ثقافة

من قاموس الأحزان في هذا العالم!

أكرم شريم
على الرغم من أن الحزن أنواع؛ وقد يبدو من الصعب حصرها وحصر أسبابها المباشرة منها وغير المباشرة، وفي كل مجال وعند كل الفئات والأعمار، وبحيث يمكننا تأليف قاموس عن الحزن بكل أبعاده وأنواعه وأسبابه، بل وأزمانه وأمكنته في هذا العالم، ونسميه حال نطبعه ونوزعه لكل باعة الكتب وفي كل المكتبات: قاموس الأحزان!.
على الرغم من ذلك، فقد يوجد حزن عام على أمر يمت بصلة إلى المصلحة العامة!. أو إلى فئة نعرفها ونشعر بمعاناتها عن بعد، أو أخرى لا نعرفها ولكن تساورنا حيالها مشاعر الحزن ذاتها!. وما أكثر مشاعر الحزن التي تعيشها البشرية هذه الأيام بحيث أصبح يأتيك ما يحزن، وكما يقولون (مثل زخّ المطر)! وهو هنا مطر عالمي، وباستمرار، ولا يعرف انقطاعاً لا في صيف حار أو بارد ولا في يوم جميل أو ساعة سمر!.
ولكي نهرب من خيمة الحزن الكبيرة هذه التي نصبناها فوقنا، اتبعوني إلى الخارج حيث الفضاء الحر الوسيع، فضاء الله في كل مكان من هذا الكون لكي نتحدث هنا عن نوع جديد من الحزن، صحيح أنه موجود سابقاً ودائماً ولكنه قد يكون قادراً على تحريك مشاعر الجميع لأنه ليس فيه طرف ضد طرف مما يثير السعادة عادة عند طرف, والطرف الآخر يعيش في حالة حزن سديم!. والحزن العام بالمناسبة، هو حزن حقيقي، ومهما ظهر لنا كثير الأحزان أو قليله، فهو في الحقيقة من الحزن الخالص، وغالباً ما يكون على قضية عامة، أو موضوع هام وعام أيضاً!. وسنختار اليوم موضوعاً بسيطاً من قاموس الأحزان في هذا العالم، أو لنقل من خارجه، وفي الوقت نفسه قد لا يلفت نظر أحد ولا يشغل بال أحد في حياتنا اليومية الاعتيادية، مما يؤسف له!.
نعم!.. إنني أعرف العشرات منهن.. فلقد قضين حياتهن يحصّلن العلم وحصلن على أعلى الشهادات، وهن حين توظفن كن حريصات كل الحرص على عملهن وفي كل تفاصيل عملهن (ومن المعروف في علم النفس أن المرأة تهتم بالتفاصيل أكثر من الرجل) حتى تدرجن بالمعرفة والخبرة ومتابعة كل صغيرة وكبيرة في عملهن، إلى أن صرن من الخبيرات القليلات بل النادرات من بين كل الرجال والنساء في هذا العمل!.
إذن فهن متعلمات وخبيرات أيضاً!.
وقد كان عملهن هو الشاغل الكبير والأكبر في حياتهن لدرجة أنهن تجاوزن الخمسين من العمر أو الخامسة والخمسين عتبه التقاعد، ولم يخترن الزواج أو يوافقن على الزواج، لأنه ليس من المعقول أن تصل المرأة المتعلمة والخبيرة إلى سن الخمسين ولا يطلب أحد يدها، إذن فهن لم يخترن ولم يوافقن على الزواج، بل أخذهن العمل وشغلهن كلياً، وحرص المرأة معروف حين تقوم بعملها أو أي عمل، وهكذا نستطيع أن نقول أخيراً، وبسبب حرصهن على العمل الوظيفي وإخلاصهن في هذا العمل، وصلن إلى هذه السن دون أن يتزوجن أو ينجبن أي دون أزواج ولا أولاد!. وهكذا فإن حبهن لعملهن وإخلاصهن فيه هو السبب الرئيس لعدم الزواج والإنجاب!. ونستغرب هنا ويصل استغرابنا إلى أعلاه حين نسمع أنهم يعطون المرأة في دول أوروبية أجراً أقل من الرجل، ويظل يرتفع استغرابنا من هذا حتى يصل إلى مستوى أعلى الأبراج في العالم بل لربما يصبح استغرابنا هذا هو البرج الأعلى في العالم ومدى حياة الحياتين ودهر الداهرين آمين!.
فما أعظم حظك أيتها المرأة الشرقية وما أحلى حياتك وأنت تتمتعين بهذا الاحترام الكبير والتقدير الكبير من كل من يراك أو يعرفك أو يعاملك وفي كل مكان تتحركين فيه أو تكونين!. وهكذا تكون النصيحة اليوم وتحديداً إلى الأهل والأقارب ألا تتركوا المرأة وحدها مع إخلاصها في عملها، لأن إخلاصها في عملها صادق ولا حدود له بحيث يمكن أن يجعل عملها يأكل عمرها فلا تتزوج ولا تنجب في وقت نحن بأمس الحاجة فيه وكمجتمع، لأبناء هذه المرأة المتعلمة والخبيرة والكبيرة في حياتنا وحياة كل المجتمعات وعلى عكس ما يخطط ويعمل له أعداؤنا وأعداء الشعوب!.