ثقافة

“نار مشتعلة” في دار الأوبرا وميض الحبّ حرّك الصراع بين قوتين متناقضتين

ربما تكون قصة الفيلم مألوفة من حيث الصراع بين قوتين متناقضتين ،البطل الإيجابي الذي يحمل طاقات انفعالية موجهة نحو الخير وإعلاء القيم النبيلة ومنافسه الذي امتهن أساليب الجريمة وتمثل العنف ،لكن ما يميزه الخيط الرومانسي والنيران المشتعلة لوميض الحب الذي غدا ضمن الحبكة الدرامية قوة خارقة تحرّك الأحداث ،وتمضي بها نحو سلسلة من المطاردات العنيفة الدائرة في بوتقة المحور الأساسي وهو البحث عن المجرم هانغان رئيس منظمة آريان التي تقوم بجرائم القتل والسرقة وتهريب الأسلحة .جاء الفيلم بتوقيع المخرج ديفيد باريت وسيناريو توم كونور ونجح بإيجاد معادلة متوازنة مابين المضمون الإنساني للفيلم واستخدام التقنيات الباهرة لاسيما فن الغرافيك الذي أخذ مساحة كبيرة من الفيلم في المشاهد الأخيرة حينما وصلت الأحداث إلى ذروتها ليلة قتل هانغان وتفجير المبنى وتهاويه إثر اندلاع النيران موظّفاً خلال مسار الفيلم أدوات الممثلين المدربين على فنون القتال وحركتهم السريعة.
تدور الأحداث في كاليفورنيا إذ تشاء الأقدار أن يكون جيريمي رجل الإنقاذ في فوج الإطفاء لحظة وقوع الجريمة ويصبح الشاهد الوحيد على هانغان المشتبه به بقتل المحقق وزوجته ومن هنا تنطلق الأحداث وتتصاعد ليدخل جيريمي برنامج “حماية الشهود” ويبقى متابعاً من قبل إدارة التحقيقات ويخضع لتدريبات استخدام الأسلحة ،لكن يشعل هانغان فتيل الحرائق بينهما في مشهد إطلاق النار عليه وإصابة حبيبته تاليا العاملة بإدارة التحقيقات ومن ثم تهديده بقتلها مع عائلتها وقتل أصدقائه في فوج الإطفاء وقتل أطفاله فيما بعد ،مما يدفع جيريمي للهرب ومواجهة رجال هانغان بمفرده للوصول إليه ،فيبدأ المخرج بصور سريعة ومتلاحقة معتمداً الإثارة وشدّ المتلقي إلى أبعد الحدود لقسوة مشاهد العنف التي تصوّر القتل والمواجهة بلقطات قريبة وأقرب إلى الواقعية ،وفي الوقت ذاته متناولاً الأساليب التي تتخذها تلك العصابات لظهور زعيمهم بعد اتخاذ تدابير أمنية لافتة وفي أماكن غامضة إضافة إلى أساليبهم بالتخلي عن أهم رجالهم كورقة محترقة بالنسبة إلى قوانينهم في حال إصابتهم إصابة بليغة كما في المشهد الذي يعجز فيه طبيب مجموعتهم عن إخراج الرصاصة العميقة في أحشاء أحدهم فيتركه ينزف لعدم إمكانية إنقاذه في المشفى .بعد سلسلة مواجهات يصل المخرج إلى تنفيذ المشهد الطويل الذي يختزل أحداث الفيلم ليلة قتل هانغان وتفجير المبنى الضخم بعد أن أغرقه جيريمي بالمحروقات ثم أشعل النيران ،ليفاجئنا المخرج  بوجود تاليا داخل البناء بعد أن تمكن منها مساعد هانغان وأسرها في المبنى لتدور الكاميرا بين الثلاثة جيريمي وحبيبته تاليا وهانغان وسط النيران المشتعلة وتهاوي أركان المبنى، وقد برع المخرج بخلق أجواء مشبعة بالخوف والإثارة مستخدماً الغرافيك والصور المركبة بالدرجة الأولى ،وبعد قتل هانغان يفتعل المخرج إثارة جديدة بكيفية إنقاذ جيريمي تاليا وخروجهما من المبنى سالمين فتتباطأ الصورة ويعمد إلى إشراك الموسيقا التصويرية بألحانها الرقيقة الهادئة لتغني المشهد وتحوله إلى لقاء رومانسي لحظة يحمل جيريمي تاليا مردداً بعض المفردات التي استغربت وقعها تاليا حينما رددها جيريمي لها في بداية الفيلم وشرح لها طرق إنقاذ الناس من الحرائق المشتعلة ولم تهتم حينها: “هل تثق بي ثق بي سأحميك وستبقى حياً” مظهراً العلاقة القوية بين عمله الأساسي وخطته لتنفيذ قتل هاتغان ،وينتهي المشهد بخروجهما لتنتقل الكاميرا مباشرة إلى إدارة التحقيقات لنرى مساعدة المحقق تجمع أوراق القضية وصورها  فتسأله ألا يوجد دليل على المشتبه بهم فيقول: لاتوجد أية أدلة ويرد على نظراتها التي تتهمه بها بابتسامة ماكرة دون النظر إليها ،وهذا ما يفسر هامش العلاقات الإنسانية التي تتحكم بالأشخاص في أصعب الأوقات بدا هذا واضحاً في موافقته على منح تاليا فرصة أخيرة للبحث عن جيريمي قبل أن يعمم أوصافه وفي منح جيريمي فرصة محاولة قتل هانغان وتعاطفه معه أثناء حديثهما على الهاتف وتنبيهه إلى وجود بصمته في أحد مواقع المواجهات رغم اتباعهم نظام محو وجوده .
الفيلم إنتاج 2012 بطولة روساروداوسن وفينسيت أونوفرو والنجم الشهير بورس ويلس الذي أدى دور المحقق.
ملده شويكاني