قطوف ملونة من الشعر والموسيقا والفكر والفن.. في ملتقى الثلاثاء الثقافي
باقة ثقافية بامتياز ضمت من كل بستان زهرة مختلفة اللون والعبير تنثر عبقها على محبي الثقافة..هي قطوف ملونة من الشعر والموسيقا والفكر والفن لونت بأريجها ملتقى الثلاثاء الثقافي الذي أقامته مديرية الثقافة بريف دمشق في المركز الثقافي في الميدان وقد حضرت البعث الملتقى وجهدت لإلقاء الضوء على نشاطات الملتقى المتميزة والبداية كانت مع مدير ثقافة ريف دمشق سمير المطرود الذي حدثنا عن فكرة الملتقى الهادف إلى تكريس مفهوم اليوم وارتباطه بالثقافة فحين نقول الثلاثاء الثقافي فهذا يعني أن هناك يوماً محدداً لأصدقاء الثقافة يلتقون في المركز الثقافي العربي في الميدان التابع أساساً لمديرية ثقافة دمشق فمديرية ثقافة الريف هي ضيفة لا أعلم إن كانت ثقيلة أم لا.. يضحك ويتابع: نشكر إخوتنا في مديرية ثقافة دمشق لأنهم أعطونا هذه الفسحة يوم الثلاثاء لنقوم بأنشطتنا وقد تمكنا من استقطاب الكثير من الخامات الحقيقية لفنانين ومحبين للثقافة وبناء على رغباتهم أضفنا بعض الأنشطة واتجهنا باتجاه تأطيرها ضمن فعاليات مستقلة. وعن توزيع النشاطات قال المطرود: عادة نبدأ بنشاط للأطفال من التاسعة والنصف صباحاً حتى الثانية عشرة ليأتي نادي الاستماع الموسيقي مساء، واليوم مثلاً كانت البداية بفعالية للأطفال من خلال فيلم سينمائي وكون اليوم يصادف اليوم العالمي للبيئة فقد قمنا بالتنسيق مع خبراء في تجمع الجالية السورية في فرنسا لنستفيد من تخصصهم في بلاد الاغتراب وربطنا بين يوم البيئة العالمي والملتقى وقمنا بعرض أفلام عن البيئة زودتنا بها مديرية شؤون البيئة بالإضافة إلى محاضرة حول صحة الإنسان وحماية طبقة الأوزون ليأتي مهرجان الشعر الدائم الذي لا يتوقف كل ثلاثاء، فالغاية التي يسعى إليها الملتقى كما يؤكد المطرود هي تحقيق التلاقح والتفاعل بين الأجيال المتعددة في مجال الأدب والثقافة عموماً كون الأدباء والجمهور متعددي المشارب. وتوقف المطرود عند الجيل الشاب الذي يستقطبه الملتقى مؤكداً أن هذه البراعم الشابة التي تتفتح بحاجة لرعاية بالإضافة لذلك هناك نادي الريف السينمائي الذي يقدم من خلاله فيلم سينمائي هادف ويقوم المخرج بشار دهان بالتعليق على الأفلام ويسعى لإظهار الرابط بينها وبين الأزمة. وهناك أيضاً نادي الاستماع الموسيقي ومن خلاله يتم استقطاب فنانين حقيقيين وخامات لمواهب شابة ليكون رداء الدولة الوطنية هي من يظلل هؤلاء جميعاً.
وأكد المطرود على سعي الملتقى للمساهمة في تأهيل المجتمع السوري انطلاقاً من الأزمة وكونه هو شخصياً من بين الذين ساهموا في إعداد الخطة الوطنية للصحة النفسية في سورية فقد اعتبر أن موضوع إعادة تأهيل المجتمع السوري يجب أن تكون لكل الشرائح لكن الأساس هي شريحة الأطفال أولاً ومن ثم فتح منابر للنخب الموجودة وتأطيرها ضمن الحالة الثقافية الوطنية العامة ومن ضمن الخطة التي تتبعها مديرية ثقافة الريف البحث عن معادل موضوعي للملتقى في مناطق الريف الأخرى، ويتم حالياً إنشاء منتدى ثقافي في كل منطقة ثقافية ومنذ فترة أطلقنا منتدى الريف الثقافي في أشرفية صحنايا والآن نعمق الملتقى الثقافي في جرمانا ونحن بصدد إنشاء منتدى ثقافي السيدة زينب وهكذا ستكون هناك منتديات تجمع النخب الثقافية وتعطيهم منبراً ليمارسوا إبداعهم، كما أن ذلك سيحصنهم من ملتقيات مشبوهة تطلق تحت مسميات ثقافية فالرداء الوطني هو ما تسعى المديرية لتعميمه على الجميع، وعن مدى رضاهم عما أنجزوه قال المطرود نحن راضون عما فعلناه لكننا لن نكتفي لأن هناك المزيد لنقوم به ونحن نشكر وزارة التربية مديرية تربية ريف دمشق لتعاونهم معنا فبعد خروج أحد المراكز الثقافية عن الخدمة نتيجة الأعمال الإرهابية أعطونا المدارس كمراكز ثقافية وهناك مجموعات أهلية نشبك معها كمجموعة “وطن شرف إخلاص” ذات المشاركات الكثيرة ونحن جاهزون للتعاون مع كل من يقول أنا سوري ويعمل لمصلحة وبناء الوطن.
