بين قوسين الصناعات الحرفية…
لا تزال الصناعات الحرفية تعاني الكثير من الصعوبات التي تقف في وجه عملها، والتي ازدادت حدة في ظل الظروف الراهنة، حيث تأثر عمل الحرفيين بالكثير من الآثار السلبية الناجمة عن الأزمة، والتداعيات التي عصفت بمقدّرات الوطن واستهدفت أسس صموده وبنيته التحتية…
وباعتبار أن هذه الحرف حجر الأساس في دعم بنية الاقتصاد الوطني، إضافة إلى إسهامها في توفير فرص عمل لمئات الآلاف من العمال، وتوفير مصدر رزق لهم ولأسرهم، فإن هذه الحرف التي تسهم بـ60٪ من المنتجات الصناعية، بحاجة إلى المزيد من الاهتمام والرعاية الكافية لمساعدتها على تجاوز المعيقات، والانطلاق من جديد نحو أداء الدور المطلوب منها في تحقيق التوازن الاجتماعي، ورفد الناتج الوطني بإسهامات مهمة جداً…
وهي فرصة لتذكير الجهات المعنية، بضرورة اغتنامها لتوجيه بوصلة العمل نحو تنمية قطاع العمل الحرفي في سورية، وتطويره، وترسيخ الدعم اللازم له باعتباره ركيزة أساسية للصناعة الوطنية.
ولا بد من العمل ضمن سياسة تشجيع وتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة، من الارتقاء بالعمل الحرفي إلى المستويات المطلوبة والنهوض بمشاريعه، ودراسة مشكلات الحرفيين بعناية ودقة واهتمام، والعمل على إيجاد الحلول لها، من خلال اتخاذ الإجراءات التي من شأنها الإسهام في حل المعيقات، بدءاً من ضرورة النظر بالرسوم والضرائب، وخاصة على المهن القديمة، مروراً بمنح التراخيص الإدارية، وتسهيل عمليات استيراد المواد الأولية، وانتهاءً بالعمل على إيجاد الأسواق الملبية لتسويق المنتجات الحرفية، وتخفيض كلف الإنتاج، والوصول بكل هذا إلى توفير المناخ المناسب لمساعدة هذه الشريحة على تجاوز الآثار السلبية للأزمة الراهنة، وإعادة الألق إلى الكثير من الصناعات الحرفية العريقة…
كما لابد من إعادة دراسة التوزع الجغرافي لهذه الحرف والمهن الصغيرة والمتوسطة على المناطق والمدن السورية كافة، وعلى الأخص الأرياف والأشد فقراً منها، من أجل بناء نواة لمشاريع تدرّ دخلاً وتشغّل أيادي عاملة، وتعين آلاف الأسر على مواجهة متطلبات المعيشة القاسية…
والأهم ترسيخ خطط العمل الحالية والمستقبلية المستهدفة هذا القطاع، لتجاوز كل الآثار السلبية وصعوبات العمل التي أربكت عمل الكثير من الحرفيين، وأجبرت عدداً منهم على إيقاف أعماله لعدم قدرته على الاستمرار، بالإضافة إلى ترسيخ عوامل التطوير اللازم للحفاظ على هذه المهن والحرف اليدوية التي اشتهرت بها سورية على مدى سنوات طويلة، وتحسين واقع عملها ورفدها بالإمكانات اللازمة للاستمرار والصمود في وجه الصعوبات التي تواجهها….
محمد الآغا