتاب الأول الذي يصدره أي شاب مبدع للوحة الأولى والمعزوفة الأولى والمشهد المسرحي الأول ،هي تكاثف القاعدة الشعبية الجماهيرية التي تمطر ثقافة هذه الأمة وتعيد بناء تلازماتها الفكرية الحضارية والعقائدية.
مدينة الوعي والأدب
ويشاركنا الحديث القاص أيمن الحسن الذي بدأ بالإشادة بدمشق التي وصفها بمدينة الوعي والأدب ويتابع: دمشق تقول إنني أستحق الحياة رغم كل المحن ،وظاهرة المنتديات ليست غريبة عن طقوس دمشق العريقة التي حفلت بها عبْر عصور، وأصبحت الآن تأخذ جانباً آخر وتميل نحو الجانب الاجتماعي وغدت ملتقى الأصدقاء والمناقشات الأدبية والتعرّف إلى الإنتاجات الجديدة، ومن خلال مشاهداتي أرى أن القراءة كثرت أثناء الأزمة وكثر الاهتمام بالإصدارات الجديدة بكل أنواعها ،والاحتفاء بهذه المجموعة التي تضم العديد من المضامين الإنسانية التي تنم عن روح شفافة تجعلنا نقول: إننا نقف في وجه التضليل الذي يأتينا من الخارج وسنزداد تألقاً دائماً.
سورية سبّاقة دائماً
ويثمن المخرج والشاعر حامد دليمي الأمين العام لشعراء الشعب في العراق المتخصص بالشعر المحكي هذه الظاهرة التي تترك وقعاً في النفس وتجمع بين فرسان الشعر والشباب الذين يجدون في هذه الملتقيات الخطوة الأولى التي ينطلقون منها وتتميز أيضاً بالعلاقة الحميمة التي تربط بين الحاضرين ،وفيما يتعلق باحتفالية توقيع الكتب يضيف: سورية سبّاقة دائماً، في العراق يتم توقيع الكتب باحتفالية رسمية وفي مناسبات خاصة ،هنا في سورية تتم ضمن أجواء حميمية في إحدى الفعاليات الثقافية وتدل على حضارة الشعب السوري.
التكامل بين الفنون
والأمر اللافت أيضاً حضور الفنانين المحبب لدى الجمهور والذي يعمق الصلة بين الدراما والمجتمع ومن الفنانين المواظبين على حضور لقاءات منتدى دار شعر الفنان أحمد مللي فيقول: أستمتع جداً بحضور جلسات المنتدى وأعجب حقيقة بالمواهب الشعرية الشابة وبقراءات الشعراء المخضرمين وما يلفت الانتباه الإلقاء الرائع لبعض الشعراء الذين يعيشون اللحظة الإبداعية لجمالية الكلمة والتناغم الموسيقي للحن بكل إحساسهم ،وأنا أشجع أية موهبة سواء أكانت بالتمثيل أو بالشعر أو بالموسيقا أو الرسم ،فهذا الملتقى مكمل للدراما والفنون فنحن نمضي جميعاً ضمن مسار واحد.
ابتعدتُ عن المباشرة
وفي نهاية المطاف توقفنا مع القاصة هدى الجلاب التي أثبتت حضورها في الساحة الأدبية وسكبت من فحوى روحها الشفافة على وريقات هذه المجموعة التي عصفت بعاطفتها المتقدة وحملت صوتها الأنثوي الطاغي، وجنحت في بعضها نحو اللغة الواقعية وفي بعضها الآخر مالت نحو الرومانسية وتداخلت بأسلوب الحداثة القصصية بإقحام نصوص مفتوحة على السرد القصصي فتقول عنها: أشكر كل أصدقائي الذين شاركوني فرحتي بإصدار مجموعتي الجديدة التي ضمت تسع عشرة قصة وجاءت بعد (من قصر الجان وعبق الزهور وخواطر قلب لن يموت) وتمحورت حول موضوعات اجتماعية ووطنية ورومانسية، وسيجد المتلقي شيئاً من روحي ومشاهداتي الخاصة ،وقد لامست في أطيافها ملامح الأزمة بأسلوب رمزي بعيداً عن المباشرة ولم أخضع للخطاب المباشر ،وعرضت فيها تأثير الأزمة وانعكاساتها على الناس وحتى على الحيوان من خلال أنسنة قطة تنصت إلى ذاك الصوت القاسي، وقدمت للقصة بقلمي حتى أكون أقرب إلى القارئ ولم ألجأ إلى أحد من الكتّاب الكبار لتقديمي، وأتمنى أن تكون مرآة لكثيرين.
ملده شويكاني