الكلمة أشد من الرصاصة
وكعادته يحرص الشيخ أحمد العمري رئيس لجنة المصالحة الفلسطينية على حضور الفعاليات الثقافية المتنوعة ولدى سؤاله عن أهمية هذه النشاطات في الفترة التي نعيشها توجه بالشكر العميق لكل المسؤولين عن هذه النشاطات لأنها برأيه نشّطت الثقافة الفكرية والاجتماعية في مراكزنا الثقافية من هنا يتوجب علينا أن ننمي ونرعى مثل هذه المجالس لننشر الفكر النير المشرق الذي لطالما عرفت به بلاد الشام لأن وقع الكلمة أشد من الرصاصة، واكد العمري عن أهمية نشر الفكر المعتدل لمواجهة الفكر الإرهابي المتطرف الذي يأتينا من الخارج والبعيد عن ثقافتا.
احترام عقل المشاهد
ويشرف المخرج بشار دهان على النادي السينمائي الذي يقام ضمن الملتقى وقبل حديثنا معه كان يتابع أحد الأفلام ويضع ملاحظاته فكان لابد لنا من سؤاله هل تلك عملية رقابة على الفيلم فابتسم ليؤكد أنها ليست رقابة بمقدار ما هي احترام لفكر الناس الذين سيشاهدون الفيلم وكان من المقرر عرض فيلم “ماري أنطوانيت” لكن دهان استعاض عنه بفيلم كفر قاسم معتبراً أن الفيلم الأمريكي قدم أنطوانيت وكأنها ملاك وأغفل السلبيات لأنها وقفت مع أمريكا في حربها، أما فيلم “كفر قاسم” فهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما ويتحدث عن قرية كفر قاسم التي تمثل صورة مصغرة عن فلسطين وما يحدث فيها موت ودمار على أيدي الصهاينة.
وعن الخطة التي يتبعها دهان في مجال عرض الأفلام قال: خطتي تقوم على التناوب في عرض الأفلام السورية والعربية والأجنبية لإعطاء فرصة للناس للاطلاع على السينما التي أعتبرها تضم كل الفنون الأخرى من رسم ونحت وعمارة وأدب وأتمنى ألا يتم التعامل معها كسلعة من منظور جشع التجار من المنتجين الذين اتجهوا للدراما لأنها تسوق خلال شهر رمضان المبارك أما السينما فمردودها يحتاج لوقت أطول ليظهر وأتمنى من السينمائيين العمل على السينما ليعود ألقها، وممن يعملون في مجال الدراما التلفزيونية أن يحترموا عقل المشاهد وألا ينسوا أنهم يدخلون البيوت دون استئذان ويقدموا أفكارهم وطروحاتهم لأبنائنا.
حضور للجمعيات الأهلية
وللجمعيات الأهلية حضورها الدائم في النشاطات التي تقيمها مديرية ثقافة الريف هذا ما أكدته لنا السيدة سوسن جرير رئيسة مجموعة “وطن شرف إخلاص” التطوعية التي تضم شباب وفتيات محبين للوطن وقائده، وقد بدأ نشاط المجموعة مع بداية الأزمة وتجلى عبر عدة نشاطات اجتماعية ووطنية وإنسانية، ونوهت جرير إلى أهمية التشاركية التي تقوم بين المجموعة التطوعية ومديرية ثقافة ريف دمشق التي فتحت أبواب مراكزها لإقامة النشاطات.
حضور الشعر
وكالعادة لم يغب الشعر عن ملتقى الثلاثاء حيث قدم المشاركون قصائد حملت الوطن بين جوانحها ومن الشعراء الذين شاركوا صالح الصالح – خالد الأسعد – سوسن رجب – ماهر محمد – سامر منصور وعمر قريشة وفي وقفة مع المشاركين أكدت الشاعرة والقاصة سوسن رجب أن مديرية ثقافة ريف دمشق كانت سباقة في إقامة مهرجان أسبوعي دائم للشعر وأعربت عن سعادتها بهذا النشاط كونها تكتب القصة والشعر وكوننا في هذه المرحلة العصيبة من بلادنا بحاجة لأن توازي الكلمة الايجابية بالقوة فعل الرصاصة. وهذا يشير إلى أن هذه الأمة ستبقى ناهضة طالما أن سورية تقوم بدورها كضامن للوجود والقومية العربية.
خانوا سورية
أما الشاعر الشيخ خالد الأسعد عضو المجلس المركزي لشيوخ القبائل والعشائر العربية فلم يخف سعادته بالدعوة التي وجهت إليه للمشاركة رغم أنه لم تمض فترة طويلة على استشهاد شقيقه على يد الإرهابيين وخلال حديثنا معه أكد الأسعد أن أغلب قصائده اليوم ستكون وطنية وكونه ابن الجولان فقد اختار قصيدة عنه وهناك أيضاً قصيدة عن الحكام العرب الذين خانوا سورية التي احتضنت العرب سابقاً لكنهم للأسف خانوها وتآمروا عليها مع حلفائهم الأمريكان والصهاينة معتبراً أن هذه المهرجانات مهمة لأنها تسهم في المحافظة على الهوية والثقافة والتاريخ العربي.
جهاد ضد الإرهاب
وبدوره رأى الشاعر سمير خلف من مجموعة “وطن شرف إخلاص” ومشارك دائم باسم المجموعة في مهرجان الشعر كل ثلاثاء أن إقامة هذه الفعاليات الثقافية والمشاركة فيها جزء مهم من الجهاد الذي يتم على جبهات القتال ضد الإرهاب كون هناك هجمة ثقافية تستهدف وجودنا، فالدفاع عن بلدنا لا يقتصر على السلاح فقط بل على الثقافة أيضاً.
البيئة والصحة العامة
وبالتعاون مع مديرية شؤون البيئة ضم الملتقى كذلك ندوة بعنوان “البيئة والإنسان وحماية طبقة الأوزون وتأثيرها على الصحة العامة” تحدث من خلالها الدكتور أسد الأطرش عن حماية البيئة باعتبارها مصدر غذائنا والمياه التي نشربها والهواء الذي نتنفسه، فالطقس يكفل لنا إمكانية الحياة، والتنوع البيئي هو مصدر ممكن لدوائنا. ورأى الأطرش أن حماية البيئة هي الحفاظ على استمرارية الحياة ومستقبل الإنسانية، وهي عبء على كل فرد من أفراد المجتمع، فحماية البيئة تعني حماية غذائنا وهوائنا، والأوزون هو “الدرع الذي يقينا من الإشعاعات الكونية” وأي تلوث لهذه البيئة يطال كل العناصر الأخرى ويسبب لنا الأمراض والتشوهات الخلقية.
حماية البيئة
ونوه الأطرش إلى أن حماية البيئة تكون بوقاية الهواء من التلوث والحفاظ علي هواء نقي هو الحفاظ على صحة جيدة وملوثات الهواء كثيرة منها ما هو طبيعي مثل التخمرات لبقايا الأحياء والنباتات التي تنشر غازات سامة، وكذلك حماية البيئة تكون بالحفاظ على المناخ الذي يعتبر أحد مقومات الحياة فأي تغيير سريع للمناخ يمكن أن يهدد جدياً الحياة وكذلك لابد من الحفاظ على الثروة الزراعية والحيوانية ومصادرها وحماية هذه المصادر من التلوث هي الكفيلة لصحة المجتمع.
الطب الطبيعي و البيئة
ولا يمكننا أن نعزل الإنسان عن البيئة فالتأثير متبادل والتعايش والاندماج بشكل ودي وفعال مطلوب -كما أوضح الأطرش- وتأثير الطبيعة على الأحياء واضح من خلال دراسة الأحقاب الجيولوجية والعكس صحيح من خلال دراسة التأثيرات الناجمة عن النشاط الإنساني على الطبيعة من جهة الاحتباس الحراري وتهتك طبقة الأوزون، ونحن اليوم نعلم بأن إتلاف طبقة الأوزون غير العادية ناجمة حصراً من اثر النشاط الإنساني وهنا تكمن مسؤولية كل فرد في المجتمع تجاه الأجيال القادمة، وبما أن الطب الطبيعي علم وفن قائم على الملاحظة ومتابعة النتائج الناجمة عن تصرفات وعادات تساهم بشكل فعال بصحة الإنسان، فمن خلال المبادئ التي يتعاطاها في العلاج بالطرق الطبيعية والفيزيائية والطاقة والروحانيات وغير ذلك من طرق العلاج الطبيعي، التي لا تنتج أي مادة ضارة بالأوزون يمكن أن يساهم في حماية البيئة.
التلوث البيئي
ومن المشاركين في الندوة الخبير عادل مرعي مهنا الذي أشار في مداخلته إلى تلوث الهواء وأضراره على صحة الإنسان والبيئة وأضرار التدخين والنفايات التي تلوث البيئة، واعتبر الضجيج من اخطر أنواع التلوث ونوه إلى ضرورة ممارسة حضارتنا وتصحيح علاقة الإنسان مع البيئة والدفاع عنها، فاليوم العالم أجمع مهتم بحماية البيئة من أخطار التلوث،
فعالية الطب الأصيل
ورأى مهنا أن الطب الأصيل ليس بديلاً عن الطب وذكر بعض الحالات التي تم علاجها بالطب الأصيل، ومنها حالات سرطان عالجها مهنا بالوخز بالإبر ونجح 90% منها وهناك الكثير من الوثائق التي تثبت فعالية العلاج بالطب المكمل وكذلك العلاج بلسعات النحل، وأكد مهنا على تأثيرات علم الباراسيكولوجيا الإيجابية فكل شخص لديه طاقة ولديه خوارق، ولدى كل إنسان جهازي إرسال واستقبال ويمكن أن نتواصل بدون كلام.
وأضاف مهنا: من المدهش أهمية الأًصابع في بناء وتطوير الدماغ وعلاقتها في تنميته ولولا الحساسية في نهاية الأصابع لما وصل الإحساس من خلال اللمس وهذا له أهميته في نمو العلاقات الاجتماعية، وذكر مهنا الجانب السلبي للأشعة غير المنظورة فعلى الرغم من كونها تفيد في العلاج وفي كشف الأمراض، لكنها تقتل مع الخلايا السرطانية أخرى سليمة والأطباء يحذرون من التعرض الكثير للأشعة.
المراكز الثقافية ومهارات التواصل
وعلى هامش الملتقى تقيم مديرية الثقافة في ريف دمشق دورة تدريبية لرؤساء المراكز والمناطق الثقافية في مجال مهارات التواصل وكان لابد من بعض اللقاءات لإلقاء الضوء على هذا الجانب وكان لقاؤنا الأول مع مدير المركز الثقافي في الهيجانة إبراهيم محمد سعيد الذي أكد أن عمله يقتضي منه تقديم الأفكار والمعلومات من خلال المحاضرات والندوات وخصوصاً ما يتعلق بشرح الوضع الذي تعيشه بلادنا في هذه المرحلة من الأزمة وما تتعرض له من هجمة شرسة من دول أرادت القضاء على دور سورية كدولة وقفت ضد الإرهاب وعن الدورة المتبعة المقامة قال سعيد: تهدف هذه الدورات إلى تمكيننا من مهارات التواصل وطرق الإلقاء والأساليب الواجب إتباعها لتشجيع الناس على حضور النشاطات الثقافية والمشاركة فيها.
الاعتماد على لغة الجسد
أما محمد عصام التقي رئيس مركز ثقافي الديماس فقد أكد أن الغاية من الدورة تأهيل رؤساء مراكز ثقافية قادرين على التواصل مع الآخرين بنجاح وايجابية من أجل تقديم ما هو مفيد للآخر، وتعتمد هذه الطريقة على التواصل بلغة الجسد من خلال الإيماءات والحركات والمشاعر وأكد التقي أن الدورة ممتازة كونها عرفت المشاركين على الصفات الواجب توافرها في المحاضر بشكل يجعله قادراً على إيصال المعلومة للمتلقي.
وعن انطباعه عن الدورة أكد مهند الرفاعي رئيس المركز الثقافي في جديدة الخاص أن الدورة مفيدة خصوصاً بالنسبة للعاملين في المجال الثقافي لأنها تقدم معلومات عن صفات الشخصية القيادية والإدارية والوسائل والسبل التي نستطيع من خلالها التواصل مع الآخرين لجذبهم إلى المراكز الثقافية وتشجيعهم على التفاعل خصوصاً أننا نعاني دائماً من قلة الحضور، وأتمنى أن نعمم هذه الدورات على كل العاملين في المجال الثقافي.
جلال نديم صالح – لوردا فوزي